والمفهوم هو أن إعادتها إلى سابق عهدها بحيث تكون مرحلتين هو الأهم، ففي السابق كانت المرحلة الابتدائية ست سنوات وبعدها المرحلة المتوسطة كانت ثلاث سنوات وهذي تسع سنوات دراسية تسبق المرحلة الثانوية. لكن الفرق المهم يكون في أن التسع سنوات كانت في مرحلتين. فلم يحتك طلاب الصف الأوّل بطلاب الصف الثالث «متوسط». وطبعاً لكي نعود إلى السلم التعليمي القديم نضطر لنعود أيضاً إلى عدد سنوات الدراسة ما قبل الثانوي وهي التسعة أعوام. ويمكن أن تكون ثمانية أعوام كما كانت قبل التعديل قبل الأخير، فقد كانت وقتذاك المرحلة الأولية أربع سنوات والمرحلة الوسطى أربع سنوات أيضاً وبعدها يكون الالتحاق بالمرحلة الثانوية وهي كانت أربع سنوات أيضاً.. أي أن مراحل التعليم العام الثلاث قبل التعديل الأخير كانت اثني عشر عاماً. والآن إذا كانت الحكومة بنفسها قد شعرت بأنها اخطأت في أيامها الأولى حينما انقصت سنوات التعليم الأساس فعليها أيضاً أن تستشعر خطأ دمج المرحلتين في مرحلة واحدة قبل الثانوي. نعم لقد أخطأت حكومة 25 مايو 1969م في عهد محيي الدين صابر، وهي تغير طريقة الدراسة «أربعة.. أربعة.. أربعة» إلى «ستة.. ثلاثة.. ثلاثة». واخطأت أكثر حكومة 30 يونيو وقد غيرت الطريقة الثانية إلى «ثمانية.. ثلاثة». والآن يكون الخطأ.. بل الخطيئة التعليمية إذا أصبحت «تسعة.. ثلاثة».. والأرحم أن تكون «ثمانية.. أربعة» طبعاً.
لكن نظراً إلى الناحية التربوية المتعلقة بسلوك صغار السن وأمن الطفولة، فإن الأفضل العودة إلى طريقة «أربعة.. أربعة.. أربعة» حتى تكون الأجيال كلها متقاربة عمرياً في كل مرحلة. ومن وضع هذه الخطة الأقدم يبدو عليه مراعاته لما أشار إليه في قصيدته الرائعة الشاعر محمد سعيد العباسي حيث قال:
علموا النشء علماً
يستبين به..
وقبل العلم أخلاقاً..
نعم قبل «العلم الأخلاق» ولا بد إذن من توفير البيئة الصالحة لصيانة الأخلاق.. وهي بالطبع لم يكن أن تكون بغير طريقة «أربعة.. أربعة.. أربعة».. هذه الطريقة كانت حينما كان قبول التلاميذ وهم في سن الثامنة والآن يُقبلون وهم في سن الخامسة والسادسة، الآن أولى.
إن العملية التعليمية هي التي تشكل مزاج أغلب المواطنين وفق ما تريده الدولة، لكن هنا في السودان يبقى تأثير الشارع على الناشئة أقوى وأكبر من تأثير المناهج التعليمية للأسف. الآن«الإنقاذ» قضت في الحكم ربع القرن، ومع ذلك يلاحظ إلى أن أكثر طلاب الجامعات والخريجين خلال عامين أو ثلاثة لا يتحمسون للحكم بالشريعة الإسلامية. وحتى الآن لم يفهموا تقريباً أن المسلم ينبغي أن يحكم أو تحكمه الدولة بما أنزل الله وأنه من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون. وهذا طبعاً كسب سياسي أضاعته الدولة. وهي الآن تضطر للجلوس مع ياسر عرمان ليناقشها في مشروع الجزيرة وتعويضات المناصير وإنشاء سد كجبار الذي يعتبره البعض بأنه سد عربي عدواني. سبحان الله.
المهم في الأمر هو أن يفهم الدكتور المعتصم عبد الرحيم ما يطلبه المواطنون بخصوص السلم التعليمي ولماذا يطلبون. فهذه القضية ليست صراعاً على مسجد العمارات مع عصام أحمد البشير قبل «المصالحة الإسلامية» التي أعقبت قرارات الرابع من رمضان. إن الأمر خطر للغاية ومتعلق بسلوك أبنائنا وبأمنهم الأخلاقي.. يا حكومة إن الأمن الأخلاقي الذي تحميه طريقة التعليم «أربعة.. أربعة.. أربعة» هو الأهم.. أهم من الأمن الغذائي و«نأكل كسرة وبليلة».
صحيفة الإنتباهة
ع.ش