لا شك عندي أن كل حصيف ومتابع لمجريات الاحداث في المناخ السياسي العربي والعالمي في سنوات “الربيع” الاخيرة .. قد لاحظ أن ثورات الربيع هذه ليست عفوية كما يبدو من مظاهرها وظروف إندلاعها. حتي ولو كان ذلك بإحتراق شخص ما أو إحراقه لنفسه بنفسه. إنها مؤامرات مدبرة ومجهزة ومزودة بأحدث ما انتجته التكنولوجيا من تقنيات وما انتجه الفكر من مفاهيم اقتصادية كتحقيق أكبر إنجاز بأقل تكاليف وتنفيذ المهام الخطرة بالوكالة وعبر أساليب “الفوضي الخلاقة” وغير ذلك. وللاسف الشديد خدعت هذه المؤامرات كثيراً من الشعوب وخاصة فئة الشباب وحرضوهم علي تخريب أوطانهم بأيديهم وتدمير البنيات التحتية علي وجه الخصوص باستخدام وسائل التواصل الإحتماعي الحديثة وغيرها.
إذن أي حاكم فردا كان أم حزبا .. واي محكوم فردا كان ام شعبا .. يعي أن تجربة الربيع العربي التي نجحت حتي الآن في إحداث تدمير هائل بالارواح والممتلكات والبنيات في عدد غير قليل من الدول .. مع استتار الفاعل الحقيقي والمدبر الاصلي .. يعي الحاكم الفطن والمحكوم الواعي أن هذه التجربة يمكن ان تتكرر في عدد من الدول الاخري .. خصوصا الدول صاحبة التجارب الإسلامية مثل السودان.
من هذا السرد يمكن استنتاج إفادة بأن الحزب الحاكم في السودان قيادة واعضاء من الوعي السياسي والوطني بمكان .. يستحق التثمين العالي والتقدير الكبير.. وان الإستجابة الفورية ورد الفعل تجاه هذا الوضع بالإتجاه نحو الجبهة الداخلية لمخاطبة القوي الوطنية ووطرح مشروع متكامل سماه (الوثبة الكبري) تعتبر دليل عافية فكرية وسياسية كبري وليس دليل ضعف أو خوف من إنهيار النظام أو الحزب .. وعلي ذلك فمن اجل الإيقاف الدائم للصراع والعمل علي استدامة السلام.. والإنطلاق بالوطن نحو التقدم والإزدهار.. يجب الكف عن الحديث عن تفكيك النظام عبر الحوار أو الثورة أو “الربيع” أيّا كان اسمه.. او التفكير في كنس الآثار… لم يكنس الإسلام الآثار الطيبة للعصر الجاهلي وإنما استحسنها وحض علي فعلها .. ومنها الشجاعة والعفة.
قال عنترة ابن شداد:
هلا سألت الخيل يا ابنة مالك *** إن كنـت جاهلـة بما لم تعلم
يخبرك من شهد الوقيـعة أنني *** أغشي الوغي وأعف عند المغنم
أصحاب العقول الواعية .. ومناصروا الوسطية والإعتدال .. لا شك انهم سيدعمون فكرة إعادة تاهيل الدولة السودانية ببسط الحريات العامة وتهيئة اجواء الحوار للجميع .. وبناء دستور جديد يتقبله ويتبناه الجميع .. وتتم إزالة التشوهات في الإقتصاد ومعالجة السياسات المتصلة بالعلاقات مع الخارج وترميم ورتق كل مفتوق في الحياة السودانية..بلا تحديد .. مع ضرورة المحافظة علي الامن والإستقرار .. ورعاية اجواء الحوار.
المنفلتون والمتفلتون والخارجون عن القانون ..ليس لهم قبائل ولا احزاب ولا أهل .. يجب ان تتكفل بهم اجهزة العدالة النزيهة الناجزة .. قال سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم ما معناه (لو سرقت فاطمة بنت محمد لقطع محمد يدها). المطلوب هو إنزال العقوبات الشرعية أو العرفية علي المجرمين والمخالفين دون تمييز بسبب قرابة او خلافه.
وأخيراً .. لا للمليشيات القبلية أو الحزبية .. نعم للجيش القومي السوادني الواحد .. نعم للتربية الوطنية الصميمة .. نعم للسلام والامن والإستقرار والحوار البناء وبسط الحريات العامة والتنمية والإزدهار.
أعده المهندس/ إبراهيم عيسي البيقاوي