استقالة الولاة بأمر رئاسي .. للقانون كلمة

[JUSTIFY]راجت الأنباء والتكهنات في الآونة الأخيرة حول عزم الحكومة إقالة مجموعة من الولاة، من بينهم والي شمال دارفور ونظراؤه بولايات كسلا وجنوب كردفان وسنار. ومن بين تلك الأنباء التي أسفر صدقها استقالة والي الجزيرة الزبير بشير طه، وفقاً لصحف الأمس، التي نقلت عنه أنه التقى رئيس الجمهورية الثلاثاء الماضي وطلب منه تقديم استقالته, لمجاراة واستيعاب التطورات التي تشهدها البلاد في إطار الحوار الدائر، وطلب تقديم الاستقالة مرده أن إقالة الولاة وفقاً للدستور تتم بسحب الثقة عن الوالي عبر تصويت ثلاثة أرباع المجلس التشريعي بالولاية المعنية لإقالة الوالي، أو يقيله رئيس الجمهورية وفقاً لقانون الطوارئ. , وبما أن الحالة الثانية لا تتوافر بولاية الجزيرة، كما أن مجلسها التشريعي لم يطرح إقالة الوالي على طاولته فلم يكن هناك خيار آخر غير أن يطلب منه الرئيس الاستقالة. وليست هذه هي السابقة الأولى من نوعها، فقد سبق أن صرح والي القضارف السابق عباس كرم الله الشيخ بأن أميره في الحركة الإسلامية والنائب الأول آنذاك علي عثمان محمد طه طلب منه أن يستقيل.
ويشير قانون الانتخابات إلى أنه في حالة مغادرة أي والٍ لموقعه بالإقالة أو الاستقالة أو الوفاة، تعقد الانتخابات بالولاية المعنية لاختيار والٍ جديد خلال ستين يوماً. ومن أمثلة ذلك الانتخابات التي جرت في ولايتي القضارف التي استقال واليها وخلفه بالانتخاب سلفه الضو محمد الماحي. وولاية الشمالية التي توفي واليها فتحي خليل في حادث سير وحل محله بالانتخاب أيضاً إبراهيم الخضر.

ووفقاً للقانون فإنه يتعين عقد الانتخابات بالجزيرة في غضون شهرين لاختيار والٍ جديد، ولكن حديث الزبير الذي جاء فيه أن مطالبته بالاستقالة تم تبريرها باستيعاب التطورات التي تشهدها البلاد في إطار الحوار الدائر، فإلى أي حد يتوافق هذا الإجراء مع القانون؟ معلوم أن رئيس الجمهورية رئيس الحزب الحاكم كان قد أعلن في أواخر يناير الفائت عن دعوته للقوى السياسية للانخراط في حوار وطني واتبعه باللقاء التشاوري في الأسبوع الأول من الشهر الجاري. الفريق الهادي محمد أحمد عضو المفوضية القومية للانتخابات قال إن قانون الانتخابات يقضي بإجراء الانتخابات في الولاية المعنية بعد مرور ستين يوماً من استقالة الوالي المعني لاختيار الوالي الجديد. والإجراءات في هذا الصدد تمضي كالآتي: بعد قبول استقالة الوالي المعني تخطر رئاسة الجمهورية المفوضية بخلو منصب الوالي في الولاية المعنية، بعد الإخطار تقوم المفوضية خلال «60» يوماً بتنظيم الانتخابات لاختيار الوالي، وذلك في حالة الولايات التي لا تخضع لقانون الطوارئ، ولكن بالنسبة للولايات المعلن فيها قانون الطوارئ يختلف الوضع باعتبار أن قانون الطوارئ يمنح رئيس الجمهورية حق تعيين ولاة جدد كما في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وكذلك عند إنشاء ولاية غرب كردفان باعتبار أن كردفان كلها خاضعة للطوارئ. وضرب الهادي في حديثه لـ «الإنتباهة» أمثلة من قبيل الولاية الشمالية التي توفي واليها وأعلن خلو المنصب وعقدت الانتخابات عادية وفاز الوالي الحالي بالتزكية. وعندما استقال والي القضارف أعلنت رئاسة الجمهورية خلو المنصب وأخطرت المفوضية وعقدت الانتخابات وفاز بها الوالي الحالي.

ونفى أن يكون تأخير تنظيم الانتخابات في فترة تتجاوز الستين يوماً يُعد مخالفة بقوله إن التأخير لا يحسب مخالفة باعتبار أن ظروفاً موضوعية هي التي أدت إلى تأخير الانتخابات. مثلاً القضارف لما خلا منصب الوالي كانت هناك ظروف الخريف، وفي الخريف لا تستطيع التحرك لأية منطقة في القضارف، وهذه ظروف طبيعية قاهرة لا تمكن الناس من العمل، وطالما تم إعلان الجدول الزمني للانتخابات لا تكون هناك مخالفة. وأكد الهادي أن المفوضية حتى الأمس لم تتلق إخطاراً من رئاسة الجمهورية يفيد أن منصب الوالي شاغر في الجزيرة. وقال رداً على تصريح الوالي إن الرئيس طالبه بالاستقالة، ونحن كمفوضية ليست لدينا علاقة بمثل هذه الأحاديث. فصلتنا تبدأ بالأمر عندما تخطرنا رئاسة الجمهورية أن منصب الوالي شاغر في الولاية المعنية.

من جهته، أوضح خبير القانون الدستوري بروفيسور يس عمر يوسف أن مغادرة الوالي لمنصبه في الولايات التي لا تخضع لقانون الطوارئ تتم بإحدى طريقتين وفقاً للدستور الانتقالي «2005»، أن يقيل المجلس التشريعي للولاية المعنية الوالي بتصويت ثلاثة أرباع عضويته، أو أن يتقدم الوالي باستقالته، أما في حالة الولايات التي تخضع لقانون الطوارئ فيحق للرئيس وفقاً للدستور أن يقيل الوالي وأن يعين آخر بدلاً عنه، ويستمر هذا التعيين إلى أن ترفع حالة الطوارئ من الولاية، وحينها تعقد الانتخابات لاختيار والٍ جديد.

وبخصوص طلب الرئيس للوالي كما في حالة الزبير بتقديم استقالته، أوضح يوسف لـ «الإنتباهة» أنه لا يوجد أي نص دستوري أو قانوني يخول للرئيس إقالة أي والٍ، ولذلك فإن الوالي المعني غير ملزم قانوناً بتنفيذ أي توجيه كذلك، ولكنه عاد ليقول إن مثل ذلك الطلب يأتي من منظور سياسي وحزبي، باعتبار أن الوالي عضو في الحزب الذي يرأسه الرئيس. وفي السياق نفسه أشار يوسف الذي يرأس لجنة نظام الحكم في لجنة مشروع الدستور الذي طرحته جامعة النيلين، أشار إلى أن مشروع الدستور يتضمن نصاً يفيد أن أي شخص ترشح للرئاسة وفاز في الانتخابات، عليه أن يستقيل من حزبه كما في تجربة الدستورين التركي والمصري.

صحيفة الإنتباهة
ندى محمد أحمد

[/JUSTIFY]
Exit mobile version