مناخ الحريات سيتيح لكل الأصوات السياسية فرصة لتقديم أعمالها بالطريقة التي ترها هي وتفضلها وبالأسلوب واللغة التي تختارها.
إنها منافسة (ذا فويس) السياسية في السودان تتيح فرصة الغناء لكل المتنافسين بحيث لن يشكو أحد من عدم توفر فرصة التعبير وتقديم ما عنده من أطروحات وأفكار بأعلى صوت والغناء باللغة التي يريدها.
فقط ننتظر الدهشة وننتظر الأفكار التي تطرب مسامعنا وعقولنا والتي من المفترض أنها كانت حبيسة وستتوالي في الانطلاق.
نقد النظام ليس هو النص الشعري المقدس الذي سيتحمل المستمعون سماعه كل يوم في الصباح والمساء، وكذلك التغني بالحريات سيصبح في مرحلة من المراحل نشيداً لا داعي له وكذلك القوافي النضالية والثورية.. كلها ليست مطربة ستكون، ولن تكون ممتعة جداً بدون أفكار وأطروحات موضوعية يفترض أن تنتظرها المنابر..
الأفكار هي زوارق السباق التي ستخوض بها القوى السياسية منافستها في مضمار الحريات .. هي الجياد التي تنطلق في المنافسة المشهودة، وجواد النضال من أجل تحقيق حلم الحريات لن يكون ضمن المنافسة.
فماذا عند القوى السياسية من مشروعات مقنعة؟
وماذا سننتظر من متعة موضوعية وحقيقية في مناخ الحريات؟
متعة للعقول وراحة للنفوس من هواجس المستقبل والبناء والتطوير.
تلك ستكون أصعب محكات المرحلة القادمة خاصة بالنسبة لحفظة (لوح) المصطلحات النضالية بلا فكرة ولا مشروع حقيقي .. سينكشف حال المحتمين بخيمة الهتاف .. ستنكشف حقيقة الفكرة والموضوع بمجرد ارتداء ثياب الطقس الجديد، إذ ستنتفي أسباب الشكوى من الصقيع وحر الشمس، وسيكسد خطاب إجترار الماضي والجلوس على تلال فشل النظام، فهذا ليس ما ينتظره المستمعون ولا ما يصلح ترويجه باسم الوطن.. ننتظر المفيد .. ننتظر المشروعات التي كانت القوى السياسية تشكو من عدم توفر الفرصة لتقديمها وطرحها والترويج لها وحشد الجماهير خلفها ننتظر المقنع والمفيد.
وطبعاً هذه الجماهير التي ستخاطبونها هي جماهير (نجيضة) بل هي أوعي سلالة من الجماهير السياسية في المنطقة العربية .. تريد أفكاراً حقيقية وليست شعارات قطيعية بالألوان.
لا حجة ولا مبرر، وأنا شخصياً أنتظر متابعة ندوة المؤتمر السوداني القادمة في شمبات، وأنتظر متابعة كل الندوات السياسية التي بعدها لأنني أتعطش مثلي مثل كل السودانيين لأفكار جديدة لو وجدت فقد تروي الظمأ ولا أنتظر الاستماع إلى غبائن سياسية ومناحات ونواحات وشتم ولطم وهتافات وأناشيد و(أغاني وأغاني).
نحن من جيل أتيحت لنا فرصة لمعايشة مناخ الديمقراطية الثالثة، كان مناخاً مكتمل الحرية لكنه مناخاً فقيراً في الفكرة والمضمون، وقد مورست فيه أسوأ نماذج الانحطاط في الخطاب الصحفي والإعلامي .. كنا صغاراً نسبياً في العمر لكننا نعرف كيف نسخر ونضحك ونستاء..!!
كنا حين نطالع كاريكاتيرات الصحف وهي ترسم صور السياسيين على أشكال حيوانات نشفق على هؤلاء السياسيين وعلى أبنائهم وأهلهم من هذا الأذى وكان البعض يظن أنها هي الديمقراطية الحقيقية..
ننتظر وعلى أحر من الجمر التجربة الوشيكة، تجربة التعبير السياسي المفتوح .. فهل تري تأتينا فعلاً مختلفة لا يتراجع فيها الخطاب الإعلامي والصحفي عن صانته ولا تتراجع فيها الأقلام الصحفية عن احترامها للقارئ واللحياء العام ولعقول الناس.. (نشوف)..
صحيفة اليوم التالي
ع.ش