بغته طاف حولنا عطر غريب، تفشى في المكان، قبل صويحبته، يتقدمها كظل تدركه الأنف، حتى جاءت امرأة جلست قربنا، بلباس أسود، مزخرف بالذهب، مرافقها يسحب لها الكرسي، ويضع عنها حقيبتها، ثم تنهمر الفلاشات، يا ربي في شنو؟ مُزعجة بصورة كبيرة هذه الفلاشات، هناك زول يدنقر ويصور، وتاني يرفع الكاميرا فوووق ويصور، ليتهم صوروا العطر، فقد سرّني جداً (أسمع الألوان في وجدي/ وأرى وقع اللحون)، كما حكى عوض الكريم موسى.
أول عطر في ذرة أوكسجين
كانت ندى القلعة، بيني وبينكم، كان عطرها، أول عطر أشمه في حياتي، رغم إصابتي بالحساسية، ولكن هذا العطر لم يحرك سوى الصفاء، ومراجعة الأنفاس مع حقائق الوجود، لاشك أنف الحبيب الأعظم، لم تضع أهميته، فراغا، حبب إلي من دنياكم، فذكره، في الختام، بعد الصلاة، والسناء.
إن الله لو خلق في ذرة الأوكسجين هذه العطر، لسرح الناس في عوالم، فغريزة الشم، تقود الأم للأبن، إني اشم رائحة الرحمن من قبل اليمن، أي أويس القرني، وأني أشم قميص يوسف، والشم رسن، للا مرئي من الجمال الكوني، فحاسة الشم، كانت دوماً، مرتع للشعر الصوفي العظيم.
بركة وخطيئة حاسة الشم
الصحفي الجميل، مُصر يعرف ده عطر شنو؟ حاسة الشم، لها ما لها، ليست بالهينة في التأثير في النفس، فلها بركاتها، ولها عجرفتها، بل وخطيئتها، مثل شم الأفيون، والمخدرات، أي وضعت الأنف، نفسها في مكان التأثير الروحي في النفس، والفكر، والحياة برمتها، حتى قال الشيخ قريب الله (إن ريح القرب نم، فأنتفت عني الزكم)، ولكن ظلت الصور، والتزاحم، والتملق، والحب، تطن حولنا، حتى أحمد الصمم.
شخص ما، والله لا أعرفه،، أي زول يجي يسلم عليه، خاصة المشاهير، جلس قربنا، سلم عليه أحد لاعبي المريخ بحرارة، ثم مسؤولو الصحف، صفحات الاجتماع والفن، وأحسبني لا أعرف هذا المجتمع، هو يعتد بنفسه، هكذا خاطبتني خواطري، مجرد أن جلس قربنا، ثم بعدها قلت (عشان كدي).
نحن شعب خجول، هناك شباب مر قربهم موزع الطعام، ولم يسألوه، ولكن أصررت أن يأكلوا، ومشيت ليه، لا أدري، أتعامل بطفولة مع الحياة، أحسها مديدة العمر، ولا أزال أجهل الكثير فيها، متى بدأت؟ كأننا زوار لها، وسنفارقها كالبرق، وهل يعلم البرق شيئاً عن الأشياء التي أضاءها؟ وتاريخها، وأصلها، ولم يمكث سوى ثوان، كأنه عابر في سفينة عابرة، تلكم هي الرحلة.
ندى وموسم الهجرة إلى الشمالبرفقة ندى القلعة إحدى خريجات الأحفاد، تكن لندى احتراماً بالغاً، وحين تلوك اسمها “أستاذة ندى محمد عثمان”، هكذا تنطق الاسم، وليس (القلعة)، تعجبت من حال الفن، والتوقير، ما الحياة؟ أيها السادة؟ فتاة تحبها بحق، وهي مثقفة جداً، خريجة علم نفس، أظنني أجهل الكثير، الكثير، ولكن؟ لا داعي لقول ما أود قوله، أتركم لكم الحرية، والحيرة، ولكني أجهل الحياة، ولو مدحتها سيكون مدحاً من يرى جزء منها، ولو قدحتها، فسأكون كمن يرى في الغبار، فتتشابه عليه الأمور والأفكار، ولكن ندى القلعة، معجبة بموسم الهجرة للشمال، هكذا قالت صديقتها، فمدحت ذلك فيها، وبارك الله لمصطفى سعيد، وهو يحضر حفلاتها الكثر، (الغالية)، ولاشك أن له رأياً، وهو يتعجب في أثرياء، متخمين، يدلقون الملايين في حجرها، في بلد فقر وحزن، وجوع، لا ترعى بقيدك أيتها الخواطر، وكفى ملام، ولكن (أدر ذكر من أهوى، ولو بملام، فأن احاديث الغرام مدامي)، حتى شتم الحبيب، عند النابلسي، خمر، المهم تم ذكره، وامتلأ القلب بسماع اسمه، كم للحب فنون في تاريخ البشرية .
صحيفة اليوم التالي
ت.إ
[/JUSTIFY]