فأبت تلك الأحزان إلا أن تتفجر بركانا من الكلمات البسيطات التي تعجز أن تطول قامتك.. فلم يكن أمامي إلا أن أكتب عن لحظة الرحيل الذي لم أستطع أن أترجمه في حينه خاصة وأن هنالك ما يجيش بدواخلي من خواطر.. فأرجو أن تعذرني أيها المحجوب وليعذرني عشاقك كون أنني فكرت مجرد التفكير بالخوض في بحارك العملاقة كيف لا وأنت من عمالقة الكلمة في بلادي.. الكلمة التي أبدعت فيها رغماً عن المضايقات التي تعرضت لها من جهاز أمن الرئيس الراحل النميري.
فالكتابة عن الشريف صعبة لأنك تكتب عن إنسان كان همه الأول والأخير الوطن والإنسانية اللذين عبر عنهما بالكلمات القوية التي أرتاد بها آفاق لا يمكن أن يرتادها أي شاعر آخر.. أو يتكئ بجراحه علي غطاء الأمل المشرق من نافذة النبل وطهارته وعفافه.. فالمحجوب جسّد معاني الحياة في الغناء للحبيبة وللوطن وللإنسانية بمواويل وانفعالات صادقة.
والمحجوب علمنا أن نعيش بالمبادئ والقيم الإنسانية النادرة منحازاً إلي الفقر والمساكين.
علمنا أن الغيم ببشرياته يعود رائعاً إذا صدقنا له الوعد.. وأن النيل شريان للحياة.. وأن الحروف لا تموت مهما كانت الظروف المحيطة بها وتبقي خالدة في الوجدان مع أشراقة كل يوم جديد وهي تضيء الطريق للغلابة والفقراء والمساكين.
الخرطوم : سراج النعيم