إجازات المغتربين مصاريف خرافية .. الإسراف والتبزير البوبار

يحسب الذين يقيمون بالخارج الأيام بالدقائق والثواني متمنين أن يمضي الوقت مسرعا حتى يعودوا الى أحضان الوطن وقضاء أجازتهم بين أهلهم وأحبائهم ولكن سرعان ما يتحول الوضع بعد عودتهم بعدة أيام أو أسابيع الى كابوس بعد أن ينفقوا ما لديهم من مال لان معظمهم ينفقون في أيامهم الأولى من عودتهم بسخاء محاولين تعويض أهاليهم عن سنوات الغربة.
وبالرغم من أن هؤلاء المغتربين يعودون بأموال طائلة الا أن الصرف غير المرشد يسهم في ضياع تلك الأموال وبعضهم يصرف بطريقة بذخية وفيها نوع من الإسراف والتبزير فتصبح أرقام صرفهم فلكية فيضيع كل الذي جنوه في أيام وبعدها يصبح ذلك المغترب خالي الوفاض وبعضهم يلجأ الى الاستدانة.
الهروب من الجحيم خضر محمد جابر عاد الى السودان برفقة أسرته بغرض قضاء عطلة المدرسة وكذلك كتجربة لأولاده إذا كانوا يستطيعون التأقلم للاستقرار مستقبلاً وكذلك حتى يتعرفوا على أهلهم في السودان، حيث قال كانت أول صدمة عندما ذهبت الى إيجار شقة مفروشة لكي يكون أولادي وزوجتي مرتاحين ولا أثقل على أسرتي ولا على أسرتها فوجدت أسعارها خيالية وبالرغم من ذلك أجرتها ولم يمض أسبوعي الأول حتى أعلنت حالة الطوارئ في ترشيد المصروف وحرمتهم من بعض الأشياء التي تعتبر في السودان إسرافا مثل مياه الصحة وأكل الشكولاته وبعد أسبوع آخر دخلت في نظامهم الغذائي وهنا لم يستطيعوا التكيف لتبدأ رحلة المعاناة اليومية في إقناعهم بالتكيف ولكن لم أستطع وكان الحل الوحيد أن أرجعهم وأتم أنا إجازتي
بعد أن أحس عوض بأنه سوف يفلس قطع أجازته التي كان ينوي تمضيتها بين أهلة فهو لم يكمل ثلثها فقال «لم أنزل أجازة منذ أكثر من ثلاث سنوات وكنت أفكر أن أخذ أجازة طويلة بعض الشيء لكي أعوض أهلي عن المدة الطويلة التي قضيتها بعيداً عنهم وبالرغم من اطلاعي على ما يجري في السودان ومعلوماتي عن الغلاء الحاصل إلا أني لم أكن أتخيل أنه أصبح بتلك الصورة المخيفة لقد صرفت ما كنت أنوي أن أقضي به أجازتي كلها وهي ثلاثة أشهر في أسبوع واحد فخفت أن أصبح عاله علي أسرتي لذا قررت العودة قبل أن أفلس ولا أجد ثمن التذكرة التي أرجع بها.
بيع مقتنيات لم يستطع مختار الجلوس مكتوف اليدين والنظر لمن حوله وهم يبذلون جهدا كبيرا حتى يوفروا له بعض الراحة خاصة بعد الغيبة الطويلة عنهم وهم يعرفون أنه قد أنفق كل ما معه من مال دون أن يشعر ليجد نفسه في وضع حرج بعد كل تلك السنوات، ويعود كما كان في السابق مفلسا، فما كان منه ألا بيع مقتنياته الشخصية مثل هواتفه المحمولة وكذلك «لاب توبه» وبعدما لم تكفه اتجه لعطوره وملابسه التي لم يستعملها وفي النهاية عاد كما سافر أول مرة لا يملك شيئاً.

وهذا ما فعله وليد الذي بعد أن قام بإعداد ميزانية دقيقة لم تفتها شاردة ولا وارده الا وعمل لها ألف حساب ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فلم يستطع السيطرة عليها ليبيع أجهزة أولاده من ألعاب وهواتف وكمبيوترات ورغم ذلك لم يستطع تغطية نفقة أسرته الصغيرة ليبدأ في الاستدانة من أصدقائه ومعارفه لتتحول تلك الإجازة من قضاء بعض الوقت الممتع بين الأهل والأصدقاء الى كابوس مخيف ورجع وهو مثقل بالديون.
آراء حول الموضوع علقت سهام قائلة يرجع السبب للنظرة الخاطئة للمغتربين، ففي مجتمعنا كل شخص يعمل في الخارج يظن الناس أنه يمتلك الأموال الكثيرة فإذا لم يدفع بسخاء ويقيم الولائم الضخمة ويذبح الذبائح يطلق الناس حوله الشائعات ويكون عرضة للقيل والقال.
فيما عزا أبو القاسم السبب فيما سماه فوضى في الأسعار فكل مغترب تعود علي نمط حياة معين عند قدومه للسودان يحاول العيش بنفس الطريقة ولكن فرق الأسعار يجعل الصرف في السودان خرافيا بالمقارنة مع صرفه في الدولة التي كان يقيم فيها،
ورمت روضة باللائمة على المغترب نفسه، فقالت كل واحد يرجع من الغربة فبدلا من أن يستثمر أمواله بطريقة مفيدة يحاول التباهي والبوبار بما يمتلكه من مال وحتى يبين للناس أنه أصبح يمتلك النقود وينجر وراء المظاهر الخداعة وفي النهاية لا يستفيد من كل ذلك سوى ضياع نقوده.

صحيفة الإنتباهة
صديق علي
ع.ش

Exit mobile version