وكشفت جولة ميدانية للصحيفة عن محاذير وتقارير خطيرة تشير إلى خيوط مؤامرة جرثومية جديدة، لافتة في الوقت ذاته إلى تحذيرات أطلقتها منظمات دولية لرعايا تلك الدولة من خطورة الخنازير المريضة.
إلى ذلك شكلت بوزارة الثروة الحيوانية فرقة للتدخل السريع من فريق متكامل لإجراء المسح الميداني لتقييم الوضع، وأكدت مصادر رسمية خلو الولاية من أي وباء، وقالت في تصريحات خاصة إن سلطات الولاية قادرة على السيطرة بما تملك من كفاءات بيطرية ومعدات وأجهزة ووسائل تحرك لأي موقع بالولاية، على أي وباء.
اتساع الشريط الحدودي بالسودان والتهابه في بعض البقع فضلاً عن تواضع القوات الأمنية المنوط بها مهمة التأمين جعل من الحدود تحدياً أمنياً كبيراً وهي تعاني العديد من المهددات، المعروفة كالتهريب والتعديات والتسلل وغيرها، وقد أضيف للحدود الشرقية الموازية لمنطقة القريشة مهدداً جديدًا وخطيراً يشير إلى كارثة حقيقية، وذلك عندما تفاجأ مواطنو المحلية الحدودية خاصة المنطقة الواقعة بين قرى مديرية وود كولي شرق نهر عطبراوي وبالقرب من منطقة الأسرة تفاجأوا بأسراب من الخنازير الملعونة تشاركهم الماء والكلأ، وهي قصة مؤامرة جديدة تحكي (الإنتباهة) فصولها ميدانياً وعبر رحلة شاقة استمرت لأكثر من (18) ساعة ولكم متابعتنا مع قراءة التفاصيل.
خنازير مرعبة
بالقرب من منطقة مديرية وود كولي وعند حوالى التاسعة صباحاً نزل ـ لبرك نهر العطبراوي الموسمي التي يشرب منها الإنسان والحيوان ـ قطيع كبير من الخنازير التي لم تعرفها المنطقة من قبل وهي بأجسام صلبة ومليئة بالعضل، شعرها خفيف لها رأس وأثداء كبيرة لها أنف اسطواني صلب به منخران حيث يستعين به لنبش الأرض وإخراج الديدان فهو يأكل كل ما يجده متوفر من طعام، لها أنياب تأكل الجيف والفئران، ولها أرجل مهيأة للسير في الأوحال، بعض الإناث منها يتبعها عدداً من الصغار تتراوح أعدادها من (2ـ 4)، بينها خنازير ضخمة تتراوح أوزانها ما بين (60ـ 100) كيلو جرام.
خنازير غريبة
يقول أهالي المنطقة الذين تحدثوا لـ (الإنتباهة) إن هذه الخنازير غريبة في سلوكها وأول ما تفعله أنها تنزل الماء وتتقوط فيه بكميات كبيرة، وقال مواطن إنه لم يرَ في حياته حيوان أقذر من هذا الخنزير الذي يخرج (الدود) من أمعائه ومناخيره التي يدفنها في الطين، وقال إنهم عملوا على إبادتها دون جدوى، وقال مواطن آخر إنها تبدو مريضة فهي لا تقوى على الهرب ويمكن قتلها بالفاس والعكاز، وقال إنه لأول مرة يرى خنزيراً في حياته.
من أين جاءت الخنازير؟
يقول بعض الرعاة الذين تحدثوا لـ «الإنتباهة» إن هذه الخنازير جاءت منتصف الليل وهي محمّلة على ناقلات مقطورة (بابور ترله) وتم إطلاقها من دولة مجاورة بواسطة أجانب غادروا في الحال، وقالوا إن هؤلاء الأجانب يربونها ويأكلونها ويقدرونها أكثر من الأبقار ويصل سعر الواحد منها بما يعادل أربعة آلاف جنيه ـ وهو أغلى من سعر البقرة الحلوب ـ فلا يمكن التخلص منها ما لم تكن فيها إشكالية. وقال إنهم أي الأجانب إذا فقدوا (عتوت) يلاحقونه، فما بال الخنزير الذي يأكلونه، وقال إنهم أبلغوا السلطات الأمنية التي بدأت في إبادتها بالذخيرة.
إصابة مجهولة
تحركت السلطات الأمنية بالشريط الحدودي لمراقبة الوضع وأشارت تقارير خاصة إلى خطورة الوضع حيث توصلت إلى معلومات مهمة تفيد أن هذه الخنازير مصابة بالأمراض والطفيليات وقد تكون عائلاً لها مثل الدودة الشريطية وكذلك فيروس الأنفلونزا أو مرض مجهول، وبعد تحريات أولية اتضح أن تقارير صحية صادرة عن منظمات دولية بالدولة المجاورة قد حذّرتهم من خطورة ما تحمل هذه الخنازير من وباء يتطلب الابتعاد عنها وإبعادها وأفصح أحد رعايا تلك الدولة الموجود بالحدود أنه تلقى تحذيراً بالابتعاد عن تلك الخنازير الموبوءة.
حملات إبادة
نفذت قوة أمنية محدودة بالتعاون مع المواطنين حملات إبادة استهدفت تلك الخنازير حيث أبادت حوالى (50) خنزيراً خلال ثلاثة أيام بمعدل (15) خنزيراً يومياً وكانت الإشكالية في كيفية التخلص منها، حيث تم استخدام البنزين والحطب لحرقها ولم تستطع النيران التهام تلك الخنازير لما تحمله من كميات دهون عالية وخامدة لألسنة اللهب، وفي صباح اليوم التالي تتقيح هذه الخنازير وفاحت برائحة نفاثة تخترق الحلقوم وتعزل الأكسجين فلا يستطيع من يقترب منها أن يتنفس وتحولت إلى أكوام من القاذورات التي لا يتحرك منها إلا الدود.
خنازير نجسة
أشارت تقارير خاصة إلى أن وباءً ظهر وسط مواطني تلك الدولة فأشارت لهم التقارير الصحية أن هذه الخنازير وراء هذا الوباء فهي أي الخنازير تربى في (البارات) وتغذت على مخلفات (الإباحية) التي تكب في نفايات خاصة وبكميات كبيرة وهي عبارة عن عوازل (كوندوم) بالكراتين وممتلئة بالنجاسات وتحولت تلك الخنازير إلى مخازن للأوبئة الخطيرة والمجهولة.
تقارير طبية
أشارت مصادر بيطرية بالولاية (فضّلت حجب اسمها) إلى دراسات علمية تفيد أن الخنزير مرتع خصب للأمراض والوبائيات، والخنزير يقوم بدور الوسيط لنقل «57» منها إلى الإنسان، ويختص بمفرده بنقل «27» مرضاً وبائياً إلى الإنسان وتشاركه بعض الحيوانات الأخرى في بقية الأمراض لكنه يبقى المخزن والمصدر الرئيس لهذه الأمراض منها: وباء الكلب الكاذب وداء وايل، والحمى اليابانية والحمى المتوهجة والحميرة الخنزيرية وغيرها.
هذه الأوبئة يمكن أن تنتقل إلى الإنسان بطرق مختلفة أولها: عن طريق مخالطته أثناء تربيته أو التعامل مع منتجاته (وتعتبر أمراضاً مهنية) وهي لا تقل عن «32» وباءً تصيب في الأغلب عمال الزرائب والمجازر والبيطريين، منها: (أنواع من الفطور العميقة، والزحار، والديدان، والزحار الزقي، والحمى اليابانية الدماغية، والتهاب الفم البثري الساري).
ثانياً: عن طريق تلوث الطعام والشراب بفضلاته وهي لا تقل عن «28» مرضاً منها: (الزحار، والأسكاريس، والانسمام الوشيقي، والديدان: القنفذية، والكبدية، والمفلطحة، وشوكية الرأس، والدودة المسلحة الخنزيرية. والشعيرات الحلزونية وغيرها)
طفيليات الخنزير
الخنزير يأوي في بدنه عدداً كبيراً من الطفيليات وأكثر من «50» نوعاً منها يصيب الإنسان فهي داخلة فيما يسمى بالأمراض الحيوانية البشرية «Zoonosis» ويمكن أن نقسمها ضمن المجموعات التالية: الأمراض الفيروسية والجرثومية:
منها: (داء الكلب، والحمى الصفراء، والمالطية، والسل) لكن أهمها ما يختص الخنزير بنقله وهي: (الالتهاب السحائي المخي، وتسمم الدم ـ الناجم عن الإصابة بالمكورات السبحية الخنزيريةـ ) وقد تبيّن أن هذه الجراثيم شديدة الفتك بالإنسان مسببة التهاب السحايا المغلفة للمخ وبإفراز سموم معينة في دم المصاب، والذين أصيبوا بهذا المرض ونجو من الموت بعد علاج شاق أصيبوا بالصمم الدائم وفقدان التوازن.
الإجراءات المطلوبة
يقول أطباء بيطريون تحدثوا لـ (الإنتباهة) إن مثل هذه الحالات توجب إبلاغ الوزارة المعنية وتشكيل فرق مشتركة بين الثروة الحيوانية ووزارة الصحة وإجراء مسوحات استكشافية للموقع الذي يعتقد أن به وباء ما، وأن تتحرك الفرق وفق تحوطات علمية معينة وأخذ عينات للفحص ومعرفة نوع الوباء، وعلى ضوء ذلك يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
تصريحات رسمية
أكد مسؤول رفيع بوزارة الثروة الحيوانية أنه تم تشكيل فرقة للتدخل السريع وأشار لتحرك فريق متكامل من اختصاصي الأوبئة والمسح الميداني لتقييم الوضع مؤكداً خلو الولاية من أي وباء وقال في تصريحات خاصة إنهم قادرون على السيطرة بما يملكون من كفاءات بيطرية ومعدات وأجهزة ووسائل تحرك لأي موقع بالولاية.
كسلا: علي الصادق البصير
ع.ش