وبعيداً عن الرأي والجدل حول إدارة الآثار السودانية بواسطة المشروع القطري، فإن شهادة علماء الآثار المصريين والتي نحن بصددها هنا لم تكن لتخرج صريحة هكذا لو لا أنهم تعرضوا لهذه (الزنقة)..
دائماً هذا هو حالنا معهم ولا أذكر ولو مرة واحدة أشار فهيا الإعلام المصري أو مراكز البحوث المصرية إلى حقائق تاريخية مهمة في موضوع الآثار السودانية بالمقرنات التاريخية بالحضارة الفرعونية نفسها.
حيث إن أصل الحضارة في وادي النيل يعود لحضارة كرمة التي تعتبر مروي امتداد لها.
وقد ترجم الزميل الصحفي السوداني طه يوسف حسن والمقيم في جنيف حلقة وثائقية بثتها القناة التلفزيونية السويسرية قبل سنوات حول حضارة النوبة أوردت فيها حقائق مذهلة منها أن ملوك النوبة حكموا المصريين لعدة قرون وأن الحضارة النوبية هي أول حضارة قامت على وجه الأرض وأعرق حضارة شهدها التاريخ في مدينة كرمة حاضرة النيل وعاصمة أول مملكة في العالم، وقال طه يوسف إن عالم الآثار السويسري شارلي بونيه ذكر هذه الحقيقة أمام أعين العالم على التلفزيون السويسري وإن شارلي بونية تكلم من مدينة كرمة وكان حسب وصف الزميل طه يبدو عليه الفخر والإعزاز بهذه الحضارة التي أصبح هو جزءاً منها.
حيث مكث في السودان أربعين عاماً وبدأت رحلة شارلي بونيه عندما قدم إلى مصر بعد أن درس علم الآثار في سويسرا.
ولكن من خلال بحوثه في مصر وجد أن هناك حلقة غائبة في تاريخ الحضارة الفرعونية وأن هناك مرحلة مهمة من مراحل تلك الحضارة مفقودة).
هذا ما أوردته فضائيات الغرب قبل سنوات بترجمة الصحفي السوداني الذي نعرفه جيداً ونثق في معلوماته.
لكن علماء الآثار المصريين لا يتحدثون عن هذه الحضارة إطلاقاً ولا يتحدثون عن مملكة كوش التي سيطرت على الجزء الجنوبي من حوض النيل إلى الجنوب من مصر الفرعونية علماً بأن أهرامات مروي مصنفة ضمن قائمة اليونيسكو للتراث الإنساني العالمي.
لا يشهدون إلا حين تدخل قطر على الخط فيتعكر مزاجهم ويصابون بحالة من التوتر تجعلهم يدلون بهذه الحقائق وفي حدود ما يثبت لهم الريادة التاريخية وهي شهادة منقوصة لكنها (كتيرة منهم برضو) وليست مثل شهادة شارلي بونيه العلمية الصادقة الأمينة، فمدير ترميم الآثار بالقنطرة أشار إلى وجود ما وصفها (بالكثير من الآثار التاريخية الفرعونية في السودان والتي قال غنه قد شيدها ملوك مصريون من الأسرة 18 و 19).
قولوا وأخرجوا لنا كل ما تعرفون (وفيكم الخير) فبحوث التاريخ ترصد وتنقح وتصحح ماهو مغلوط، فقط قولوا ما تريدون فنحن في انتظار الكثير من المعلومات التي حان وقت التصريح بها ولا نفرط في الآمال وننتظرها مبرأة من التلفيق والتزوير في هذا الزمان اللعين الذي تخضع فيه حقائق التاريخ لمعادلات بيزنيس السياحة..
صحيفة اليوم التالي
جمال علي حسن
ع.ش