أكبر الأخطار الماثلة الآن تجيء من بين ثنايا خطابات المطابع، التي توحدت كلمتها واتحدت إداراتها في ظل التحديات الصعبة التي تواجهها بدءاً من استيراد ورق الصحف، ومدخلات الطباعة، وتحويلات مرتبات بعض المهندسين والفنيين الأجانب، وانتهاءً بتكلفة التشغيل في الداخل، وهو ما اضطر إدارات هذه المطابع مجتمعة إلى الاتفاق على زيادة أسعار الطباعة بنسبة أربعين في المائة (40%)، وهو ما يعد ضربة لصناعة الصحف في السودان، وانتكاسة بل تردٍ في جانب التنوير والمعرفة.
وظلت الحكومة -للأسف الشديد- تنظر بعدم اكتراث ولا مبالاة للتردي الذي أخذ يصيب ويضرب هذا القطاع المهم، الذي يعبر عن حركة المجتمع بأكمله، وينقل رسالة ووجهة نظر وأفكار الحاكم إلى المحكوم، وبالعكس، وبحّت أصوات الحادبين على مصلحة البلاد العليا، وطرقوا كل الأبواب من أجل تدخل حكومي يعين على أن تواصل الصحف الصدور، ولكن دون جدوى، وهو ما جعل الكثيرين من العاملين في هذا المجال يرددون أن الحكومة لا تريد صحافة.
الآن الصحافة السودانية مهددة بالتوقف الإجباري رغم المساعي التي تقوم بها قلة قليلة من أجل أن تواصل رسالتها، ورغم الجهود التي يبذلها الناشرون الذين عقدوا آخر اجتماعاتهم بمقر صحيفة «آخر لحظة» يوم الأربعاء الأول من أمس، ورأوا فيه ألا يحملوا المواطن المسكين هذه الزيادات القاسية، لكنهم رأوا أن يخاطبوا إدارات المطابع لتأجيل موعد الزيادة الجديدة إلى الأول من يونيو بدلاً من الأول من مايو القادم، وأن تصدر الصحف في (12) صفحة بدلاً عن (16) مع إلزام المطابع بتوفير إمكانات طباعة (12) صفحة في حزمة واحدة، وإلا فإن الصحف ستتوقف عن الصدور.
الخرطوم الآن.. بل السودان كله مهدد بأن يصبح بلا صحافة، وقديماً قال الرائد حسين شريف -رحمه الله-: (أمة بلا صحافة.. كقلب بلا لسان).
صحيفة آخر لحظة
[/JUSTIFY]