غرب دارفور.. الصراع القبلي في دارفور الأسباب وفرص الحلول

الصراع القبلي في دارفور أصبح أحد أهم المهددات الأمنية في الإقليم إن لم يكن السودان أجمع فقد أدى هذا الصراع إلى حصد المئات من الأرواح وآلاف النازحين والمشردين والجرحى، وكذلك أدى إلى هروب رأس المال وضياع فرص الاستثمار والتنمية وفاقم إلى حد كبير في تعقيد مشكلة دارفور ويبدو أن دارفور التي تميزت بتركيبة قبلية معقدة ولكنها في الوقت ذاته اتسمت بالتعايش السلمي بين جميع المكونات الاجتماعية وساد بينها التسامح والتعايش والاختلاط وفق قيم وتقاليد متعارف عليها يبدو رغم كل ذلك أنها مقبلة على وضع أكثر تعقيدًا بفعل تصاعد وتيرة الصراعات القبلية.

ويرى مدير معهد جبل مرة للبحوث الدكتور آدم كبس أن دارفور بها قواسم مشتركة بين جميع المكونات السكانية أهمها الدين الإسلامي إذ أن جميع أهل دارفور مسلمون ويتخذون مذهباً واحدًا في التدين كسائر أهل السودان وهو المذهب المالكي، ويلعب التصوف والتدين عموماً دورًا كبيرًا في نمط حياتهم حتى صار جزءًا من ثقافتهم وتقاليدهم الاجتماعية، ويقول كبس إن نماذج العلاقات الاجتماعية والروابط القوية وشيوع ظاهرة التصاهر بين القبائل المختلفة خاصة قيادات تلك القبائل لتوثيق العلاقات الاجتماعية فيما بينهم ورغم كل هذا الانصهار الذي يبدو ظاهرًا في بعض الأحيان والتعايش السلمي والتقارب الديني إلاّ أن وتيرة الصراع القبلي أصبحت تتزايد بشكل أكثر بشاعة ودموية، ويرى بعض المراقبين أن هذه الصراعات خلفت أوضاعاً مأساوية من تلك التي خلفها صراع الحركات المسلح مع الحكومة طيلة فترة الحرب. ويرى كبس أن أهم أسباب هذا الصراع تتمثل في الصراع على الأرض والماء وعدم تمكين الإدارة الأهلية من الاطلاع بدورها كاملاً في تسوية العديد من النزاعات وانتشار السلاح إضافة إلى التحيز نحو القبلية والاستئثار بالسلطة فيما يرى أحد القيادات رفض ذكر اسمه أن الجهل يأتي في أولوية أسباب الصراع القبلي إضافة إلى الانتشار الواسع للسلاح حيث يقول إن بعض القبائل أصبحت دويلات داخل الدولة بامتلاكها لأحدث الأسلحة وطالب في الوقت ذاته بأهمية جمع السلاح من أيدي المواطنين بصورة واضحة وفق خطة ممنهجة ويضيف دكتور كبس أن طريقة دفع الديات ربما يكون دافعاً للبعض لارتكاب المزيد من جرائم القتل طالما أن الجاني لايعاقب عقاباً فردياً، ويشير إلى أن مؤتمرات الصلح ليست بالآلية القادرة على حسم الصراعات وغالباً ما تلجأ إلى الحلول التوفيقية التي تؤجل حدوث الاحتراب القبلي ولا تزيل مسبباته فالأمر قابل للانفجار في أي وقت إضافة إلى أن مقررات وتوصيات لجان الأجاويد لا تجد طريقها للتنفيذ، عموماً ومهما تتعدد أسباب الصراعات القبلية وتتباين وتتفق وجهات النظر في الحلول الممكنة لوقف نزيف الاحتراب القبلي يبقى أمر أن هذا الصراع دخل مراحل متقدمة باستخدام أحدث أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ومشاركة أطراف من خارج الحدود تربطها صلات قبلية في الغالب الأعم مع أحد أطراف النزاع لذلك يجب على الدولة أن تولي أمر هذه الصراعات أهمية قصوى حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة طالما أن التركيبة المجتمعية أصبحت هشة في منطقة تشهد انتشاراً واسعاً للسلاح وعدد من الفصائل المتمردة وأخرى موقعة على اتفاقيات سلام مع الحكومة لكنها ما زالت محتفظة بسلاحها في وقت أصبح فيه للأسف الولاء للقبيلة أكثر من أية جهة أخرى.

صحيفة الانتباهة
محيي الدين زكريا
ع.ش

Exit mobile version