لماذا أوطاننا صارت «خرابة»

لماذا أوطاننا صارت «خرابة»
[JUSTIFY] شكوت مرارا من أن أكثر ما يحز في نفسي، هو أنني فشلت في كتابة الشعر.. قالوا إن على من يريد كتابة الشعر ان يحفظ الشعر، والتهمت آلاف أبيات الشعر – ليس كمن يتناول زيت الخروع، بل بنفس مفتوحة وحب صادق للشعر والشعراء.. وكثيرا ما استشهدت ببيت من شعر التيجاني يوسف البشير، تلك الموهبة الشعرية السودانية الفذة التي رحلت عن الدنيا قبل سن الخامسة والعشرين، والذي لو عرف بأمره محبو الشعر في العالم العربي لأقاموا المهرجانات باسمه وطرحوا جائزة للإبداع الشعري تحمل اسمه، ذلك البيت هو ما قاله في وصف الليل وأتحدى الشعراء السابقين واللاحقين وبكل اللغات ان يكونوا قد أتوا أو أن يكونوا قادرين على الإتيان بمثله:
للَّيلِ عمقٌ وفي الدجى نفقٌ / لو صُبَّ فيه الزمان لابتلعهْ
(تعجبني جدا بلاغة العبارة السودانية العامية: ظلاماً (ضلاما) تتكل عليه العصا.. يعني من فرط كثافة الظلام يصبح جسما صلبا تسند عليه عصاك فلا تقع).
استوقفتني مؤخرا قصيدة للشاعر المصري المبدع سيد حجاب، (وقد سبق لي تناولها هنا) كفيديو كليب، وقد رأيت ان تشاركوني متعة قراءتها، أخذاً في الاعتبار أنها مكتوبة بلغة هجين تجمع بين الفصحى والعامية:
سلوا قلبي وقولوا لي الجوابا… لماذا حالنا أضحى هبابا؟!
لقد زاد الفساد وساد فينا فلم ينفع بوليسٌ أو نيابة
وشاع الجهل حتى ان بعضاً من العلماء لم يفتح كتابا
وكنا خير خلق الله.. صرنا في ديل القايمة وف غاية الخيابة
قفلنا الباب..أحبطنا الشبابا فأدمن أو تطرف أو تغابى
أرى أحلامنا طارت سرابا أرى جناتنا أضحت خرابا
وصرنا نعبد الدولار حتينقول له (إنت ماما وانت بابا)
وملياراتنا هربت سويسرا ونشحت م الخواجات الديابة
ونُهدي الوطن حباً.. بالأغاني فتملؤنا أغانينا اغترابا
وسيما (سينما) الهلس تشبعنا عذاباوتشبعنا جرائدنا اكتئابا
زمان يطحن الناس الغلابةويحيا اللص محترماً مهابا
فكن لصاً اذن أو عش حماراوكٌل مشّاً إذن أو كُل كبابا
ودوس ع الناس أو تنداس حتيتصير لنعل جزمتهم ترابا
أمير الشعر عفواً واعتذارا… لشعركَ فيه أجريت انقلابا
وما نيل المطالبِ بالطيابةدي مش دنيا يا شوقي بيه دي غابة
يعتذر الأستاذ سيد حجاب لشوقي لكونه قام بتحوير قصيدة أحمد شوقي
التي مطلعها: سلوا قلبي غداة سلا وتابا / لعل على الجمال له عتابا..
في ذمتك ألا تحس بأن الشاعر الموجوع هذا قد يكون من أي بلد عربي، رغم علمك أنه مصري بموجب الشهادات الرسمية، لأن ما هو حاصل عندنا هو أنه: دي مش دنيا.. دي غابة.
وكي لا اتهم بسرقة مجهود الآخرين ثم نسبة المقال لشخصي أقوم بتعديل البيت الأخير في قصيدة حجاب: وما نيل المطالب بالتمني / ولكن بالوزارة والنيابة (أن تصبح نائبا في برلمان.. من نوائب الزمان، وتبصم دون ان تقول «بِغِم»).
[/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version