التمثيل النسبي القومي يعطي الحزب فرصة الانتشار قومياً واستقطاب القوى الحديثة
نظام القائمة المنفصلة للنساء هو الأفضل إجرائياً وفنياً
ستنشأ مفوضية جديدة للانتخابات بديلة للهيئة يجاز قانونها قريباً
العمل في السجل الانتخابي والإجراءات الانتخابية يرتبط بنتيجة التعداد السكاني
لأكثر من عام ظل قانون الانتخابات قابعاً داخل أروقة المفوضية القومية للمراجعة الدستورية بسبب الخلاف حول نسبة التمثيل النسبي وقوائم المرأة، حيث وصلت مساعي المفوضية للوصول لاتفاق حوله من جانب القوى السياسية لطريق مسدود، الأمر الذي اضطرها لدفعه لرئاسة الجمهورية التي فضَّلت الصمت وعدم الإدلاء بأي ردود حوله، وهذا بدوره يرمي بظلال سالبة على العملية الانتخابية المرتقبة وربما يتأخر قيامها الذي حددته اتفاقية السلام الشامل.. (السوداني) التقت بالأستاذ جلال محمد أحمد الأمين العام لهيئة الانتخابات العامة لإلقاء الضوء على هذه الجوانب.
** أستاذ جلال محمد أحمد ما هي الآثار المترتبة من جراء تأخير إجازة قانون الانتخابات نظراً لارتباطه بفترة زمنية محددة وفق اتفاقية السلام الشامل؟؟
= في تقديري أن تأخير إجازة قانون الانتخابات له انعكاسات خطيرة، إذ يحدث خللاً كبيراً في الجداول الزمنية المرتبطة بالعملية الانتخابية والتي ترتكز على عدة خطوات تتمثل في التسجيل والترشيح والدعاية والاقتراع والفرز وإعلان النتيجة والطعون، لذلك فأي تأخير لإحدى هذه العمليات سينعكس بطريقة مباشرة على التي تليها. ولكن بغض النظر عن تأخير إجازة القانون، فإن العملية الانتخابية تعتمد اعتماداً أساسياً على نتيجة الإحصاء السكاني الذي أجري في أبريل الماضي لأنه يعتبر المؤشر الحقيقي في تحديد الدوائر الجغرافية كي يتم التسجيل حسب الدوائر، علماً بأن مشروع القانون الجديد ينص على دوائر جغرافية وسجل قومي ودوائر نساء، فالانتخابات القادمة تعتبر استثنائية وتختلف عن الانتخابات السابقة التي كانت تعتمد على نظام الصوت الواحد ودوائر الخريجين ونظام الانتخابات المباشرة، حيث كانت تتم إجراءاتها في غاية السهولة لكن الوضع الآن يختلف، إذ أصبح من الضروري تحديد الدوائر الجغرافية حسب المتفق عليه في القانون، وكذلك التسجيل الصحيح لإكمال الدوائر القومية ودوائر النساء إذا كانت ستحدد على أساس قومي أم ولائي. إذاً، فالمسألة أولاً وأخيراً ترتبط بإعلان نتائج التعداد السكاني.
** ولكن على أرض الواقع تعذّر إجراء التعداد السكاني في بعض المناطق لظروف أمنية كما في مناطق النزاعات في دارفور وأبيي وأجزاء من الجنوب.. ما هي المعالجات التي يمكن أن تعتمد عليها هيئة الانتخابات لتحديد الدوائر والتمثيل النسبي للقيام بإجراءات العملية الانتخابية؟؟
= هيئة الانتخابات العامة في كل الحالات لا تعتمد إلا نتيجة التعداد الصحيح الذي تعلنه الجهات المختصة.
** طالما أن الهيئة لا تعتمد إلا على نتائج التعداد الصحيح كمرتكز أساسي لتحديد الدوائر الجغرافية، إذًا الانتخابات لن تقوم في المناطق التي تعذّر فيها التعداد؟؟
= هناك مفوضية جديدة تقوم بأعمال الانتخابات وتضع كافة المعالجات وستبدأ عملها بعد إجازة القانون الخاص بها.
** كيف تنظرون للخلاف حول قانون الانتخابات بين المؤتمر الوطني والأحزاب حول نسبة التمثيل النسبي التي كانت مقترحة والتعديل الذي اقترحه المؤتمر الوطني وحزب الأمة؟
= في البدء لا بد أن نسأل أنفسنا لماذا نحن نرغب في دوائر القوائم الحزبية؟ أولاً: لأن الدوائر الحزبية فيها نوع من العدالة للأحزاب المختلفة، لأن بعض الأحزاب تترشح في دوائر كثيرة وحزب يترشح في دائرتين فيحدث أن يفوز الحزب الذي نزل في الدائرتين، وقد لا يفوز الحزب الذي ترشَّح في خمس دوائر ويكون مجموع أصواته في الدوائر الخمس أكثر من الحزب الذي فاز بدائرتين. الشيء الثاني نحن نريد أن نعرف معيارا بالنسبة للأحزاب إذ ليس من المعقول أن يكون هناك (114) حزباً وهل فعلاً أن هذه تمتلك قواعد جماهيرية. فنحن نريد أن نطرح المسألة حسب (المنافستو) للأحزاب، بمعنى تقييم الأحزاب حسب برامجها لذلك جاءت مسألة التمثيل النسبي للأحزاب.
** هناك خلاف حول التمثيل النسبي هل يكون قومياً أم في كل ولاية فأيهما الأنسب من ناحية إجرائية وفنية؟؟
= أعتقد أن التمثيل النسبي القومي يعطي الحزب فرصة الانتشار قومياً، فإذا طالب حزب بالتمثيل النسبي حسب الولايات فكأنما رجعنا بطريقة غير مباشرة للدوائر الجغرافية، فبعض الأحزاب الآن ترى أن توزع الدوائر الحزبية القومية حسب الولايات وأخرى ترى توزيعها قومياً فهذه هي أبرز نقاط الخلاف.
النقطة الأخرى بالنسبة لدوائر التمثيل النسبي والدوائر الجغرافية.. فالإثنان يحتاجان لمجهود إلا أن الدوائر القومية تتيح للأحزاب استقطاب القوى الحديثة والفئات من عمال وزرَّاع ورعاة ورأس مالية ورجال أعمال وغيرهم، وذلك عبر ممثلين لتلك الفئات واستقطابهم في مسألة التصويت، إذ تتم الاستفادة بطريقة مباشرة من تلك وادخالها منظومة العمل البرلماني وطرح تطلعات هذه المجموعات في العملية الحزبية، وذلك يعتمد على نوعية المرشحين الذين يتم طرحهم في الدوائر القومية. أما الدوائر الجغرافية فهناك عوامل أخرى غير السياسية تتحكَّم فيها تتعلق بالمرشح ومدى قبوله من دائرته وخبرته وتعامله مع الآخرين وتجاربه السابقة وهل كان نائباً قبل ذلك.. كلها أشياء توجد في الدوائر الجغرافية، وهناك ثقل لبعض النواب غير الثقل السياسي ثقل حزبي وقبلي وطائفي وأشياء كثيرة، إذاً الدوائر القومية يمكن أن تتم من خلالها المعالجة لدوائر القوى الحديثة.
** وهل ترى أن هناك نسبة معينة تكون الأفضل لحل هذا الإشكال في القانون؟؟
= الأحزاب أصلاً اجتمعت لتخرج هذا القانون فأي حزب يريد أن يكون القانون منصباً حول رؤيته ولا أتخيل أن حزبين أو أكثر سيتفقان على القانون لذلك المسألة لا تحدد بما هي النسبة الأكثر أو الأحسن.
** أيضاً هناك خلاف على تمثيل النساء ضمن قائمة الحزب الموحدة للتمثيل النسبي وعلى نظام التمثيل التبادلي امرأة رجل امرأة رجل… إلخ، في تقديركم ما هو الشكل الأنسب فنياً واجرائياً؟؟
= تمثيل المرأة نوع من التمييز الايجابي ونوع من الكوتة لمرحلة معينة لفئة معينة لأنه جرت العادة أن تكون نسب النساء في البرلمانات ضعيفة جداً مقارنة بعدد النساء، وهذا ليس بجديد وليست مسألة مستمرة أيضاً ستنتهي بنهاية السبب الذي أوجدها.. بالنسبة للمرأة أعتقد أن هناك صعوبة إجرائية في النظام التبادلي امرأة – رجل لأنك لا تستيطع أن تفرض على الناخب أن يكتب امرأة رجل، كما أنه لا يمكن الدخول مع الناخب في ستارة التصويت وكذلك لا يمكن التحكم في هذه المسألة خاصة أن الأمر في الأول والآخر مرتبط بكوتة محددة بموجب القانون أعطيت الـ(25%) وفي النهاية عندما يتم فرز الأصوات قد لا تجد عدد أصوات الـ(25%) من النساء، لذلك فالسبب الذي جعل هذه المسألة استثنائية يجب أن يستمر على أساس أن تكون للنساء مقاعدهم بالطريقة التي تكفل لهم حقهم في ممارسة العمل الانتخابي وهذا لا يمنع أن تتنافس الأحزاب على مقاعد النساء وتقدم مرشحات نساء خاصة وأن الرجال والنساء يصوتون لكن عندما تكون هناك قائمة امرأة رجل كيف يمكن فرضها على الناس.. فهذه الطريقة صعبة من الناحية الإجرائية والفنية.
** هناك مآخذ على نظام القائمة المنفصلة باعتبار أنها تعطي أصواتاً أكثر لجهات أصلاً تمثيلها أكبر وقد يستفيد من ذلك نساء المؤتمر الوطني في اكتساح الانتخابات؟؟
= المرأة باعتبارها ناخبا هناك برامج مطروحة لموضوع التمييز الايجابي الاستثنائي، فالحزب الذي يطرح برنامجا أفضل للمرأة يمكن أن ينافس وليس بالضرورة حزب (أ) أو (ب) أو سطيرة حزب معين، فمظهر الكثرة والتجمعات ليس مقياساً لقوة الحزب، فالمعيار الحقيقي هو الطرح الذي يقدمه والحملة الانتخابية نفسها وكيفية استقطاب النساء ونوعية المرشحات اللاتي يتم تقديمهن وكيف نأتي بنساء يمثلن كل ألوان الطيف السياسي والمهني كالمعلمات ونساء الأعمال والمهنيات وأعتقد أن هذا الاستقطاب يعتمد على الحملة الانتخابية ونوع المرشحات والعمل الذي يقوم به الحزب أثناء الانتخابات وليس الكثرة لأنها قد تكون موجودة ولا تقبل على التصويت.
** الأحزاب تحدثت عن مراجعة لبعض بنود القانون وبعضها طالب بصياغة قانون جديد ما هو تقييمكم لمشروع القانون وإلى أي مدى يقود لانتخابات تشكل نواة للتحول الديمقراطي؟؟
= بصفتي مراقبا أعتقد ان القانون بُذل فيه جهد كبير من قبل المفوضية القومية للمراجعة الدستورية واستطاعوا استقطاب كل ألوان الطيف السياسي، ومن خلال النظرة لمشروع القانون آخذ عليه أنه دخل في تفاصيل كثيرة جداً فهو يحتوي على (114) مادة، ولهذا لم يحدث في أي دولة من دول العالم، فقانون الانتخابات في كل العالم لا يتعدى (30) أو (40) مادة والباقي يترك للوائح والمراشد والقوانين، إلا أن حرص الأحزاب على أن يجد كل حزب نفسه داخل القانون أدى لهذا التوسع في مواد القانون فأدخلوا فيه قانون منع الأساليب الفاسدة والإجراءات الفنية للترشيح والرسوم.
** برأيكم كيف يمكن الخروج من أزمة قانون الانتخابات؟
= أفتكر انه لا بد ان يكون هناك حدا أدنى يتفق عليه الناس لأنه ليس من المجدي أن تتعنت كل جهة على رأيها لكن ذلك لا يؤدي للتحول الديمقراطي والفيصل لكل هذه الفئات هو صندوق الاقتراع.
** ماذا بشأن استعدادات الهيئة العاملة للانتخابات من حيث الاجراءات المتعلقة بالانتخابات والسجل الانتخابي وخلافه؟
= في تقديري أن العنصر الزمني مهم جداً، خاصة في الانتخابات القادمة التي تعتبر استثنائية بكل المقاييس وسوف تحظى بدعم عالمي كبير ونظرة عالمية أيضاً لأنها واحدة من أسباب الاستقرار بالنسبة للسودان وأعتقد أن هذا الدعم العالمي الكبير سيساعد على تفعيل العلمية الانتخابية.
** وهل بدأ العمل في السجل الانتخابي الجديد؟
– لم يبدأ بعد لأن هذا يرتبط بإعلان نتائج التعداد الذي يتم من خلاله تحديد الدوائر الانتخابية؟
** تجارب الإنقاذ الانتخابية خلقت نوعاً من الشك لدى الناخب السوداني كيف يمكن ايجاد آلية مراقبة يعيد الثقة للناخبين؟
= القانون المقترح نص على قيام مفوضية جديدة للانتخابات للقيام بأعمال الانتخاب ولأول مرة نص مشروع القانون على الرقابة المحلية الدولية، فالرقابة أمر لا بد من توفره لأنها تعكس المصداقية والشفافية للعملية الانتخابية وهي تسمح لمنظمات المجتمع المدني والمنظمات المحلية والدولية والإقليمية للمشاركة فيها فنحن تريد انتخابات تحت ضوء الشمس للخروج بمصداقية في النتيجة كي لا نعود للحلقة الشريرة.
** وما هي الشروط التي يجب توفرها في المراقب الذي يمكن أن يفضي لنتيجة صادقة؟
= لا بد من تمليك المراقب الحد الأدنى من المهارات اللغوية والإلمام بالمواثيق الوطنية، إضافة لامتلاك المعلومات السياسية والأمنية في البلد مع وجود المراقبين بصورة مشروعة. خاصة وأن مهام المراقب ترتكز على رصد الانتخابات والاقتراع والتأكيد على مطالب الناخبين والمرشحين وتهيئة المناخ للتأمين والسلامة وسرعة الانتخابات والتأكد من مطابقة عدد الأصوات والإطلاع على القوانين الموجودة.
** ما هي المعالجات التي أعدتها الهيئة بالنسبة للمناطق التي يتعذّر فيها قيام الانتخابات كدارفور وأبيي؟
= تحديد مواقيت الانتخابات في هذه المناطق هو من صميم مسؤولية المفوضية الجديدة للانتخابات وهي المسؤولة أيضاً عن تحديد الموقف الأمني في كل دائرة سواء من الدوائر الجغرافية أم القومية، وإذا كان يسمح بقيام الانتخابات وهذه يحكمها القانون نفسه.
** وهل حدد قانون المفوضية الجديدة وضعية المغتربين في الانتخابات المرتقبة؟
= أعتقد أن قانون المفوضية الجديدة حوى كافة المعالجات بالنسبة لكثير من الاشكاليات، فالمفوضية جهة مستقلة وستكون لها فرعيات في الولايات ولها كوادرها المدربة في الداخل وفي نيتها الاستعانة بكوادر من الخارج.
** وهل ستكون المفوضية جسماً بديلاً لهيئة الانتخابات العامة؟
– بالتأكيد، لأن الانتخابات القادمة كما ذكرت هي انتخابات استثنائية وهي التي يتوقف عليها مستقبل الاستقرار السياسي في السودان، فهذه المفوضية ستتولى كل أعمال الانتخابات بعد إجازة قانونها المقترح.
** كيف تقرأ مطالبة الأحزاب بالدفع بقانون الانتخابات للبرلمان دون تمريره على مجلس الوزراء؟
= ليس ذلك من اختصاصي ولا أريد أن أدخل في مجالات سياسية، لكن من خلال عملي كأمين عام سابق للمجلس الوطني لا بد من عرض القانون على مجلس الوزراء وإجازته تم الدفع به إلى قبة البرلمان لإجازته عبر القراءات الثلاث.
** كيف تفسرون تصريحات الحركة الشعبية التي أشارت فيها إلى أنها لن توافق على قانون يتم تمريره بالأغلبية الميكانيكية؟
= أعتقد أن الروح التي جعلت الناس ينتظرون كل هذا الوقت ويتم التشاور على الطرح وتبادل الآراء يمكن أن يواصلوا المشوار ويصلوا للتراضي لأنه في حال تم تمرير القانون بأغلبية ميكانيكية فسوف لن تكون هناك فاعلية للقانون، فالناس يحتاجون لقانون يشارك فيه الجميع على الحد الأدنى الذي يجعلهم يمضون للأمام قدماً.
** ذكرت أن هناك كثرة في عدد الأحزاب.. ما هو التأثير المباشر لذلك على العملية الانتخابية؟
= كثرة الأحزاب يترتب عليه إضعاف العملية الانتخابية.[/ALIGN] صحيفة السوداني