كنت أرجو ان اسمع شيئا عن محاسني قبل مماتي، ولكنهم أثبتوا أنني كتلة متحركة من العيوب والنقائص.. جلست أفكر: هل أنا فعلا بتلك الدرجة من «السوء» التي صورني بها عيالي؟ هل في ما قالوه ما يدل على أنني أب فاشل؟ فكرت، واستنتجت أنني لست فاشلا، لا أحب الصرمحة في الأماكن العامة وأفضل البقاء في البيت؟ هذا – لو يعلم عيالي – مدح، فكم من ولد أو بنت يتمنى ان يلتقي بأبيه في البيت، ولا تتحقق أمنيته إلا مرة في الشهر أحيانا.. أكون متسلطا أثناء مشاهدة البرامج التلفزيونية وأتحول إلى قناة إخبارية في رأس كل ساعة؟ هذا ابتلاء تقتضيه ضرورات أكل العيش كصحفي، وأهتم بأشياء عجيبة مثل دارفور وكأنني السيد «فور» صاحب «الدار»؟ تلك ضريبة الانتماء إلى الوطن! وتحتجون لأنني أرغمكم على النوم المبكر؟ سيأتي يوم تشتهون فيه حتى النوم المتأخر فلا تضيعوا فرصة إراحة الجسم والعقل بالنوم! أتضايق عندما أرى أحدكم يعبث بأزرار الهاتف الجوال بغير داع وكأنه أداة للتسلية؟ نعم اعترف بذلك ولو كنت أملك السلطة الكافية لسحبت الهواتف الجوالة من جميع الأشخاص الذين صاروا يستخدمونها كبديل للمسبحة! أحب الأكلات الشعبية السودانية وأفضلها على «أكل السوق»، رغم أنها تسبب لي مشاكل هضمية؟ هذه «تهمة» ثابتة، فبارد على قلبي ان تسبب لي الأكلات السودانية عسر الهضم من ان أدخل في جوفي طعاما لا أعرف مصدره ولا كيف تم إعداده! وتقولون إنني أرفض شراء أشياء قد تطلبونها؟ هذا صحيح وأبشركم بأنني سأظل أرفض أي طلب سخيف أرى فيه هدرا لمواردي المحدودة، ولعلمكم فأنا لا أدخر المال لأتزوج بأخرى، ولا للتباهي بما عندي، وأتعمد حرمانكم من بعض الكماليات لأنني أعرف معنى «اخشوشنوا فإن النعمة لا تدوم».
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]