الأصلع يخسر هنا ويكسب هناك

الأصلع يخسر هنا ويكسب هناك
[JUSTIFY] من حسنات – وربما مساوئ عملي – في مجال التلفزيون، أنه علمني عدم الانبهار بأشكال الناس، فقد رأيت العديد من المذيعات اللواتي يحسبهن الآخرون عسلا مصفى.. رأيتهن على الطبيعة، وكن يشبهن شمع العسل.. يعني وجوههن مليئة بالكلاكيع والأخاديد والأودية المتصدعة، وزاملت مذيعين (رجال) ترى الواحد منهم على الشاشة فتحسبه «مهند» زمانه.. شعر حرير وخدود ملساء ورموش مثل المراوح اليدوية اليابانية، وأجالسهم خارج بيئات العمل فترتفع معنوياتي لأنني اكتشف انني ومقارنة بهم ترافولتا ومهند وتوم كروز زماني.. «رغم» أن كل شيء في شكلي طبيعي، ولا استخدم مثلهم الموكيت لسد الثغرات في فروة رأسي، ولا أطلى وجهي بأي نوع من الدهان، ومن ثم فان شكلي في الصباح مثل شكلي بالليل وشكلي في يناير مثل شكلي في مارس.. شعري طبيعي.. صحيح أن الشيب مارس معي السياسة الخارجية الأمريكية وغزا كل شبر في رأسي بحجة البحث عن أسلحة الغبار الشامل، ولكنه يبقى شعري «حلالي» ولم أستعره من رأس ميت أو فقير باعه ليأكل.. وخدودي لا تخلو من أخاديد بسبب القنابل العنقودية التي قصفني بها الدهر، ولكنها ليست بحاجة حتى إلى نيفيا وأخواتها (ثقافتي في مجال الكريمات توقفت عند نيفيا وقد شاهدت في بيتي وبيوت أخرى كريمات ذات بهاء ولكنني لا أعرف لها أسماء).. ولوني أسمر، والسمرة مكياج طبيعي وهبة ربانية يسعى ذوو البشرة الفاتحة لاكتسابها بالأصباغ المسرطنة، ليصبحوا ما يسمونه برونزاج (بالمناسبة فان أصحاب البشرة السمراء أقل عرضة لسرطانات الجلد الناجمة عن التعرض لأشعة الشمس).. ولكن ملامحي وتقاطيعي الوسيمة والجميلة تلك (وموتوا بغيظكم يا جماعة الباروكات والدهانات والجل) تؤكد حسب دراسة سخيفة شملت نحو 3000 شخص، أجراها باحثون في هونج كونج، أنني لست «وِش» نعمة، لأنها توصلت إلى ان الرجال الذين يعانون من الصلع هم الأكثر ثراء (ربما كان الاستثناء هنا هو صديقي وزميلي جميل عازر المذيع في قناة الجزيرة)، فقد اتضح ان نحو 95% من المصابين بالصلع تبلغ مداخيلهم الشهرية نحو ستة آلاف دولار أو أكثر (الدراسة عن هونغ كونغ)، وكلما ازداد المرء ثروة (مالية)، كلما نقصت ثروته وفروته من الشعر… فارفع يا صديقي يديك بالدعاء: اللهم إن كان شعري سبب فقري فخلصني منه.. وتذكر ان قص الشعر بالكامل على الزيرو عند الحلاق لا يجعل منك أصلعا، وعليك بالتالي أن تتفادى الأطعمة التي تغذي الشعر وأن تستخدم نوع الكريمات التي تعصف بالشعر وتجعل الرأس قاعا صفصفا! ولكن ما يحيرني هو ان ثاني أغنى رجل في العالم الذي هو بيل غيتس لديه شعر مثل عرف الحصان، فهل ينطبق قانون الصلع والثروة فقط على أهل هونج كونج؟ يخيل إلي انني أعرف الإجابة: طبعا حتى شخص في ذكاء فيفي عبده يعرف ان الصلع ليس مفتاح الثراء، وأن الثراء هو الذي يسبب الصلع، لأن ما يحدث هو ان الإنسان وبمجرد ان يصبح لديه مال يفوق حاجاته العادية يصاب بحالة من السعار ويصبح اكثر حرصا وميلا إلى جمع المال، ومضاعفة مدخراته وودائعه، وكلما كثر المال كلما ازداد الإنسان قلقا وهلعا، والقلق والهلع من مسببات الصلع.. وبالمقابل فإن شخصا مثلي ينام قرير العين حتى بعد ان يسمع ان بورصة كذا وكذا خسرت كذا مليار دولار في يوم واحد وان أسهم الشركة الفلانية سقطت سقوط سلمان رشدي صاحب الآيات الشيطانية الذي شجع زوجته لاكشمي على نشر صور لها وهي عارية وشارك مؤخرا في إصدار كتاب يمجد الإباحية والعري… ثم طلق لاكشمي ليزيد من ثروته «الفراشية» بعد أن عثر على حسناء أخرى. [/JUSTIFY]

جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]

Exit mobile version