دبابة أرخص من كورولا؟
[JUSTIFY]
أعجبتني حكاية أبو يمن الذي أهدى حكومة بلاده دبابة تي 62 سوفيتية الصنع! لم تكن هدية بمعنى الكلمة، فالحكومة أعطته نحو 11 ألف دولار نظيرها، في حين أنه لو عرضها في السوق السوداء لباعها بنحو 150 ألف دولار، وكان من حقه ان يبيعها لأنها من غنائم الحرب، فقد استولى عليها الرجل بعد حرب عام 1994 بين شطري اليمن، وأبقى عليها طوال هذه المدة في حالة قتالية جيدة، وكان يغسلها بالشامبو، ويطلي جنازيرها بالمونوكير الأحمر (لأنها شيوعية الانتماء)، ويمسح هيكلها باللوشن حتى لا تصاب بالجفاف والإكزيما، ويبدو أنها أرهقته ماديا فقرر تسليمها الى وزارة الدفاع بذلك السعر الذي لا يكفي لشراء كورولا مستعملة!! لقد كتبت أكثر من مرة مذكرا انه لا يوجد في قانون المرور في أي دولة ما يمنع إنسانا من قيادة دبابة في الشارع طالما انه يحمل رخصة قيادة «ثقيلة».. والأمر الثاني هو ان الرجل استعجل في التخلص من الدبابة، فلو كان يجيد قراءة الواقع السياسي العربي لاحتفظ بها وحصل إلى جانبها على مدفع هاون وصواريخ مضادة للطائرات.. ولو عرضها في السوق لكنت أول من يشتريها، لأهديها الى المحتاجين للحماية في سوريا أو نقلها إلى بلدي فالأوضاع في شرق وغرب وجنوب شرق وجنوب غرب السودان تنذر بتدخلات أجنبية، وجنوب البلاد انفصل وصار عدوا لحكومة الشمال، وأنا من شمال السودان الأقصى، حيث أصبح السكان يعانون من عقدة ومركب نقص: اشمعنى كل البلد شايلة السلاح.. ونحن لا؟ ماذا يقول عنا الناس إذا صرنا نحن الوحيدين الذين لا نملك جماعة مسلحة أو حركة تحرير؟ ونحن في شمال السودان نملك كل المقومات «الكردية» فلنا لغتنا وثقافتنا الخاصة.. وجميعنا مسلمون.. وكما أكراد العراق فنحن نشغل الجزء الشمالي الأقصى من البلاد.. وإذا كان في العراق نحو 31 حزبا سياسيا فعندنا في السودان نحو ثلاثة وثمانين حزبا معروفا، ونحو ثلاثة وأربعين حزبا يتألف كل منها من شلة أصدقاء أو أقارب في حدود ستة إلى تسعة أشخاص.. وعلى أقل تقدير فإن وجود دبابة في البيت، ضمانا ضد التطورات المستقبلية.. وحتى لو عجزت عن تشغيل الدبابة فإنني أستطيع ان اجعل منها خندقا تأوي إليه عائلتي كلما هجمت علينا جماعة تابعة لهذا التنظيم او ذاك لـ «تحريرنا».
وحتى لو لم أكن بحاجة إلى دبابة وانا في السودان فإنها ستنفعني وأنا بعد مقيم في الخليج، فلا سبيل للتحصن ضد جنون قيادة السيارات في المنطقة إلا بركوب دبابة.. وهناك هيئة خليجية مشتركة لمواصفات السيارات، واقترح عليها ان تلزم جميع المواطنين بشراء عربات مصفحة أو دبابات، بعد أن وصلت معدلات الوفيات في حوادث السيارات أرقاما فلكية، وبعد ان صار عدد ضحايا تلك الحوادث يفوق ضحايا السرطان.. بعض العقلاء في الخليج اقتنوا سيارات «هامر» وهي شبه مصفحة، ويجب إرغام كل من يرفض السير على قدميه على شراء هامر او سيارة مصفحة بالكامل.. طبعا غالبية الناس لن تستطيع شراء مثل تلك السيارات وفي هذا خير وبركة، لأن بقاءهم في بيوتهم خير من جلوسهم في مكاتبهم لتعطيل مصالح الوطن والمواطن.
المهم فإنني كصحفي أعرف أن متوسط دخل الفرد في اليمن من السلاح أعلى من متوسط دخله من المال والقوت، لأن شاويش علي عبد الله صالح، وطوال أكثر من ثلاثين عاما حسوما حكم فيها اليمن رفع يده عن الخدمات بما في ذلك الأمن (ما عدا أمنه الشخصي وأمن عائلته)، فكان لابد لليمني ان يحرس نفسه وأهله.. فإذا رغب أحد إخوتنا من بني يمن في بيع دبابة او مدفع هاون فأنا على استعداد لشرائه وتهريبه إلى بلدي «دفاعا عن النفس».
جعفر عباس
[email]jafabbas19@gmail.com[/email]
[/JUSTIFY]