ويبدو من الطقس القائم والسماء الملبدة بالأتربة والغيوم أن فصل الخريف بدأ مبكراً في بعض الولايات، والخرطوم ليست ببعيدة عن هطول الأمطار بحسب إفادة هيئة الإرصاد الجوي، وكان الأحرى أن يتم الإعداد لفصل الخريف لهذا العام منذ نهاية الفصل السابق لأن الحلول لأي مشكلة في هذه البلاد تستغرق في العادة أكثر من عام أو يزيد، فبدلاً من الشروع في اتخاذ إجراءات في الوقت الحالي كان من الأحرى التفكير بها مبكراً لتفادي أوجه القصور التي يبدو أننا سنواجهها العام الحالي ومتلاة منذ أعوام.
ذُكر أن المستهدف من إنشاء المصارف الجديدة «10» آلاف متر طولي، فالمصارف المذكورة هل تمت بالفعل أم أنها في طور الفكرة ولم تنزل أرض الواقع، مع التأكيد أن فصل الخريف (واقف في الباب عديييل) بغرض الدخول ولن يستأذن أحد حتى تهطل أمطاره الغزيرة لتملأ شوارع الخرطوم التي لم تذق طعم وحلاوة النظافة أو الترميم، وظلت مشوهةً بالتكسير والحفر والمطبات، وقطعاً ستكون مأوى مناسب لمياه الأمطار وتكاثر الباعوض، ومصدراً لقذارة تقشعِّر منها الأبدان وتشمئز منها النفوس، بعد ركود المياه وتعفنها بمرور وقت طويل عليها، واُراهن أن الخريف في السودان فعلياً ينطبق عليه المقولة المشهورة
(بجي الخريف واللواري بتقيف) وإذا لم تقف اللواري فحركة المرور أيضاً مهددة بتوقف وسائل النقل العامة والمواصلات وأصحاب الملاكي، ويتعدي الأمر الراجلين أيضاً لأن مياه الأمطار لن (تعفيَ أحد) وستقف عائقاً أمام الجميع.
المصارف الحالية القائمة في الشوارع الرئيسة، إما تم قفلها بالأوساخ والقاذورات، وإما سُرقت منهولاتها وبيعت في الأسواق من قبل المعتدين عليها، فأصبحت عبارة عن غرف مفتوحة تشكل خطراً على المارة والسيارات في الليل والنهار على السواء، وتفتقر إلى المتابعة والنظافة اللازمة لتصبح مجرى لمياه الأمطار دون انسداد أو وجود عوائق تعترض طريقها، بقدوم الخريف هنالك تخوف كبير من المواطنين، لأن هنالك جهات وشركات وأشخاص شرعوا في توصيل شبكات الصرف الصحي في مصارف الأمطار وبهطول الأمطار يختلط الحابل بالنابل، فلن نستطيع التمييز بينهما وهو أمر بالطبع يحمل مخاطر صحية كبيرة، فأنا وأنتم وغيرنا سنكون مجبرين للخوض في تلك المياه الملوثة غير واضعين في حساباتنا مآلات آثارها السالبة علي صحتنا وصحة البيئة.
تراكم المياه جَراء عدم توفر المصارف المطلوبة قطعاً يؤدي إلى تخزينها في كل بقاع المدينة في الطرق الرئيسة والفرعية والأزقة والأحياء، وتعتبر مهدداً حقيقياً وخطراً على حياة كبار السن والأطفال وتتسبب في هدم المنازل والمدارس والمنشآت الصحية والحيوية كافة، وتخلف خسائر في الأرواح والأموال وتشرد مئات الآلاف من المواطنين، وترتفع الحاجة للغذاء والكساء والمأوى، وكل هذه الكوارث تحدث لانعدم التخطيط السليم المبكر لفصل الخريف، وهنالك مشاهد كثيرة لم نتطرق إليها فإلى متى نتجاهل الخريف والمصارف دون شعور بالمسؤولية أو تقدير للخسائر المتوقع حدوثها ؟.
صحيفة الإنتباهة
رشا التوم
ع.ش