محمد حسن مصطفى: دُوَلٌ مُرَاهِقـَة

هُنالكَ (دُوَلٌ) لَمْ تـَرْتـَق بَعدُ؛ لَمْ تـَنضُجْ (مَدَنِيَّاً) لِيَصِحَّ فِيهَا وَصْفُ الدُوَلِ! وَ لا غَرَابَة؛ فأكثـَرُ الشُعُوبِ (قـَبَائِلٌ) تـُوَحِّدُهَا وَ تـُفَرِّقـُهَا أنْسَابٌ وَ ثـَارَاتٌ وَ (قـَبَائِلٌ)!
وَ لِمَنْ سَيُنكِرُ الأسْطُرَ السَابِقـَةَ مُتَمَثِّلاً بالغَربِ وَ الشَرقِ حَيثُ تَندُرُ القَبَلِيَّةُ؛ نَقُولُ: أنَّهُمُ شُعُوبٌ يُفَاضِلُونَ فِيمَا بَينَهُمُ بأصَالَةِ الإنتِمَاءِ وَ نَقَاءِ العِرق وَ الدَمِ فِيهِمُ وَ مَنهُمُ! لكِنَّ أوضَحَ وَ أهَمَّ الأمثِلَةَ عَلى كلامِنا هِي (قـَارَةُ أفريقِيَا) بُركانُ القَبَلِيَّةِ الثـَائِرُ دَائِمَاً! فـَبرَغمِ تَعَدُّدِ الأديَانِ فِيهَا؛ لَمْ يَسْتَطِعْ أيُّ تَجَمُّعٍ دِينِيٍّ أوْ وَثَنِيٍّ فِيهَا أنْ يَعْزلَ أوْ يُهَمِّشَ أوْ حَتَّى (يُرَوِّضَ) النَزعَةَ القـَبَلِيَّةَ فِيهَا! وَ لِعَجزِ أهلِهِ وَ سُوءِ فَهْمِهِمُ لهُ وَ تَطبيقِهِ فِيهِمُ وَ بَينَهُمُ حَتَّى الإسْلامَ سَقَطَ بِهِ المُنتـَسِبُونَ إليهِ فِي مُسْتَنقَعَاتِ القَبَليَّةِ المُنتِنَةِ!
وَ الأمثِلَةُ تَكثُرُ (هُنا) .. أفريقِيَا؛ صِرَاعَاتٌ وَ حُرُوبٌ وَ (إنقِلابَاتٌ) لا عَلاقةَ للدِينِ بِهَا وَ إنْ سُوِّقَ فِيهَا وَ مَعَهَا لأغرَاضٍ (مَا)! فالأمْرُ لنْ يَتَجَاوَزَ (نِزَاعٌ قَبَلِيٌّ) عَلى الحُكمِ وَ الأرضِ وَ الثـَرَوَاتِ.. عَلى (السُلطَةِ)؛ (مَنْ) يَحكُمُ (مَنْ)؟! وَ لِمَاذا يَحكُمُنا ذاكَ ال (مَنْ)؟! وَ نَحنُ الأفضَلُ مِن كُلِّ ال (مَنْ)!
.. وَ العَالَمُ كُلَّهُ تَجتَاحُهُ (فَوضَى القَبَلِيَّةِ وَ الأعَرَاقِ وَ لَعَنَةُ ال (مَنْ)) !
فَكثِيرَةٌ (هِيَ) مَنْ (هِيَ) قَبَائِلُ جُمِّعَت فِي دَولَةِ مازالت فِي عُمُرِ الإنسَانِيَّةِ وَ الحَضَارَةِ عَالقَةٌ فِي (طَور المُرَاهَقَةِ) لا الدَولِيَّة ! الإسْتِعمَارُ غَرَّرَ بِهَا خَدَعَهَا؛ مَلَّكَهَا أمْرَهَا (إسْتِقلالاً) فَارغَ المَعنَى وَ (حُدُودَاً) بلا مَعنَى لأنَّهَا مِنْ قَبلِهِ كَانت وَ مَازالت (قَبَلِيَّةً)!
^

(2)-[أعيَادُ وَطَن!] وَ صِدقـَاً يُمكِنُ قِرَاءَةُ التـَاريخِ فِي (ألفِ مَعنَى وَ مَعنَى)!
هَا (نَحنُ) اليَومَ نَضْرِبُ أعْجَبَ الأمثِلةِ عَنْ (سُقـُوطِ أمَّة)؛ نَحنُ مَنْ (كـُنَّا خَيرَ أمَّةٍ) !
وَ عِندَمَا (مَسَخْنَا) أمْرَنَا مُنكرَاً فِي مُنكَرٍ فَسَدَ فِينَا الشَرعُ وَ العَدلُ وَ الخُلُقُ وَ النِعمَةُ! أمَّةٌ شَامِخَةٌ؛ دِينُهَا رسَالَةُ الحَقِّ وَ العَدلِ مِنْهَاجُ السَمَاحَةِ فُجِعَتْ بأبْنَائِهَا يُقِيمُونَ عَلى (أضْرحَتِهَا) المَوَالِدَ وَ الأعيَادَ؛ جَهْلٌ وَ فُجرٌ عَنْوَنَهُ (المُسْتـَعْمِرُ) لهُمُ وَ حَلاهُ إسْتِقلالاً وَ وَطَنَاً وَ حُرِّيَّةً!
فَمَا قِصَّةُ (قِيَامِ الدُوَلِ)؟
وَ هَلْ فِي أصْلِهَا وَ تَاريخِ النَشْأةِ وَ جُغرَافِيَّةِ التـَكوينَ الدَولةُ كانَتْ أمْ لَمْ تَكُن؟!
مَنْ سَبَقَ فِي الوُجُودِ مَنْ؛ النَاسُ أمِ الوَطَنَ ؟!
وَ هَلِ الوَطَنُ هُوَ (مَحَلُّ الذِكرَى) أمْ رَسْمُ الحُدُودِ عَلى الخَرَائِطِ وَ الجُدُر؟!
وَ الإسْلامُ هَلْ جَاءَ دَعْوَةٌ لإقَامَةِ دُوَلٍ وَ أوطَانٍ تـَجْعَلُ مِنهُ دُسْتُورَاً؛ أمْ هُوَ الدِينُ الرسَالَة للنَاسِ كافـَةً مُوَحِّدَاً وَ جَامِعَاً وَ سَبِيلاً؟!
نَحنُ فِي حَقِيقَتِنَا (دُويلاتٌ مَسخٍ مَشَوَّهَةٍ)؛ اُجْهِضَتْ قَـَسْرَاً مِنْ (رَحِمَ الأمَّةِ) تـَحْتَ فُجرِ المُسْتَعْمِرِ الرَابِضِ فـَوقـَهَا مُسْتَبِيحَاً غَاصِبَاً! وَ صَدَّقنَا بَعدَ سُقـُوطِنَا الكذِبَةَ؛ مَا سَوَّقـَهُ المُسْتَعْمِرُ بنَا (إسْتِقلالاً) تَحريرُ (دُويلاتُ أمَّةٍ)! فَتـَبَعْثـَرنَا هُنَا وَ هُنَاكَ نَتَخَبَّطُ نَبحَثُ عَنْ تَحَالُفَاتٍ نُوَثِّقُ بِهَا (نَسَبَ وُجُودِنَا) نُؤرِّخُهُ أمَّةً! بَعُدنَا عَنِ الإسْلامِ جَهِلنا بِهِ لَمْ نَعُدْ خَيرَ أمَّةٍ!
^

(3)-[ نَحنُ الفِتنـَة!] نَعَمٌ .. وَ مَنْ مِنَّا يَزعُمُ أنَّ أحَدَاً مِنَّا نَحنُ (دُويلاتُ الإسلامِ) يَعِيشُ الإسْلامَ مِنهَاجَاً وَ تـَشريعَاً وَ حَيَاةً وَ .. (حَقـَّاً)؟! هَلْ فِينَا مَنْ يُقِيمُهُ بلا ظُلمٍ بلا جُورٍ بلا فَسَادٍ وَ خَوفٍ وَ ذُعرٍ وَ جُوعٍ؟! هَلْ فِينَا دُوَلٌ تـَخَافُ اللهَ وَ اللهَ وَحدَهُ؟!
نَعَمٌ.. لا أحَدَ مِنَّا كامِلٌ؛ نَحنُ ملُسْلِمُونَ لكِنْ .. هَلْ فِينـَا (المُؤمِنُ)؟!!
مَابَالـُهَا رَوَائِحُ الفِتـَنِ وَ أنتَانُهَا فَاحَتْ بَينَنَا هُناكَ وَ هُنا؟! طَوَائِفٌ وَ مَذاهِبٌ وَ قبَائِلٌ تَلهَثُ تـَنبَحُ خَلفَ عَرَضِ الدُنيَا؟!
نَحنُ نـَنتَسِبُ للإسْلامِ بالوُلادَةِ فَقط! نَحْمِلُهُ فَوقَ ظُهُورنا (أسْفَارَاً)! فلا غـَرَابَة أنْ نـَأتِي نـُسَاومُ بهِ فِيهِ شـَرَائِعَ بَشـَريَّةً وَضِيعَةً وَضعِيَةً عُرفِيَةً دَولِيَّةً! شِرْكٌ بأنوَاعِهِ تـَسَرَّبَ فِينـَا تَشـَعَّبَ (كـُفرٌ) تـَأصَّلَ!
فـَهمُنـَا للإسْلامِ أنـَّهُ (عَادَاتٌ تَقـَالِيدٌ) نـُحَافِظُ عَليهَا تـُرَاثَ حَضـَارَةٍ كانـَتْ يَومَ أنْ كـُنَّا! حَالٌ يَسْتـَحِيلُ مَعَهَا النُهُوضُ بالأمَّةِ دَفعَةً وَاحِدَةً! كيفَ تَنهَضُ أمَّةٌ دُعَاتـُهَا يَتـَجَوَّلُونَ بجَوَازَاتِ أوْطَانٍ (عَصَبِيَّة)! كيفَ ننهَضُ جَميعَاً وَ البَعضُ مِنَّا عَاجِزٌ عَنْ أنْ يَنهَضَ بنفسِهِ! نَحنُ نَسْقُطُ؛ وَ فِي السُقُوطِ .. نَسْقُطُ وَ نَسْقُطُ وَ نَسْقُطُ! وَ حِينَ نُحَاوِلأُ النُهُوضَ .. نَسْقُط! وَ هُنَا أسَاسُ البَلوَى؛ أنَّنَا لا نَمْلُكُ أسَاسَاً .. (دِينَاً)!
(نَحنُ) الفِتنَة!
^

(4)-[خـَدِيعَة ٌ هِيَ العُظمَى!] فـَهَلْ يُعقـَلُ أنَّ الكـُلَّ مِنْ وجْهَةِ نـَظـَرنَا (مُرَاهِقٌ دَوْلِيٌّ)!
إذاً كيفَ (نَحكـُمُ) عَلى نُضج الدَولةِ مَدَنِيَّاً؟! أمْ أنَّهَا مَشـَاهِدُ الحُرِّيَّاتِ الدِينِيَّةِ وَ الدُنيَويَّةِ؟! أمْ كـثـَرَةُ الأحزَابِ وَ التـَنظِيمَاتِ فِيهَا؟! أمْ هِيَ الصُحُفِ وَ القنَوَاتِ وَ الإذَاعَاتِ تِعدَادَاً وَ أعدَادَاً؟! أمْ أنَّ الحُكمَ كامِنٌ فِي القـُدرَةِ عَلى (الشَـتمِ وَ القذفِ) بلا خَوفٍ فِيهَا؟!
أوَّلاً : مَنْ حَكمَ أنْ فِي تِلكَ الأمُورُ يكُونُ الحُكمُ؟!
عَلينا النـَظَرَ فِي (الصُورَةِ كامِلةً) قبلَ (تَنظِير) الحُكمِ فِيهَا! فأمَامَنا (دُوَلٌ عُظمَى) شِعَارُهَا وَ دِينُهَا (الحُرِّيَّة)؛ وَ تـَضْربُ لنا أوْضَحَ الأمثِلةِ فِي (فَسَادِ) المُجتـَمَع وَ الإنسَانِ وَ القانُونَ وَ الحُكـَّام! فـَهَلْ هِيَ ـ عِندَنا ـ دُوَلٌ ناضِجَة ٌ مَدَنِيَّاً؟!
عَلَّ السُؤَالَ الأصْوَبَ هُنا هُوَ : لِمَاذا لَمْ تـَسْقـُط تِلكَ الدُوَلٌ إذاً؟!
وَ الجَوَابُ سُؤَالٌ : مَنْ قـَالَ أنَّهَا لَمْ تـَسْقـُط بَعدُ؟!
هَلْ شَهِدَ إقتِصَادُهَا الكـَرتُونِيُّ؟! أمْ عَدَالتـُهَا العَميَاءُ العُنصُريَّة ُ؟! أمْ بَشـَاعَة ُ جَرَائِم النـَاسِ فِيهَا؟! أمْ أمْرَاضُهَا اللامُنتـَهِيَّة؟! أمْ وَ أمْ وَ أمْ؟!
نَعَمٌ .. ظَاهِرُهَا لمْ تَسْقـُط فَهَاهِيَ دُوَلٌ تـَتـَحَكـَّمُ فِي مَصَائِر (الصِغـَار) حَولهَا! لِكِنَّها جَوفَاءٌ نـَخِرَةٌ فـَارغـَةُ الدَاخِل بلا دِينٍ حَقٍّ وَ لا مَعنـَى! وَ مِنْ قـَبلُ (هُمُ) بَقـَأيَا أمَمٍ فِي الـتاريخ سَقـَطت!
وَ الدَليلُ أمَامَكـُمُ اليَومَ مَاثِلٌ؛ (هُمُ) قـَادِرُونَ عَلى حَربِ الضـُعَفَاءِ مِنَ الدَولِيَّةِ المَزعُومَةِ؛ قـَادِرُونَ عَلى إجتِيَاحِهِ وَ إحتِلالِهِ وَ إغتِصَابِهِ حَيَّاً! (لكِنَّهُمُ) أمَامَ (بَعضِهِمُ) يَكتـَفُونَ مُقَيَّدِينَ بَحَقِيقَةِ وَاقِعِهِمُ المَعلُومُ لِديهِمُ بإرسَالِ الإشـَارَاتِ وَ الكـَلامِ فقط!(لأنَّهُمُ) الأدَرَى بحَالِهِمُ؛ يَخَشـَونَ جَبَرُوتـَهُمُ بَينـَهُمُ أنْ يَضـْربِهُمُ فِي بَعْضِهِمُ (حَربَاً عَالَمِيَّةً ثـَالِثَة الأسَافِي) تـَمحَقـَهُمُ تَذهَبَ بِهِمُ جَميعَاً؛ تُسْقِطَهُمُ!
هَذا أوَّلاً : (أنَّهُمُ) أمَّمٌ مِثلنَا سَاقِطَة ٌ بلا دَينٍ وَ لا مَعنَى!
^

(5)-[مَا وَرَاء البَرلمَان؟!] وَ يَتـَوَاصَلُ الكلامُ عَنْ نُضج الدَولةِ وَ السُقوط؛
ثـَانِيَاً : إليكـُمُ (الحِكايَة) ؛ أنَّ مَنْ سَنـُّوا لنا البَرلمَانَ وَ مَجَالِس الشُيوخ فِي التاريخ تَحَسَّبُوا مِنْ (سُقـُوطِ الدَولِةِ) يَومَاً مُتَأمِلينَ حَالَ الأمَمِ وَ الدُوَل حَولهِمُ! وَ عَلِمُوا أنَّ الحَاكِمَ (عَامِلٌ) فِي الدَولِةِ (مُتـَغِيِّرٌ) بقتلٍ أوْ مَوتٍ أوْ سَلبِ حُكْمٍ! فأيقـَنُوا مِنْ أهَمِّيَّةِ الوُصُول بالدَولةِ إلى مَرحَلَةِ (النـُضج المَدَنِيِّ) حَيثُ الإستِقرَارُ وَ السَلامُ.
فَأعَدُّوا العُدَّة بَرلمَانـَاتٍ (صَمَّامَاتِ آمَانٍ) للدَولِةِ تَملِكُ القُدرَةَ وَقتَ الحَاجَةِ لتشريعِ مَا يَلزَمُ مِنْ قـَوَانِينٍ وَ دَسَاتِيرٍ للحِفاظِ عَلى الدَولِةِ ضِدَّ (نـَكـَبَاتٍ الحـُكمِ) وَ حِمَايَتـهَا مِنَ السُقُوطِ وَ النُهُوضِ بِهَا إنْ حَدَثَ وَسَقـَطَت!
لِكِنَّ حِكـَّمَةَ االبَرلَمَانـَاتِ تِلكَ لَمْ تَفـُتْ عَنْ دَهَاءِ وَ خُبثِ الحَاكِمينَ عَلى مَرِّ الزَمَن؛ فلَمْ تعجَز نَوَايَاهُمُ المُبَيَّتَة لِ (السُلطَةِ الخـَالِدَةِ المُطلـَقةِ) فأجَازُوا لأنفُسِهِمُ ـ دَومَاً ـ تـَعطِيلَ أوْ تـَعلِيقَ أوْ (حَلَّ) البَرَلمَانـَاتِ دُونَ حَرَجٍ أوْ تَحَرُّجٍ! مُعلِنينَ وَ مُطلِقينَ أسْمَاءً وَ أوْصَافاً تـَشفَعُ لهُمُ عِندَ أنفُسهِمُ وَحدَهُمُ لإغتِصَابِ (نُضجِ الدَولةِ) مِنْ إعلانِ الطَوَارئ حَالةً وَ تَطبيقِ الأحكـَامِ العُرفيَّةِ وَ الحِفاظُ عَلى الأمنِ القَوميِّ وَ مَرَاعَاةِ المَصْلحَةِ العَامَةِ وَ غَيرَهَا مِنَ الشِعَارَاتِ الأمنِيَّةِ!
وَ يَجري الزمَنُ .. وَ تُمسِي البَرلمَاناتُ (رَمزيَّةً) مَحدُودَةَ الفائِدَةِ وَ مُعَلَّقةَ الأهَميَّةِ! فأمْرُهَا هَوَى الحَاكمِ وَ النِيَّة! فـَخَضَعتِ الشُعُوبُ لِتَشريعَاتِ الحَاكِمِ! وَ خَلُدَ الحَاكِمُ وَ وَرِّثَ البلادَ وَ العِبَادَ بالجَبَرُوتِ وَ القوَّةِ! وَ لحظَةَ أنْ يَسقُطَ حَاكِمٌ؛ تسْقـُطُ مَعَهُ مُبَاشَرةً شُعُوبٌ وَ دُولٌ وَ أمَمٌ! لأنَّهَا ببَسَاطَةٍ (خيَالاتُ أمَّةٍ) لمْ تـَجد مَا يَحفـَظ وَحدَتـَها وَ بَقائَهَا وَ نُضجَهَا ـ إنْ كَانت يَومَاً نَضَجَتْ ـ إلا طَوَاغِيتُ الحُكمِ وَ السُلطَةِ!
وَ التاريخُ عَليهِمُ شَاهِدٌ يَشهَدُ؛ أمَمٌ سَقطَتْ لأنَّها عَجَزت عَنْ أنْ تَنضُجَ يَومَاً! عَجَزَتْ أنْ تَحمِي التشريعَ فِيهَا بالقـُوَةِّ!
لِكِنْ مَا هِيّ تلِكَ القوّة؟!
^

(6)-[قـَوَّةُ حِفظِ التـَشريع!] نَعَمٌ ..هُمُ كانت لدَيهِمُ حِكمَة ٌ وَ فِطنـَة ٌ فَشَرَعُوا أمَامَ الحَاكِمِ (حَوَاجزَ البَرلمَانَ) لِكِنَّهُمُ وَ أمَامَ القـُوَّةِ المُتاحَةِ للحَاكِمِ فَاتَ عَليهِمُ أنَّ (شَرْعَهُمُ) فـاقِدٌ للقـُوَّةِ!
قـُوَّةٌ كامِنـَةٌ فِي حِكمَةِ التشريعِ وَ شُمُولِهِ وَ سَمَاحَتِهِ وَ بُعدَ نظَرِهِ وَ رُؤيَتِهِ ! قـَوَّةٌ (تـُحَاسِبُ الأفرَادَ) عَلى مَا فَعَلُوهُ؛ (تُهَذِّبُ الأخلاقَ)؛ تُعَلِّمُ الفَرَقَ بينَ الحَقِّ وَ البَاطِل؛ تُوضِحُ الحَلالَ مِنَ الحَرامُ؛ تَوقِظُ فِي النُفُوس مَعَنى الحَيَاةَ.
نَعَمٌ .. قـُوَّةُ تَشريعٍ تُربِّي وَ تُهَذِّبُ تُنَبِّهُ تُرَغِّبُ وَ تُخَوِّفُ!
قـُوَّةُ حَقٍّ تُحِقُّ الحَقَّ وَ العَدلَ تُبَشِّرُ بالأجرِ خَيرَاً وَ تُوعِدُ بالجَزَاءِ عَقابَاً!
نَعَمٌ .. قـُوَّةُ الدَينِ وَ الدِينُ قـُوَّةٌ إنْ صَحَّ فَهْمُهُ وَ تَطبِيقـُهُ وَ العَمَلُ بِهِ وَ الدَعوَةُ إليهِ وَ بِهِ. (الدِينُ) الذِي ضَلـُّوا عَنهُ هُمُ وَ تـَلاعَبُوا بهِ فأفسَدُوا تـشريعَهُ بأيدِهِمُ ففقـَدَ الدِينُ القـُوَّةَ فَإنهَارَ المُجتَمَعُ بِهِمُ سَقطَتْ أمَمُهُمُ وَ دُوَلُهُمُ لأنَّها لمْ تـَجدِ قـُوَّةَ التشريعِ لمْ تَنضُج أمَّة!
وَ جَاءَ الإسلامُ الرسَالةُ الخَاتِمَةُ أحكمُ الشَرَائعِ وَ أعدَلُهَا جَاءَ للنَاسِ كَآفةً دِينُ السَمَاحَةِ وَ الأخلاقِ وَ الحَيَاة؛ فكانتْ (خَيرَ أمَّةٍ) فِي العَدِل وَ الخَير وَ الأخلاقِ وَ القـُوَّة. وَ لمَّا ضَلَّ أهلُها وَ خَلطُوا بِدَعَهُمُ وَ عَادَاتِهِمُ وَ تقالِيدِهُمُ الرَثَّةَ فِي الإسلامِ؛ لِمَّا بَعَدُوا و َ إبتَعَدُوا عَنهُ فَهمَاً صَحِيحَاً وَ تطبيقاً عَدلا سـَقـَطُوا؛
لأنَّهُمُ أفقـَدُوا الإسلامِ القـُوَّة!
لمْ يَنضجـُوا.
^

(7)- عَوْلـَمَة ُ الإسْلام !
عِبَارَةٌ تـُوجِزُ فتَصِفُ صَادِقة ًحَالنا (نَحنُ) المُنتَسِبينَ للإسلامِ أوْ (مُسْلِمي العَولـَمَةِ) وَ .. سَلام الحَضـَارَاتِ وَ .. العِلاقـَاتِ الدَوليَّةِ وَ .. المَصلحَةِ العَامَّةِ الوَطَنِيَّة وَ (أنا مُسْلِمٌ وَ كـفـَى)!
أمْرُنا لا غـَرَابَة فِيهِ وَ مَا كانَ التِكرَارُ لِيُعَلِّمَنا أوْ حَتَّى مِنْ غَفلتِنا أنْ يُوقِظنـَا!
نَحنُ اليَومَ لا نَخضـَعُ لا نَنْتَظِمُ لا نَتـَشـَكـَّلُ دُوَلاً إلا وَ (عَصَا الحَاكِمِ) تـُلَوِّحُ فـَوقَ رُؤوسِنا! وَ مَا أنْ يَسقـُطِ الحَاكِمُ أوْ يُسقِطَ ـ عَلِمَ أمْ جَهِلَ ـ عَصَاهُ حَتَّى نـَتـَبَعثـَرَ نـَتـَلاشَى بلا دِينٍ وَ لا شَرعٍ وَ لا مَعنـَى! إلا أنْ يَأتِيَنـَا (غَيرُهُ) بِعَصَاً (تـَضْربُنا) فتحكـُّمُنا! وَ الأمثِلة ُ مازالتْ مَاثِلة ً أمَامَنا!
خـُلاصَةُ الكـَلام :
أنـَّنَا (فـَرقـَعَةُ) إسْتِقلالاتٍ مُتعَثـِّرَةٍ مُبَعثـَرَةٍ!
سَكرَةُ الحُكمِ نـَشْوَةٌ أعْمَتنَا عَنْ حَقِيقـَةِ أنَّنَا سَقطنـَا (أمَّة)! فشـَغلتـَنا أطمَاعُنا فِي تَوثِيقِ الأرَاضِي وَ تـَسجِيلِهَا وَ تـَرسِيمِ الحُدُودِ عَليهَا وَ لهَا عَنْ (دِينِنا)؛ فأعْلَنَ كـُلٌّ مِنَّا (دُسْتُورَهُ) الرَسْمِيَّ مِنَّا مَنْ جَعَلَ الإسْلامَ للتـَشريعِ أسَاسَاً وَ مِنَّا مَنْ جَعَلُهُ لَوَائِحَ فَخريَّةٍ! وَ (الجَاهِلُ) مِنَّا أعلنَ أنَّهُ هُوَ الأحكمَ؛ زَعَمَ أنَّ الإسلامَ فِي الدُستُورِ (عُنصُرِّيَّة)!
وَ اليَومَ لأنَّا فقدنـَاهُ حَيَّاً؛ إجتـَاحَتنـَا (فَوضَى الحَرَامِ) فأبدَلنَا بِغَبَاءٍ حِكمَةَ التَشريعٍ (قوَانِيناً أمْنِيَّة)! لأنَّ النِظامَ وَ العَدلَ وَ التشريعَ فينا مَالَ وَ اختـَّلَ وَ أضحَى الإسلامُ (إسْلامَ أفرَادٍ) فقط! إسلامٌ خاصٌّ يُقـصُّ وَ يُفصَّلُ حَسَبَ الذوقِ وَ العَرضِ وَ الطلب!
وَ تِلكَ مُرَاهَقـتُكِ يا أمَّة شِختِ بَاكِرَاً؛ فـُتاتَ دُوَلٍ بَعدُ لمْ وَ (لن) تنضُجِ!

محمد حسن مصطفى

Exit mobile version