بداية نترك «شهد» لتفتح لنا شرفة الحديث في هذا الموضوع قائلة :أنا لم أُولد مكفوفة، ولكني أصبت بالعمى في العام 2008م نتيجة لضمور في العصب البصري. وسافرت للأردن طلباً للعلاج وآمل في استعادة بصري عن طريق العلاج بالخلايا الجذعية وهذا العلاج تحت التجربة الآن .أثناء تواجدي بالأردن في العام 2013م علمت أن هنالك برنامج يسمى «قارئ الشاشة» ومن السهل استخدامه في جهاز الموبايل ، فقام صديق عزيز بإهدائي جهاز نوكيا (N73) وهذا أول جهاز استخدمت الناطق عليه، عندما اتصلت بزميلي الأستاذ محمد النجار الذي أرسل لي الرابط وقام زميلي عوض الكريم بإكمال كافة الإعدادات . والآن نحن بصدد تعميم التجربة على كل المكفوفين . وطريقة استخدامه ليست معقدة فالشخص المبصر يقوم بالنقر مرة واحدة على الشاشة بينما يقوم الشخص الكفيف بنقرتين «دبل كليك»، وقارئ الشاشة يقوم بتوجيهي وقراءة الأحرف وقراءة الرسالة قبل أن أقوم بإرسالها، كما يقوم بقراءة الرسائل الواردة بلغة واضحة ، وكل ما علي فعله هو أن أقوم بتمرير إصبعي على الشاشة بعدها يتكفل الناطق بتوجيهي . وأنا الآن أصبحت متمرسة في استخدام تلك التقنية وقد تعلم الكثيرون على يدي، منهم من جاء إليّ بالمنزل ومنهم من هاتفني . وأثناء جلوسي مع «شهد» وهي تقوم بالشرح لي عن طريق هاتفها قامت بتبادل الرسائل معي عبر «الواتساب» بطريقة احترافية كما أنها كانت تقوم بنسخ وإرسال الرسائل عبر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي .
محمد عبد الله النجار يعمل أستاذاً بمدينة شندي قال في إفادته لنا : الشركات التي قامت بتصميم الهواتف الذكية لم تنس شريحة المكفوفين حيث صممت قارئ الشاشة لمساعدتهم في استخدام الهواتف الذكية ومن قبل كانت هنالك بعض أجهزة النوكيا المتطورة وهاتف «سيمنس اس 60» توجد بها برامج «توكز اند زووم» «موبايل اسبيك » وهذه البرامج يتم تثبيتها داخل الهاتف . لكن في الهواتف الذكية هنالك برنامج «تووك باك» في هواتف السامسونج وبرنامج «فويس اوفر» في هواتف الآي فون ولكن ما يعيب تلكم البرامج أنها تأتي غير معرّبة وصممت على أن تعرّب من تطبيق «قوقل بلير» وهذا التطبيق لا يعمل في السودان. فقمنا نحن عدد من المكفوفين بتصميم آلة نطق عربية «فوكلايزر» استحويناها من آلة النطق العربية في جهاز الكمبيوتر، وتمت تهيئتها للعمل في الموبايل لتمكن المكفوف من التعامل مع جميع التقنيات كمواقع التواصل الاجتماعي والمنتديات قراءة وكتابة ومشاركة .وعبر صحيفة «الإنتباهة» أناشد المسئولين بضرورة الالتفات للمكفوفين والاهتمام بهم وبتعليمهم التقني فهم أهلٌ للعطاء .
الأستاذ عبد الحميد ميرغني فقد بصره قبل «17» عاماً نتيجة لإصابته بالتهاب في العصب البصري، حدثنا عن تجربته قائلاً: أنا أحسن من بعض المبصرين وبلا فخر ،حيث صُنفت من أحسن المخرجين الصحفيين على مستوى العالم العربي ونلت جائزة الدولة في التميز والريادة كما نلت جائزة الشهيد الزبير عن كتابي «منهج جديد للإخراج الصحفي» كما قمت بتصميم عدد من أغلفة الكتب، وحالياً أعكف على تجربة الكتابة بالحروف بطريقة معينة في الصحف لأصحاب النظر الضعيف . ولدي موقع يسمى «ابواب رأي» أنا مشارك في عدد كبير من المنتديات الإلكترونية .
عوض الكريم عبدالرحيم من المركز القومي لتأهيل المكفوفين حدثنا عن تلك التجربة قائلاً : البرامج الناطقة صممت لتمكن المكفوف من الحصول على المعلومة . والمكفوفون هنا في السودان تمكنوا من الحصول على تلك المعلومة وعندما جاءت «شهد» من الأردن قمنا بإنزال التطبيق وذلك بواسطة شخصي والأستاذ عبد الحميد ميرغني .
الأستاذة حنان صلاح الدين عابدين «حنان النيل » قالت في إفادتها لنا : لم أكمل شهرين منذ أن بدأت استخدام ذلك البرنامج ، والمسألة بالنسبة لي بها استفادة كبيرة، باعتبار أن الهواتف الذكية تحتوي على إمكانيات عالية في الوصول لكثير من الأشياء كالطباعة على البريد الالكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي . قبل فترة كنا نستخدم الكمبيوتر عن طريق قارئ الشاشة لكن «الكي بورت مقيّد» والموبايل أكثر سهولة في استخدامه وحركته . وهذه الطريقة تزيد من مهارات المكفوف في التعامل مع لوحة مفاتيح في سطح أملس لا يوجد به أي نوع من البروز . ففي جهاز اللابتوب مثلاً عند الكتابة هنالك نقطة الارتكاز التي تقيس المسافة. وبالتدريب والممارسة يتمكن المكفوف من استخدام الهاتف.
الدكتور محمد سعد عمر أستاذ بجامعة أم درمان الأهلية قسم الاتصال وموظف بوزارة الشباب والرياضة الإدارة الإعلامية بولاية الخرطوم ومدير مركز الرؤيا الذكية للتدريب وتأهيل المكفوفين ،وجد محمد نفسه كفيفاً في عام2000م عندما أصيب بتصبغ في الشبكية فلم تمنعه الإعاقة البصرية من شق طريقه حدثنا قائلاً : مهمة قارئ الشاشة هي تحويل النص إلى صوت ، تعرفت على ذلك البرنامج عن طريق النت واستمعت لجزء منها وقمت بالاتصال على أشخاص من دولة اليابان لمساعدتي في ذلك البرامج .حتى العام 2006 كنت أدرس عن طريق الكاسيت أو الإبصار الصوتي ، وقد تعرفت على ذلك البرنامج وأنا طالب بالماجستير حيث قمت بطباعة رسالة الماجستير بمفردي عن طريق البرنامج الناطق ومن دون مساعدة أي شخص ، ومن هنا أرسل رسالة للمجتمع « إن الإعاقة لا تمنع من التقدم ».
صحيفة الإنتباهة
سحر محمد بشير
ع.ش