لا شك أن الإنحياز للشهادة الثانوية السودانية واجب يمليه علينا الانتماء للوطن شريطة ألا يختل ميزان العدل وألا تترتب على ذلك مظلمة أو إجحاف في حق شريحة كبيرة من أبناء الوطن ممن قدر الله لهم العيش خارج الوطن.
لقد عانى المغتربون زمناً طويلاً من حرمان عدد كبير من أبنائهم من فرصة التعليم في الجامعات السودانية لا لأنهم غير مؤهلين بل لأنهم مغتربون. ولذلك نعتقد أنه قد آن الأوان للجهات المسؤولة في السودان أن تعيد النظر في هذا الملف ناظرة إلى جميع الطلاب بأنهم جميعاً أبناء للوطن سواء أكانوا داخل الوطن أو خارجه، وأن يكون معيار الاختيار هو التحصيل الأكاديمي لأنه في نهاية الأمر أن بلادنا بحاجة إلى كوادر مؤهلة لتنهض بها ولا يهم أين تأهلت هذه الكوادر. ولتحقيق ذلك فإن المقاعد في الجامعات يجب أن تكون للطالب السوداني المؤهل بصرف النظر عن الجهة التي تأهل فيها.
ويعتقد المغتربون أن هنالك عاملين يؤثران على لجنة القبول عند اتخاذها القرار لتحديد النسبة التنافسية لقبول طلاب الشهادة العربية وهما:
1/ النظرة السالبة تجاه الشهادة العربية.
2/ اعتقاد أن المغتربين إمكاناتهم المادية تسمح لهم بتعليم أبنائهم على النظام الخاص
وللرد على ذلك نقول:
إذا كانت النظرة السالبة للجنة القبول تجاه الشهادات العربية لها ما يبررها في السابق، فلا نقول إن الواقع الآن قد نسف هذه النظرة ويجب تغييرها وإنما نقترح:
إجراء دراسة دقيقة وشفافة تشمل متابعة التحصيل الأكاديمي لأبناء المغتربين في الجامعات السودانية ومقارنتها مع زملائهم من طلاب الشهادة السودانية. ومن خلال مخرجات هذه الدراسة سيتوفر للجنة القبول معطيات تساعدها في رسم سياسة القبول لطلاب الشهادة العربية، كما تستطيع اللجنة من خلال هذه الدراسة تأكيد أو تغيير هذه النظرة السالبة تجاه طلاب الشهادة العربية.
أما فكرة أن المغتربين إمكاناتهم المادية تسمح لهم بتعليم أبنائهم على النظام الخاص فلا شك أن لجنة القبول الموقرة تعلم تماماً:
أولاً: إن الإمكانات المادية لكل المغتربين ليست سواء بل إن كثيراً ممن هم داخل السودان إمكاناتهم المادية أفضل بكثير من كثير من المغتربين إن لم يكن أغلبهم.
ثانياً: أن كثيراً من المغتربين يدفعون مساهمة وطنية كل عام.
ثالثاً: لقد أثقلت كاهلهم الالتزامات الأسرية التي تتعدى الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الممتدة، بل وأحياناً إلى القرية أو الحي الذي يسكن فيه.
أضف إلى ذلك أن المرحلة الجامعية هي المرحلة التي يتشرب فيها الطالب بثقافة البيئة التي يدرس فيها مما يؤثر في تكوين شخصيته ثقافيا واجتماعيا. ولذلك حريٌ بلجنة القبول أن تعمل جاهدة لجذب أبناء المغتربين لقضاء هذه المرحلة داخل الوطن.
ولذلك لا نملك إلا أن ندعم وبشدة كل ما ذهبت إليه لجنة التعليم بالسعودية «والتي يمثل أعضاؤها كوادر سودانية عالية التأهيل وأصحاب خبرات واسعة في مجال التعليم» لاعتقادنا الجازم أن هنالك إجحافاً كبيراً واقعاً على المغتربين وأبنائهم.
وختاماً يحدونا أمل كبير أن تجد صيحات المغتربين آذاناً صاغية من لجنة القبول، وأن ينصف أبناؤهم بأن يجد المؤهل منهم مقعده من مقاعد القبول العام في الجامعات السودانية.
وفق الله الجميع لكل ما فيه مصلحة للوطن.
د. علي عثمان أبشر
محاضر أعلى بكلية الجبيل الصناعية
هذا ما كتبه الأخ الدكتور علي عثمان أبشر في هذه القضية المهمة التي باتت تشغل مئات الألوف من الأسر وأبنائهم وهم في يعيشون خارج الوطن.. حتى باتت هماً مرهقاً أثقل الكاهل.. وأضيف على ما ذكره فضيلة الأخ الدكتور أن الطلاب المقيمين مع أسرهم بالخارج أي طلاب الشهادة العربية، يدرسون المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في اثني عشر عاماً بينما الطالب الذي يدرس بالسودان يدرس مرحلة الأساس والثانوي في أحد عشر عاماً، فيكون طالب الشهادة العربية ومن في حكمه قد جلس لامتحان الشهادة الثانوية بزيادة عام دراسي، ولا شك فإن هذه جزئية مهمة في التقييم من جهة زيادة خبرة الطالب ونضجه وزيادة عدد المقررات والمعلومات والساعات التي قضاها في الفصول الدراسية، وأما كون كثير من المغتربين يعيشون «كفافاً» وكثيرين منهم لا تفارقهم «الديون» السنوات الطوال فهو أمر غير خافٍ، بل هو مشهور ومن أسبابه زيادة مسؤوليات كثير منهم وارتفاع الأسعار في البلاد التي يعيشون فيها، ومن الطرائف أن أحد الإخوة المغتربين أراد مرة تشبيه استمرار الديون مع كثير من المغتربين فقال إن الديون حالها معنا كحال الأمراض المزمنة كالضغط والسكري لا تزول بالكلية إلا أنها ترتفع وتنخفض، وهذا والله ما أعلمه عن كثيرين من المغتربين، وبالتالي فليس لهم استطاعة لأن يدفعوا مبالغ هم لا يملكونها، وأملنا في القائمين على سياسة القبول بعد الله تعالى كبير في الإصغاء لهذا النداء من إخوانهم المغتربين وأبنائهم.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش