تصريحات سلفا كير واستعداده للتنحى شريطة ان يكون مهراً للسلام والاستقرار فى جنوب السودان الذى مزقه الحروب والصراعات القبلية، هذا يشي إلى أن الموقف يزداد سوءاً فى دولة الجنوب حسب ما ورد فى حديث المحلل السياسى البروفيسور عوض السيد الكرسنى قائلاً لـ «الإنتباهة»: تلك التصريحات برأيي خطوة تكتيكية فقط ولا يعني سلفاكير التنحى لأن هذا الشيء يفرضه توازن القوى السياسية فى الجنوب، اضافة الى انه لا يملك ان ينفذ قرارات من نفسه مثل اخراج القوات اليوغندية من الجنوب، بالتالى يأتى مباشرة دور المجتمع الدولى وسيطرته على زمام الامور من خلال قبضتهم الحديدية بدولة الجنوب، لذلك تنحى سلفا كير يجب أن يقرأ من خلال ثلاث زوايا، اولاً يعد خطوة استباقية وتكتيكية كما اسلفت فحواها الوصول الى حل سلمى بغية الخروج من ورطة الحرب، وهذا لا يعنى ان الاستقالة كانت نيته خاصة ان الحرب الآن بالجنوب افرزت واقعاً جديداً ومريراً بين مكونات قبلية، وأضاف بروف الكرسنى قائلاً: من ناحية أخرى دولة الجنوب والرئيس سلفا كير الآن يعانيان ويمران بمرحلة ضعف وأقل ما نصفه بها بالمرحلة الأخيرة خاصة بعد خروج ثروة النفط خارج نطاق سيطرته والحيلولة دون الاستفادة منه سيما فى واقع يقوم فيه المجتمع الدولى بفرط وقف اطلاق النار مع العقوبات الاخرى، مشيراً، أي الكرسني، إلى أن هذه الخطوة تتطلب موقفاً اقليمياً ومن ودول الايقاد ايضاً، وذلك من سابع المستحيلات.
ومن ناحية أخرى الأمر لا يُقاس بحسابات الهزيمة او الانتصار لغريمه مشار، هذا ان كان ينوى بالفعل التنحي بقدر ما هو نكسة، لأن الجنوب الآن يتمزق الى اشلاء وتتناثر وحدته ومكوناته الاساسية، وكما اسلفت يعد نكسة حقيقية لمشروع بناء دولة الجنوب، اما بصدد تأثير السودان فى حال تنحى سلفا كير حتما هذا الامر سيلقي بظلاله سلبا على السودان فى الوقت الراهن، خاصة من خلال الاتهامات المُوجهة للسودان من قبل المتمرد مشار بدعم السودان ومد سلفا كير بالاسلحة والعون ضد غريمه مشار.
وفى السياق نفسه توافق رأي المحلل السياسى البروفسير حسن الساعورى مع رأى بروف الكرسنى الى حد ما، مؤكداً من خلال حديثه لـ «الإنتباهة» قائلاً: الحديث عن تنحى سلفا كير فى الوقت الراهن يعد مناورة سياسية فقط ولم يكن حقيقة او فى نيته التنحى، لذلك رأى سلفا كير الترويج لتلك الفكرة حتى تهدأ الامور قليلاً، خاصة ان مشار يتقدم كل يوم اكثر فأكثر، حتى تتوقف الحرب وينحسر زحف رياك مشار الذى ظل يحتل مدينة تلو الاخرى، وأضاف الساعورى قائلاً: فى ظل تسارع الاحداث وحمى وطيس الحرب والاقتتال فضل سلفا كير اقتراح التنحى المزعوم سيما التنحى افضل بكثير من الهزيمة وهذا ما لا يريده سلفا. وافترضنا جدلا وتم تنحيه فهذا يعنى ان اتباعه قد يجدون فرصة فى حكومة رياك مشار الجديدة وهذا يعنى امتداد حكم الحكومة السابقة ببقاء اتباعه الموجودين ضمن التشكيل الجديد، وهذا فى حد ذاته مناورة وتكتيك. هذا جانب، اما من ناحية اخرى وهو المجتمع الدولى الذى دائما نجده يميل ويناصر الاقوى سواء أكان مشار ام سلفا كير، اما الاتحاد الافريقى فى حال انتصر رياك مشار على سلفا فهو لا يعترف بتولى مشار السلطة ولا يقبل به رئيساً للجنوب لكون الحرب الذى دارت بينهما تعد حرباً اهلية ولا تفضى الى استقرار السلطة والحكم. واضاف الساعورى قائلاً: اما بصدد علاقة الشمال بالجنوب ومدى تأثيره فى كل الجوانب خاصة على خط أنابيب البترول ربما لا يكون هناك تأثير فى كل الاحوال ومع تعاقب الحكومات، لأن هذا الامر محسوم وفق الاتفاقيات والبروتوكولات الموقعة بين الدولتين قبل الانفصال. ولا يوجد اختلاف فى هذا الأمر اطلاقاً، وكل ما نخشاه هو الاختلاف فى مسألة الحدود بالنسبة لمشار وقد تحدث بعض الإشكاليات، أما مسار الأحداث فى أبيي فقد يتغير تماماً ويصبح رياك مشار أكثر مرونة فى التعامل بشأن هذه القضية من سلفا كير نسبة لانحسار سلطة الدينكا فى أبيي، وتصبح سلطة النوير هى المرجحة وكما نعلم حساسية الوضع بين القبيلتين.
صحيفة الإنتباهة
فتحية موسى السيد
ع.ش