سلفا كير في الخرطوم .. زيارة الحلف والضد

يبدأ الرئيس سلفا كير ميارديت زيارة للخرطوم اليوم تستمر يوماً واحداً يلتقي عبرها الرئيس البشير. زيارة الرئيس الجنوبي والتي تعتبر الأولى عقب تفجر الصراع مع مجموعة مشار وقيادات أخرى بالحركة الشعبية في منتصف ديسمبر الماضي، تعتبر بكل الأوزان ذات أهمية خاصة، وأن سلفا كير لم يغادر بلاده لأكثر من أربعة أشهر وفق تطور الصراع وتحولات الحرب الدائرة هناك. كذلك تكمن أهمية تلك الزيارة للرئيس سلفا كير في بث رسالة للمجتمع الإقليمي والإفريقي مفادها أن الأوضاع في دولته ربما تسير على ما يرام، رغم كثير من الصعوبات والتحديات الهائلة التي يواجهها سلفا كير.
زيارة الحلف الزيارة التي يقوم بها سلفا كير للخرطوم تظهر أنه راغب بالفعل في تقوية الحلف مع الخرطوم والبحث عن مزيد من التقارب والتعاون في ظل معطيات سياسية وعسكرية ثقيلة عليه تجري بدولته، وبموازاة ذلك تظهر أنه يرغب في مزيد من التعاون مع الخرطوم، ويرنو أيضاً في التواصل لتدعيم موقفه وتقوية ظهره بمزيد من الدعم، ومع سيطرة المعارضة المسلحة على ثلاث ولايات، اثنتان منها تحدان السودان حدودياً، يتضح تماماً أن أمر الحلف في أهم مراحله الآن، فالجيش الشعبي الذي خسر ولايتي أعالي النيل والوحدة، يعي الرئيس سلفا كير تماماً أن مسألة تأمين الجزء الشمالي من الحدود عملية بالغة الأهمية، كذلك ترسم أهمية إقليمية للزيارة نقشاً مهماً لها وتضعها في محور مهم للغاية، لأنها تبث رسائل عميقة متعلقة بالحلف الجواري، وتأكيد شرعية الحكومة في جوبا، بيد أن الحلف الجنوبي اليوغندي يشكل مصدر قلق للخرطوم، وربما ينعكس سلباً على كثير من معطيات الزيارة خاصة وأن الخرطوم طالبت قمة الإيقاد الأخيرة بسحب الجيش اليوغندي من جنوب السودان، مما يمكن وضعه في خانة مواجهة الزيارة لاعتراضات من الخرطوم حول الوجود اليوغندي وعدم الانسحاب حتى الآن، مما يشكل كذلك صورة مختلفة للزيارة تحمل في طياتها معاً ملامح الحلف وتجاعيد الضد.
سيناريو ومعادلة سيناريو الحكومة وبقاؤها وتماسك الحركة الشعبية من معادلة البقاء بدولة جنوب السودان بات واضحاً بجلاء أن أزمة منتصف ديسمبر قد أنهت الحركة الشعبية لتحرير السودان تماماً، وباتت بالكاد شعارات مرسومة على الطرقات والأوراق. وانهارت الحركة سياسياً وفقدت كل شيء تنظيمي يخصها في أعقاب الخلافات الطاحنة التي فرقتها وبعثرتها وتشرذمت إلى عدة ائتلافات يقود أحدها الأمين العام السابق باقان أموم، ومجموعة أخرى بقيادة دينق ألور، وأخرى بقيادة مشار، وأخرى بقيادة كوستا مانيبي. إذن الحركة الشعبية الآن لا وجود لها وفق المعطيات السياسية بدولة الجنوب، والدليل على ذلك رفض سلفا كير المشدَّد، مشاركة مجموعة السبعة بقيادة دينق ألور في المفاوضات بأديس أبابا، وأيضاً انعزال مجموعة مشار وانكفاؤها على قضيتها التي أخذت الطابع القبلي الآن.

حسنا.ً. رغم تلك المعادلة الطويلة السابقة، لكن لابد من الاستدلال بآراء أخرى، رغم أن كثيراً من أبناء الحركة الشعبية أنفسهم يقرون بذلك. ويرى قيادي بالحركة الشعبية ــ تحفظ على ذكر اسمه ــ أن تلك المعادلة السابقة صحيحة تماماً وتعكس حقيقة الوضع بالحركة الشعبية، ويعتقد أن كثيراً من الخلافات لم تظهر حتى الآن، ويجزم أن الأزمة التي تعيشها الحركة لن تحل مهما حدثت، وتحدث من تدخلات ووساطات سياسية في الأمر، وأن الأزمة ليست حول الحكم أو الدولة إنما أزمة داخلية بالحركة، وهذا الرأي يتطابق مع ما طرحه رئيس وفد مشار المفاوض بأديس أبابا تعبان دينق الذي قال لـ «الإنتباهة» في حوار سابق إن الأزمة في جنوب السودان هي أزمة بالحركة الشعبية في المقام الأول، أزمة ــ والحديث لتعبان ــ في الإدارة والتنظيم.

سبت أخضر

أول زيارة للرئيس سلفا كير ميارديت للعاصمة السودانية كانت يوم السبت 8 أكتوبر 2011م، عقب الانفصال، وتلْفتُ شخصيات قريبة من الرئيس أنه يفضل بشدة زيارة الخرطوم أيام السبت، ويوجِّه مستشاريه ووزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية باقتراح أيام زيارته يوم السبت على المسؤولين في الخرطوم، ويكشفون أن سلفا كير يفضل هذا اليوم لأسباب شخصية متعلقة بزياراته للخرطوم عقب السلام، وأيام الفترة الانتقالية، وبعد الانفصال. وينبهون إلى أن سلفا كير يهتم بشدة باليوم المنشود للزيارة، ويعتقد تماماً أن اليوم «السبت» هو أفضل أيام الأسبوع لزيارة السودان، وأنه يمثل يوماً عزيزاً لديه لزيارة الخرطوم.

الوضع الأمني يحاصر الاضطراب وصف الحالة الأمنية التي تعيشها دولة جنوب السودان، مما مثل انكشاف ظهر الحكومة. ففي جوبا العاصمة وقعت اشتباكات داخلية قبل نحو أسبوعين قتل فيها أكثر من «200» جندي إثر خلافات داخلية حول الأزمة، وأخرى متعلقة بالمرتبات وتأخيرها وتخفيضها في وحدات بعينها. وفي ولاية جونقلي تكبدت القوات الحكومية خسائر فادحة عقب إقدامها على عملية، وصفها الفريق فيتر قديت بالانتحارية، وهي محاولة توسيع نطاق التأمين للعاصمة بور وتأمين مناطق أخرى وكسب مناطق تخضع للمعارضة العسكرية بقيادة د. رياك مشار. العملية برمتها مثَّلت خسارة فادحة للجيش الشعبي الذي فشل فيها، وصدت قوات المعارضة هجماته جميعها، بل كسبت المعارضة عدة كيلو مترات أخرى أمام أماكن وجودها حول عاصمة المقاطعة بور.

وفي ولاية أعالي النيل فقدت القوات الحكومية غالبية المقاطعات، وفرضت قوات المعارضة حصاراً على مناطق النفط رغم أنها تتحاشى الهجوم عليها تماماً، ومثَّل سقوط العاصمة ملكال قبل أيام للمرة الرابعة على التوالي عقب سيطرة القوات الحكومية عليها، انتكاسة جديدة للقوات الحكومية في الولاية التي تمثل كثير من مناطقها مناطق نفوذ مقفولة لمشار. القوات المعارضة تنتشر من كلوك إلى بر الشلك، ووفق تلك المعطيات انخفض إنتاج النفط إلى «150» ألف برميل يومياً متراجعاً من حوالي «200» ألف برميل الإنتاج الكلي للولاية.

في ولاية واراب التي تعتبر إحدى مناطق نفوذ سلفا كير شنت القوات المعارضة هجمات متفرقة طيلة الأسبوع الحالي، ويبدو أنها رأت ضرورة بث رسالة مهمة تفيد أن القتال يستعر في كل الولايات بما فيها ولاية الرئيس.
وفي ولاية الوحدة تكبدت حركة العدل والمساواة خسائر فادحة في كمين نصبته لها القوات المعارضة، ووقع هجوم آخر بمنطقة الليري، وآخر بالقرب من بانتيو، وتشهد الولاية موقفاً أمنياً سيئاً مع تزايد عمليات هجرة السكان منها إلى معسكرات النازحين بالسودان الذين وصل عددهم في إحصائية غير رسمية إلى حوالي «30» ألف لاجئ .

صحيفة الإنتباهة
هيثم عثمان
ع.ش

Exit mobile version