«محمد» أحرز كل الدرجات ولم يترك حتى «كسر للإنشاء أو التعبير».. تهنئة موصولة له ولأسرته على قهر فكرة الإعاقة.. آن الأوان أن ينال الكثيرون ممن يصنفون في قوائم الإنجاز بأنهم لا يستطيعون أن يقدموا المطلوب أن توظف قدراتهم وإبداعاتهم على محصلاتهم القصوى في مجالات تتناسب مع سعاتهم واستيعابهم.. مبروك لـ«محمد» ولمارجان وللسودان.. إرادة لا تعرف الوهن.. وهو درس لكل من ينهزم وهو بكامل قواه المختلفة.
أعتز جداً بنماذج لأصحاب الاحتياجات الخاصة لا يرون فيها إلا أنها امتحان واجب التعاطي معه بقوة وعزيمة.. لا تمر على خاطري إلا ذكرى للبرنامج طيب الذكرى «الصلات الطيبة» الذي كسر تلك النظرة القاتلة المتشربة بالمسكنة والحنية قهرت ظروفها وانفتحت على المجتمع تقبلاً واستحباباً.. والأصل أن باب الإعاقة ليس مغلقاً على الحالات التي تأتي على خلقيات وراثية مثلاً.. ففي جملة الحوادث والإصابات والظروف الصحية الطارئة من يجعل الجميع متوقعاً الدخول لهذا العالم «عالم ذوي الاحتياجات الخاصة».. إذن الاستعداد الداخلي لتقبل الوضع والقفز به فوق حدود الحال هو الذي يدعو ويحفز على الإبداع والنجاح.
٭ إعاقة داخليةلم يكن ذلك الشاب المهندم.. ابن المجتمع الراقي إلا نموذجاً للإنسانية المعطوبة المعيوبة عندما تنحصر في حدود الذات والاستهتار بالآخر وظروفه.. الشاب المهندم.. يرى كل من حوله صغيراً لا يرقى إلى طبقته وعزوته التي يستمدها من المال والوالد الثري أباً عن جد.. المهم عنده أن يسجل مجموعة قهقهات في دفتر حضور الموجودين الذين يجعل من ظروفهم وحاجتهم موضوعاً لترف الضحك.. «أها يا عمو.. قلت لي بتأكلوا شنو؟».. «يا ولدي بنأكل أكلة اسمها أصبر لي.. كداريك البقر بعد نظافتها نعملها.. شوربة».. ويحول الحوار للآخر ليضحك على حاله أيضاً «وانت يا عمو بتأكلوا شنو؟».. «يا ولدي بنأكل السخينة بتعرفها؟».. «لا.. لا.. لكن قل لي هي شنو».. «هي بصيلة ودكوة وبهارات».. ويستمر هذا الشاب المعطوب المعاق داخلياً يضحك ويقهق.. وأعمامك المساكين لسان حالهم «يا ولدي.. دنيا.. أيامكم في تحسين».. «أها في إعاقة أكتر من كدا؟».
٭ إعاقة سلوكيةتبدو للعيان مثالاً للأدب والاحتشام.. «عباية إيه وطرح إيه».. ما أن تعدي عتبات الباب حتى تركن لأقرب موضع لتطرح عنها العباءة والطرحة وتتبدى كامل فتنتها في ما تلبسه من محزق ملصق.. وتنفرج أسارير صوتها في المدى هنا وهناك كأنها تريد أن تقول للناس.. «شوفوني أنا عاملة كيف؟».. إعاقات سلوكية كثيرة تقوم بها بعض الشابات تقدح في حق الأخريات بلا جريرة ولا ذنب.. «أها أليست هذه هي الإعاقة الحقيقية».. إنها التي تحتاج أن تحجم في انتشارها وتأثيرها.. كثيرون بكامل هندامهم لكنهم معاقون داخلياً.
٭ آخر الكلامأن ينتصر الإنسان في العمر.. أن يكون دائماً مصوباً إرادته تجاه أهدافه لا تمنعه منها إلا الأقدار الحتمية.. والمعاق هو من يرتضي لنفسه الإعاقة في الفكرة والمبدأ والإنسانية.. مبروك «محمد» ألف ألف دعوة ليك بهزيمة أي معوق.
..
[/JUSTIFY] [LEFT]مع محبتي للجميع[/LEFT]سياج – آخر لحظة
[email]fadwamusa8@hotmail.com[/email]