وبناء على هذا فعندما اطلعت على ما ورد في الإثارة الصحفية والإعلامية يوم الخميس الماضي لما دار بين علي عثمان محمد طه والأستاذ فاروق أبو عيسى رئيس الهيئة العامة القائدة لتحالف القوى الوطنية المعارضة، أثناء الزيارة ذات الطابع الإنساني والاجتماعي التي قام بها الأول للأخير يوم الجمعة قبل الماضية، تواردت على خاطري بصفة مباشرة فكرة أن هذه الزيارة التي أتاحت للرجلين فرصة سانحة للدخول في تداول بينهما حول الشأن الوطني العام، وما يجري حوله من دعوة طرحها حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وطلب فيها من القوى الوطنية المعارضة أن توافق على المشاركة في حوار مع الأحزاب الحاكمة بهدف الاتفاق على وفاق وإجماع على القضايا الكبرى وذات الطابع الإستراتيجي المتعلقة بالأمن القومي والاقتصاد الوطني والهوية والسلام والحقوق والحريات العامة. وقد جاءت هذه الخاطرة الواردة في ذهني بصفة مباشرة بناء على اعتقادي بأن ما حدث بين علي عثمان وأبو عيسى لا بد أن يكون قد تطرق لما يجري في الجارة الشقيقة مصر في الوقت الحالي، وتأثيره المحتمل في الانعكاس على الشأن السوداني، خاصة وأن من المعروف لدى كل من يعلم ما يكفي حول الأستاذ أبو عيسى أن له علاقة خاصة بالأجهزة الحساسة والنافذة في الجارة مصر الشقيقة، وهي علاقة وثيقة ورابطة مؤثرة ظلت قائمة وفاعلة منذ فترة طويلة تعود إلى مرحلة نشاطاته السابقة في موقع الارتباط بالقيادة في الحزب الشيوعي السوداني قبل وبعد أن حدث للحزب ما حصل وأدى للقضاء عليه في ضربة كبرى تعرض لها بعد أن شارك في الانقلاب العسكري الثوري لليسار السوداني بقيادة الرئيس الأسبق المرحوم جعفر نميري.
ومن جهة أخرى فقد تعززت مثل هذه الخاطرة التي بلغت درجة القناعة، بالنسبة لي بشأن ما عتقد أنه ربما يكون قد حدث للزيارة ذات المغزى والدلالة التي قام بها طه لأبو عيسى وأدت إلى ما أفضت له، وذلك عندما اطلعت في ذات الصحف الصادرة بالخرطوم يوم الجمعة الماضي أن المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم قد عقد اجتماعاً برئاسة السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحزب المشير عمر البشير تطرق فيه لما يجري حول الحوار الوطني الذي دعا له الحزب، ثم صدر بالتزامن مع ذلك الاجتماع البيان الذي رد فيه الأستاذ علي عثمان على ما ورد في الصحف على لسان أبو عيسى الذي كان قد تطرق في مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء الماضي عقب اجتماع لهيئة القيادة في تحالف المعارضة، إلى ما جرى بينه وبين علي عثمان.
وتجدر الإشارة إلى أن أبو عيسى قد نفى في مرحلة لاحقة ما ورد منسوباً إليه على سبيل الإثارة في الصحف الصادرة بالخرطوم يوم الخميس الماضي حيث ذكر وفقاً ما نقلته عنه صحيفة «الرأي العام» الصادرة بالخرطوم أمس الأحد أن يبدي الدهشة مما تناقلته بعض الدوائر الصحفية، وأنه لا يستبعد أن تكون ثمة جهات غير راغبة في استمرار هذا الحوار هي التي أثارت تلك البلبلة. ونفى أبو عيسى أن يكون علي عثمان قد وافق على ما أسماه شروط المعارضة لبدء الحوار، كما نفى كذلك أن يكون قد طلب من طه خلال اللقاء الذي جمع بينهما تفكيك النظام أو تشكيل حكومة انتقالية. وأوضح أبو عيسى أن زيارة علي عثمان له يوم الجمعة قبل الماضية بدأت في إطار اجتماعي، ثم تناولا الشأن العام ومشروع الحوار المطروح من جانب الحكومة، مشيراً إلى أن طه استمع لطرحه الذي أبلغه فيه بشروط المعارضة المحددة لتهيئة مناخ الحوار، وقال له بالحرف الواحد إن من حق المعارضة أن تطرح ما ترى وأن مائدة الحوار تتسع لكل القضايا.
صحيفة الإنتباهة
محمد سيد أحمد المطيب
ع.ش