«النافذون» وقضايا الفساد .. استمرار الجدل

[JUSTIFY]كثر في الآونة الأخيرة الحديث عن ما كان مسكوتاً عنه من تورط مسؤولين وتنفيذيين في قضايا فساد.

لم ينتهِ الحديث والجدل حول الفساد المالي والأموال المسروقة بولاية الخرطوم والتي كشف عنها وقام بفضحها الوالي عبد الرحمن الخضر للصحف حتى أعاد البرلمان قضية تورط 36 من الوزراء اتحاديين وولائيين في دخول 589 حاوية نفايات إلكترونية للبلاد، مؤكداً أن تلك النفايات دخلت البلاد عبر منظمات حكومية وخيرية، وفي ذات الوقت أعلن مستشار شؤون البيئة بروفيسور ميرغني تاج السر عن وفاة ثلاثة عاملين بوحدة الحاسوب جامعة الخرطوم لإصابتهم بمرض السرطان جراء التعامل الطويل مع الأجهزة النفايات.

ربما يعتقد البعض أن هذه الجرائم قد زاد معدلها حتى طفت على السطح بصورة واضحة ولكن الحقيقة أن معدل هذه الجرائم لم يزدد ولكن ما حدث هو أن فساد كبار موظفي الدولة والوزراء أصبح تحت دائرة الضوء بفضل سياسة إطلاق الحريات والتي انطلق معها نشاط الأحزاب وكانت في السابق تمضي هذه الجرائم دون أن يشعر بها أحد لكون المتورطين فيها من الذين يفترض فيهم كشفها بدلاً من القيام بدور التغطية عليها.

ويتساءل مراقبون لماذا يتورط وزير في مثل هذه العمليات المخالفة للقانون، والإجابة بالطبع الأرباح الضخمة التي تعود عليه، فالعملية الواحدة تدر على المجموعة التي قامت بها مبالغ تصل لمليارات الجنيهات.

إذن فالإغراء أكبر من أن يقاوم، فالمجموعة المشاركة في العملية مهما كانت تتكون من أفراد كثر إلا أن نصيب الشخص الواحد كبير يأتيه دون جهد أو الالتفات لآثار عمليته على الشعب.

قتلت الأجهزة النفايات ثلاثة وهو الرقم المعلن عنه، وقطعاً فإن المتورطين أحسوا أنهم على ثقة أنه ليس هناك من يسألهم مهما حدث.

يتساءل المراقبون مع الإعلامي حسين خوجلي لماذا لا يقدم المتورطون في هذا الفساد لأية محاكمة؟.. فقط هي تصريحات في الصحف دون ذكر أي أسماء والنتيجة لا تحتاج لعصف ذهني وهي أن يكرروا مرة واثنتين وثلاث ما داموا ينعمون بطمأنينة تجعلهم يمتلكون الفلل ويشيدون العمائر والمزارع بأنه لن تكون هناك مساءلة، بل إن هذه العمليات تتم برعاية المسؤول عن الموظف الذي يحرص في أغلب الأحيان على ملء كل الأفواه بالمال مقابل الحصول على الصمت.. والسؤال الذي يحتاج لإجابة حاسمة من الجهات المسؤولة هل يقدم المتورطون في النفايات الإلكترونية التي راح ضحيتها ثلاثة لمحاكمة علنية؟.. لماذا نتستر على الفاسدين ليكرروا فسادهم ولماذا لا يقوم المراجع العام بمراجعة مرتب أي وزير حتى يتأكد من دخله؟.. لماذا نخجل من الكشف عن أسماء المتورطين ونمهد بذلك أرضاً للفاسدين حتى يعيثوا فيها فساداً؟

ما يقلق البعض أن معظم الجرائم لا يتم الإشارة إلى مكان وقوعها ولا نستطيع أن نملك معلومات كافية عن مرتكبيها وأين وقعت.. ويقول مسؤولون إنه من الضرورة بمكان تقصي الحقائق أولاً قبل توجيه الاتهامات، فضلاً عن أن الجهات العدلية أكدت عدة مرات تجاوب مسؤولين مع فكرة إقرارات الذمة.

اقتصاديون يرون أن الكثير من مشاريعنا غير المجدية سببها التباين حول أسعار قطع الغيار والتلاعب حولها، وكثير من مشاريع التنمية متوقفة لأن أنبوب المياه ينقصها لذات السبب، ويرون أنه لو حوكم هؤلاء الفاسدون علناًً لما تجرأ أحد على انتهاك القانون، مشيرون إلى أن هذه الجرائم ستستمر طالما بقي هؤلاء الفاسدون مستورين، وضربوا مثالاً بالصين الشعبية التي تنفذ حكم الإعدام على كل من يتعدى على المال العام والنتيجة انحسار الفساد خلال سنوات قليلة.

لكن من الواضح أن الحكومة فطنت للأحاديث التي تتناول الفساد الذي كاد يطوقها وقد مضت في اتجاه الإعلان عن مكافحة الفساد رغم أن الآلية التي شكلت في السابق بشأنه تم تذويبها في أعقاب إعفاء القائم على أمرها د. أبو قناية.

لكن يبقى التحدي في المرحلة المقبلة في ظل الحديث عن الانفراج والحوار الوطني الذي أبرزت الحكومة جديتها حوله في التعامل بمسؤولية تجاه ما يثار عن الفساد.

صحيفة آخر لحظة
فاطمة أحمدون
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version