وأردت أن أعيد بمناسبة هذا الحدث التحذير من شر مستطير تحمله الهواتف بأنواعها ــ الذكية وغير الذكية وهو تزيين فِرَق النّكات لطائفة «المساطيل»، وهو واحد من آفات النكت القبيحة التي انتشرت في المجتمع انتشار النار في الهشيم.. تلك «النكات» التي تخصصت لها فرق وأفراد يقدمونها ويسجلونها وينشرونها بين الناس ، وظيفة هؤلاء التنكيت وإضحاك الناس بالنكات المؤسسة والمبنية على الكذب وأحياناً يصاحب الكذب الاستهزاء سواء بالدين أم بأقوام وقبائل وعشائر ومناطق بعينها.. فتنفخ في نار إثارة النعرات العصبية ، وببعضها الدعوة غير المباشرة للأخلاق السيئة والصلات المحرّمة بين الرجال والنساء ..وقد ركّزت على تزيين وتلميع طائفة «المساطيل» ..
في هذه النكات التي يلزم بعض سائقي البصات الركاب على سماعها! وبعض المحلات كذلك! فيها تزيين لصورة مدمني المخدرات، وبالتالي فإنها تسهم بطريق غير مباشر لانتشار المخدرات ، وانتشار المخدرات طريق لإيجاد سوق رائجة لها!!
إن من إفساد مرتزقة النكات تزيينهم وتلميعهم لطائفة «المساطيل» ، فيقولون واحد مسطول ثم يأتون بنكتة فيها ذكاء!! أو سرعة بديهة!! أو فطنة وفراسة!! أو تنبؤ يصدق في مستقبله.. أو لطافة وظرافة تحدث دون تفكير أو تأمل.. وما أشبه ذلك ، وبذلك تسهم هذه الطائفة المرتزقة بالكذب في تلميع صورة «المساطيل» لدى بعض النشء والصغار ، والمراهقين والمراهقات ، خاصة عند فقد القدوات الصحيحة ، أو البحث عن تحقيق للذات ، وإشباع غرائز لدى المراهقين ، من لفت الأنظار ، وتحقيق عدد من المعجبين من الفتية والزملاء ، فيظنون أن هذا الذكاء والخيال الواسع بسبب تناول المخدرات أو على لغتهم «المسطلات»!! وهذا من الجناية على المجتمع وعلى الأفراد ، وهو من الخيانة للمسلمين ، فإن المخدرات نهايتها ليست «العبقرية» إن صحّ التعبير بحسب فهم العامة لهذه الكلمة !! وإنما نهاية المخدرات تلف المخ وهلاكه ، وضياع الجسد وتلفه ، بعد الفشل في الدراسة والعمل والأسرة وكل الحياة .. والمخدرات نهايتها السرقة والنهب والاغتصاب والاختطاف والزنا وزنا المحارم والقتل ، فهذه وغيرها نتائج معلومة مؤكدة وثمرات للمخدرات ، ونحن بحاجة في هذه المرحلة التي حملت فيها جهات معادية لمجتمعنا هم دمار جيلنا وشبابنا ونشرت المخدرات في الجامعات والثانويات وغيرها، نحن بحاجة إلى التوعية الجادة والمستمرة بواقع «المساطيل» وضحايا «البنقو» ومدمني «الهروين».. وأما أهل النكت فهمهم جمع رصيد من جنيهات بواسطة هذه الوسيلة لتقديم ما يرونه ملفتاً للانتباه حتى وصلوا إلى إرجاع الماء عكس التيار بمضادة سبيل المصلحين.. وترويج طريقة الهالكين.. وآفة المدمنين.. فليست برامجهم ونكاتهم هادفة كما يصورها البعض، فغايتهم الإضحاك ولو بأي شيء متاح لكسب زبائن، ووسيلتهم الكذب وتزيين المساطيل وإحياء العنصرية القبلية وهي دمار آخر لما بقي من البلاد.
فيا من تقدّمون النكات وتتاجرون بها وترتزقون من كسبها وتتفرغون لأجلها، هل علمتم بسوء صنيعكم؟! وهل أدركتم مدى إفسادكم؟! وهل علمتم وعيد ربكم لكم؟! وهل وقفتم على هذا الحديث؟!: قال الرسول ــ صلى الله عليه وسلم: «ويل لمن يحدث فيكذب ليضحك القوم ويل له، ويل له» رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وحسنه الألباني.
فهذا خبر من النبي عليه الصلاة والسلام يخبر فيه بالويل لمن يكذبون ليضحكوا الناس.. وهذا الكذب هو الذي تقومون به!!! هداكم الله وكفانا ومجتمعنا شركم..
قال المناوي في «فيض القدير»: «ويل للذي يحدث فيكذب» في حديثه «ليضحك به القوم ويل له ويل له» كرره إيذاناً بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح، ومن ثم قال الحكماء: إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة».
قال الصنعاني في «سبل السلام»: «الحديث دليل على تحريم الكذب لإضحاك القوم، وهذا تحريم خاص. ويحرم على السامعين سماعه إذا علموه كذباً؛ لأنه إقرار على المنكر بل يجب عليهم النكير أو القيام من الموقف، وقد عد الكذب من الكبائر». اهـ.
فأرجو أن تتوقف هذه «المهازل» في القريب العاجل.. وأتمنى أن تنظر الجهات العدلية في سنّ قانون يدين هذه النكات ويعاقب عليها لأنها فساد وضرر محقق، إرضاء لله تعالى ثم إحقاقاً للحق ومحافظة على معافاة مجتمعنا وشبابه من ممارسات تجار النكت في «قلب الحقائق».. وفي المقابل فنحن بحاجة إلى عرض الصورة الحقيقية للمخدرات و«المساطيل» وعرض الوثائق والأفلام التي فيها بيان نهاياتها المدمّرة.. وهذا من الواجب المؤكد في هذا الوقت.
وأما المستمعون والمتداولون لهذه النكات عبر الوسائط فأقول لهم: لا تكونوا ممن تعاون على الإثم والعدوان، بل طهروا أسماعكم من هذا المنكر وليكن حالكم حال المؤمنين الذين أثنى عليهم الله تعالى في قوله: «والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراماً» وقوله تعالى: «وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ».. وإن السمع لمسؤول قال الله تعالى: «وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا».. ولا يجوز شراء أشرطة فيها هذه النكات ولا بيعها فإن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ..
صحيفة الإنتباهة
ع.ش