أرسلت مقالي الثاني لصحيفة الخرطوم وما أن وصل حتى ردّ عليّ مدير الشبكة صديقي الأستاذ محمد أمبلي قائلا: يا سلام عليك يا دكتور، كفيت ووفيت! استرسل أمبلي قائلا: “أنا بالجد المحني يا دكتور انو نايل لم يفكر ولا من بعيد ساكت إنو يغني للراحل المخضرم “بوب مارلي”، مع انو نحن هنا في السودان من شفع حافظين أغاني بوب مارلي! وياريت كان نايل يعرف ما يختار من الأغنيات البتتماشى مع خامة صوته.” لقد بهت لرأي الأخ أمبلي، لأن دقة تصويره واحساسه الموسيقي أذهلاني. من ثمة أفحمني تعليقه الذي عقبه من بعد قائلا: “وانا والله اتوقعت إنو يغني أغنيه تكون “فُل” بالإيقاعات القوية و”الدُم” الأقوى … وصراحة ما عارف ليه نايل ما غنى أي اغنيه من أغاني “باك استريت بويز” مثلا “show me the meaning of being lonely”.”
السؤال الذي حيّر الملايين من السودانيين وغيرهم من محبيّ نايل هو: لماذا قبل نايل هذه الأغنية رغم أنه على علم بأنها صعبة الأداء؟ ولماذا لم يغنِ الليل الهادي من أول وهلة؟ إذ كان إحساسه بها أكبر مما في الأغنية العَضُم التي أجبرته اللجنة – في اعتقادي- أن يغنيها. ليه يا شرين تركت ملك النحل في اللحظات الحرجة؟ ألان وهم بنت بلادك؟ هل أردت في صمتك وبكائك أن تفوز وهم؟ لا أدعي ها هنا عدم نزاهة شيرين في التصويت لأنني أحبها وأقدر فنّها وإحساسها العميق في ترجمة الأغاني، لكنني أعتب عليها. أولا في اختيار أغنية صعبة لنايل وثانيا: عدم منح نايل الفرصة في أن يبدي صوته في الأغنية المشتركة.
على كل دعونا نرجع إلى الفتوى التي جاءت من قبل إمام وخطيب مسجد العيلفون، أمين عام جبهة الدستور الإسلامي، الشيخ ياسر عثمان جاد الله، إذ أفتى هاهنا بحرمة أن يشارك أبناء الوطن في الإدلاء بصوتهم لأي من المتسابقين سواء نايل أو غيره في برنامج “ذا فويس” ليه يا مولانا؟ أليس هناك ما أحق أن يُفتى فيه؟ وإن قبلت شمال أو يمين في طريقك من المسجد إلى البيت لوجدت ما يلهمك! مع احترامي لكم يا مولانا وتقديري لعملكم، لكنكم ها هنا سلكتم مسلك الشيخ البرلماني دفع الله حسب الرسول الذي لم ينفك يحرم كل صغيرة وكبيرة وهو تحت قبة البرلمان دون أن يحرك ساكن في الوضع المذرى الذي وصلت إليه البلد من حروب واقتتال وامتهان للحرمات وسرقة أموال الشعب عينك يا تاجر وحدث ولا حرج. أليس من الأجدر أن تفتوا في هذه الأمور التي هي دون غيرها سبب الضيم والكدر الذي يكتم أنفاس الوطن؟ فليغني نايل وكل نفس بما كسبت رهينة.
لقد صرح في خطبته تلك أن التصويت في هذا البرنامج يدخل لا محالة في باب الحرام مفسرا وذلك من نواح مختلفة: أهمها تبذير وانفاق المال في الحرام، ومن ثمة يقول أن الأمر يتعلق بصورة مباشرة بالتصويت لدعم جهود أعداء الإسلام والمسلمين، ودعا في حديثه ونهاية فتواه إلى ضرورة الكف عن اتباع وتقليد الآخرين كـ ” الببغاوات ” على حد قوله. أهل صار أهل الخليج أعداء الاسلام؟
واعتبر جاد الله كما ذكر بعض الزملاء في صحف أخرى – أن ما تقوم به قناة “ام بي سي” العربية في مسابقة أحلى صوت بمشاركة شركات الاتصالات بمثابة مخطط صهيوني عالمي لإفساد وتدمير الشباب في العالم الإسلامي. كما وأوضح أن الحكومات العربية تكون سعيدة بإلهاء الناس عن فسادها وجرائمها، وأكد قائلا “لو كانت هنالك حكومة راشدة يهمها المواطن لأوقفت هذا الكسب الحرام الذي تمارسه شركات الاتصال من مثل هذه المنافسات. ولنا عودة مع هذه الفتاوى.” – حسب المصدر، فما على مولانا إلا مراجعة شركات الاتصال السودانية وما تفعله بأموال الناس. والله المستعان على ما تصفون.
تجليات:
بقلم د. محمد بدوي مصطفى
(صحيفة الخرطوم)[/JUSTIFY]