هل تؤدي مذكرة اعتقال البشير إلى تصدع الحركة الشعبية؟

يبدو أن تباين الآراء والمواقف في السودان من مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس عمر حسن البشير سيقود الحركة الشعبية لتحرير السودان الشريك الثاني في حكومة الوحدة الوطنية إلى دفع ثمن باهظ لم تكن بحاجة إليه، في الوقت الراهن على الأقل .

فبينما أبدت أحزاب سياسية موقفا رافضا لمذكرة المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من خلافاتها مع الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، لا يزال كثير من قادة حكومة جنوب السودان والحركة الشعبية الشريك الثاني في الحكم غير قادرين على توحيد موقفهم من القضية وإن لم يُعلن ذلك بعد.

هذا التباين دفع قيادات مؤثرة إلى التبرم والبوح بما تراه مناسبا من موقف تعتبره وطنيا، مشيرة إلى أن قبول التعاون مع المجتمع الدولي بشأن قرار المحكمة الجنائية الدولية ربما ساهم في تدخل أجنبي في البلاد وبالتالي إحداث تأثير سلبي على اتفاق السلام الشامل.

لكن سكرتارية الحركة الشعبية لتحرير السودان أصدرت بيانا اتهمت فيه بعض قياداتها بالعمل خارج الإطار المؤسسي وعلى رأسهم وزير الخارجية السابق لام أكول، دون أن تكشف عن التفاصيل الحقيقية لإدانة بعض قادتها.

غير أن هناك من يؤكد أن بعض قادة الحركة يعتبرون أن قادة آخرين بدوا كأنهم أقرب إلى المؤتمر الوطني في كثير من المواقف.
عودة إلى الحرب
وتوقعوا أن يتسبب اتهام القادة في خروجهم على الحركة وبالتالي التوجه إلى إعادة تكوين فصائلهم المقاتلة استعدادا لفصل جديد من العنف القبلي في الجنوب.

فقد استنكر لام أكول عضو مجلس التحرير ووزير الخارجية السابق البيان الصادر بحقه والاتهامات التي وجهت إليه. وتوعد في بيان له بأنه سيكون له حديث ومقال في حال ثبت أن قيادة الحركة الشعبية موافقة على ما تم نشره في بيانها.

كما اعتبر نائب رئيس المجلس الوطني عن الحركة الشعبية أتيم قرنق أن الحركة “يجمع أفرادها الحزب، لكن لكل فرد فيها طريقة تفكيره” كما هي حال الأحزاب السياسية الأخرى.

واستبعد في تعليق للجزيرة نت أن يكون الخلاف عميقا لكنه قال إن اختلاف الطرح وأسلوب التعبير عن المواقف ربما يقود إلى التباين كما يظهر الآن، معتبرا أن الطريقة التي صدر بها بيان الحركة بحق قادتها “غير مؤسسية بل هناك أخطاء إجرائية صاحبت ذلك”.
تأجيج الصراع
من جانبه توقع الخبير السياسي حسن مكي أن يكون الموقف من المحكمة الجنائية الدولية هو ما أجج الصراع وأعاده إلى الواجهة من جديد.

وأكد وجود تصدعات سابقة بجسم الحركة الشعبية خاصة بين مؤيدي الراحل جون قرنق ومعارضيه، مشيرا إلى أن هناك من يرى أن تيارات دخيلة على الحركة هي التي بدأت تسيطر على الأمور في جسم الحركة الشعبية “بل كانت تسعى لإسقاط قرنق عن زعامة الحركة”.

وقال للجزيرة نت إن مناسبة المحكمة الجنائية الدولية ومذكرتها يمكن أن تكون مقياسا لقراءة التوترات، معتبرا أن إقصاء الآخر أصبح أمرا مرحبا به داخل الحركة.

وأكد أن موقف الحركة الشعبية ظل دوما مؤيدا لأميركا بل وفي قاطرة خلفها “وبالتالي فإن الجهات التي تؤيد أميركا وتدعو بالتالي للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية ربما شعرت بأن هناك من يسعى لأخذ زمام المبادرة منها وأن هناك من تقدم الصفوف عليها برفضه تحركات الجنائية الدولية.

الجزيرة نت

Exit mobile version