خالد حسن كسلا : «الجنوب» والمنظمة الحقيرة وقبض «باقان»

قوات الأمم المتحدة في جنوب السودان، كان مُعلناً أنها لحفظ السلام. ويُفهم بهذا أن الأمم المتحدة كمنظمة دولية حريصة على ألا يُنسف الأمن والاستقرار في أية منطقة بها قواتها التي تحمي السلام. لكن الواقع يقول غير ذلك، فواشنطن التي تعتبر هذه القيادة العليا لأية قوات تابعة للأمم المتحدة في أية منطقة من مناطق العالم الثالث والتي تهدد دوله بالضغوط إذا ما هي رفضت استقبال القوات الأممية، هي بالطبع وبحكم كل هذا النفوذ قادرة على أن تحسم أية نزاعات يمكن أن تتطور إلى كارثة أو أن تضع الدولة على حافة الكارثة، كما وصفت الأمم المتحدة بذلك دولة «الجنوب». فقد جاء في آخر أخبار المنظمة الدولية أن المفوضة العليا لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة يوم الأربعاء الماضي قد حذرت من أن جنوب السودان أصبح على حافة الكارثة بعد المذابح الشهيرة التي شهدتها جوبا. وهكذا يأتي التحذير من شيء قد وقع بالفعل، فإن جنوب السودان يعيش الكارثة تماماً وقد تجاوز مرحلة الوقوف على حافتها. ثم تقول المفوضة نارفي ببلاي بعد ذلك، إنها تزور جنوب السودان بتفويض خاص من مجلس الأمن. هكذا دائماً زيارات الأمم المتحدة الميدانية تأتي بعد وقوع الكوارث وسقوط آلاف الضحايا، ودونكم مجازر البوسنة والهرسك في أوروبا والهوتو والتوتسي في إفريقيا. ويرافق المفوضة بيلاي المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون تجنب الإبادة آداما دينق. وكان الأحرى أن يسمّى لشؤون تجنب المزيد من الإبادة التي حدثت، فهو قد أتى بعد حدوث الإبادة، وكانت الأمم المتحدة قد وصلت إلى البوسنة وإلى رواندا بعد وقوع مجازر الإبادة العنصرية.

وطبعاً مثل هذا المستشار الخاص كان ينبغي أن يهتم بمشكلة الجنوب الأخيرة منذ تمرد مجموعة مشار، فهو مفترض فيه أن يكون مؤهلاً لمعرفة توقعات ما يمكن أن يحدث في بعض دول القارة حينما تبدأ خلافات في عواصمها مثل التي نشبت في جوبا وكانت هي شرارة الكارثة التي تعيشها الدولة الجديدة. هل يمكن بعد ذلك أن نرى الأمم المتحدة جديرة بالاحترام؟! أم بالاحتقار؟!.. ألا تستحق اللعنة من شعوب القارة الإفريقية وغيرهم من الذين اكتووا بنار النزاعات وهي تشاهد مشاهد الإبادة والحرق. إن الأمم المتحدة «مشاهد».. وليست «منقذاً». ولا ينبغي التعويل عليها .. فهي سيف صياغة قرارات مسلط على المستضعفين. تضغط على الحكومات الوطنية التي تسعى لحماية الأمن والاستقرار. وتتغاضى عن سلوكيات الكيان الصهيوني ضد أهل الأرض. إن بيلاي جاءت إلى جوبا لتتحدث عن كارثة وقعت ولكن لماذا يصحبها المستشار الخاص لشؤون تجنب وقوع الحادثة بعد وقوعها؟! منظمة بالجد حقيرة.

أمر قبض يا باقان؟!

في مفتتح سرده لما تعرض له قبل اعتقاله حكى الأمين العام السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان الذي انفصل عنه جنوب السودان، حكى عن الحوار الذي دار بينه وبين القوة التي اقتحمت منزله، والتي تتبع لما يسمّى كتيبة التايقر. وقال إنه وجه إليهم سؤاله: «من الذي يقودهم وهل لديهم أمر قبض؟!».

باقان في تلك اللحظة يسأل عن أمر القبض، وطبعاً هو إجراء قضائي يقتضيه سير العدالة، لكن دولة جنوب السودان التي تحكمها الحركة الشعبية لا تعرف إجراءات سير العدالة. ولا أدري كيف استطاع باقان أموم أن يستحضر هذه العبارة القضائية أو النيابية «أمر القبض»؟!

فهم أهل اعتقال و اغتيال. قد اعتقلوا تلفون كوكو دون أمر قبض يصدره قاضٍ مدني أو عسكري.. ليمثل أمامه ويحاكمه، فإما أدانه ومنحه فرصة الاستئناف وإما برأ ساحته واستأنف فريق الاتهام.

ويقول باقان ظننت أن لهم نية سوداء لمحاولة قتلي. فهل تذكر باقان اغتيال مريم برنجي لأنها تنتمي إلى المؤتمر الوطني؟! الآن دعونا نتعامل مع «باقان الجديد» بعد فشل مشروع السودان الجديد. والعقبى لعرمان الجديد بعد انهيار الأمن في دولة الجنوب. إننا في مرحلة اتعاظ أولاد قرنق.

صحيفة الإنتباهة
ع.ش

Exit mobile version