بدعوة كريمة من إدارة المركز العالمي للدراسات الإفريقية الذي يقف على رأسه أستاذ الأجيال عبد الله زكريا أمضيت سحابة يوم الأربعاء 20 مارس 2013 هناك لحضور ندوة عن الفساد في إفريقيا وما أدراك ما الفساد وما أدراك ما إفريقيا؛ تناوب على الحديث فيها لفيف من المختصين قدموا فيها حديث العارفين وكم تمنيت لو هناك قناة تلفزيونية قامت ببث هذه الندوة ليشعر الناس الخطر الماحق الذي يلف بالأقطار الإفريقية والسودان في قلبها (في الحتة دي في راسها) من جراء التطبيع والتصالح مع الفساد فالأمر المؤكد أنه لن تكون هناك نهضة تنموية ولا استقرار سياسي ولا أمان نفسي ولا انحسار للفقر طالما أن الفساد يمشي مطمئنا بين الحكومات والشعوب.
إفريقيا طيش العالم في التنمية ولكن أوله في الفساد والربط بين المرتبتين لا يحتاج لدرس عصر فعلى حسب تقارير البنك الدولي وتقارير منظمة الشفافية الدولية, تقدر الأموال التي تتداول فسادا بتريلون (الف مليار) دولار والزعماء الأفارقة يتقدمون قيادات كل العالم في ممارسة الفساد فثروة موبوتو سيسيكو الرئيس الزائيري الأسبق قدرت بأربعمائة مليار وهي تعادل 17 % من ميزانية الدولة وتقدر رؤوس الأموال المهربة في ثلاثين دولة افريقية ب187 مليار وهي تفوق ديون إفريقيا الخارجية وتفوق 80 مرة ما يلزم لإطعام الجوعى في إفريقيا. لقد أسهمت الدول الغربية بصورة مباشرة وغير مباشرة في استشراء الفساد في إفريقيا لأنها تدعم الأنظمة الفاسدة، فكل ما تشترطه من النظم السياسية هو عدم تهديد مصالحها وتحتضن بنوكها ثرواتهم التي نهبوها من بلدانهم أو تلك التي هربت إليهم.
طوفت الندوة على كافة أشكال الفساد الخشن والناعم. الخشن هو ذلك الذي يبرز للعيان في شكل رشوة ومحسوبية وابتزاز. أما الناعم فهو ذلك الذي يقوم به الموظفون العموميون أثناء تأدية عملهم وبكل هدوء فيتلاعبون في المواصفات والمقاييس والعطاءات ولا يؤدون واجباتهم إلا بعد (التسهيلات) ويتغيبون عن أعمالهم ويستخدمون سلطة الدولة للمصالح الخاصة. ورغم أن الفساد يضرب كافة مناحي الحياة إلا أن الخلاص منه لا بد من أن يكون سياسيا فالأنظمة الحاكمة التي تفسد الآن لأنها وصلت للسلطة بطرق فاسدة هي التي تكرس للفساد باتخاذ القرار الفاسد والتنفيذ الفاسد والمراجعة الفاسدة وتنعدم فيه القدوة وسلامة اليد فهذه الأنظمة فاسدة وكلما طال بقاؤها زاد فسادها, عليه يبقى تداول السلطة أول عتبة نحو العلاج من الفساد
سبق لي أن كتبت في هذا المكان داعيا لإقامة معهد لتطوير الفساد بجعله فسادا ذكيا طبعا هذا من حالة يأس من القضاء عليه فالفساد الذي يمارس عندنا فساد غبي فتجد المسؤول عن الصحة مثلا بدلا من التلاعب في كمية الأدوية المصنعة يتلاعب في مواصفاتها وفي آليات المصانع فيقتل الضحية وتجد المسؤول عن الزراعة بدلا من أن يعمل على زيادة الناتج ويسرق من المبيع يتلاعب في التقاوي والأسمدة والمدخلات الأخرى فيقضي على الزراعة نهائيا ثم لا يجد فيما بعد ليفسد فيه فيموت الضحية والجلاد معا سائق العربة بدلا من أن يضيف لها وقودا من عنده ويسرق من عائد المشاوير يسرق من الكوتة المخصصة للوقود فتتوقف العربة فيتخارج منها صاحبها ويفكه عكس الهواء من المؤكد أن لدينا فاسدين أذكياء لكن للأسف يسيطر الآن عليه المفسدين الأغبياء (حنانيك إن بعض الشر أهون من بعض)
[/JUSTIFY]
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]