للإشارة إلى ذلك سيكون من المفيد أن نعيد التذكير بأن الأستاذ علي عثمان محمد طه كان قد استخدم مثل هذ الأسلوب في الاستفادة من المناسبات ذات الطابع الإنساني والاجتماعي في السعي لتوظيفها من أجل العمل على تحقيق اختراق سياسي إستراتيجي فيما يتعلق بالأهداف التي يأمل فيها ويسعى لإحرازها وينشط لتسجيلها في المرمى.
وبناء على هذا فإن من يقرأ كتاب الوسيطة النرويجية الحسناء والفاتنة هيلدا جونسون عن الدور الذي ذكرت أنها قامت بالاضطلاع، وزعمت أنها نجحت فيه وذلك فيما يتعلق بالذي جرى بين كل من علي عثمان من جهة وقائد الحركة الشعبية وملهمها ومرشدها وزعيمها الراحل د. جون قرنق من جهة أخرى أثناء مفاوضات السلام بين شمال وجنوب السودان على النحو الذي أفضى إلى التوقيع على اتفاقية السلام الشامل السودانية المعروفة والمشهورة باسم اتفاقية نيفاشا.. سيجد أن طه كان قد سعى بمثابرة لنصب الشبكة الهادفة إلى اصطياد قرنق، ودفعه للموافقة على المشاركة المباشرة في المفاوضات الهادفة لإنهاء الحرب وإحلال السلام، وإقرار الاتفاق اللازم من أجل الوصول إلى ذلك على النحو الذي جرى وحصل بالفعل في المفاوضات المثيرة التي تمت بينهما على مدى فترة تسعة أشهر كاملة بنيفاشا حدث فيها الحمل وأدى إلى ولادة النتيجة التي ترتبت عليها ونجمت عنها.
وكما ورد في الكتاب المشار إليه أعلاه والذي صدر أصلاً باللغة الإنجليزية ثم صدرت ترجمة عربية له في الفترة اللاحقة لاتفاقية نيفاشا، وبلوغ الهدف النهائي الذي جاء بناء عليها، فقد ظل طه يسعى بمثابرة ماهرة وهو ينصب الشبكة الرامية لاصطياد قرنق، بينما كان الأخير يتعنت ويتهرب حتى تهيأت فرصة رأى طه أنها سانحة مناسبة لإتمام ما رمى وسعى له.
وقد كانت تلك الفرصة هي وفاة نائب رئيس دولة كينيا المجاورة، والعزاء الرسمي الذي أقيم له في العاصمة الكينية نيروبي في ذلك الحين، وكما ذكرت الوسيطة النرويجية الفاتنة الحسناء هيلدا جونسون في كتابها عن دورها المحوري والأساس والرئيس في التأثير على مفاوضات نيفاشا بين طه وقرنق، فإنها قد فوجئت عندما تلقت للمرة الأولى مكالمة هاتفية من طه يطلب منها فيها أن تسعى إلى ترتيب لقاء له مع قرنق على هامش المشاركة في مناسبة العزاء الرسمي المشار إليها بالعاصمة الكينية نيروبي. وهو الأمر الذي حدث بالفعل وأدى إلى ما أفضى له في التوصل إلى اتفاقية السلام الشامل بين شمال وجنوب السودان وما ترتب عليها ونتج ونجم عنها.. ولنا عودة.
صحيفة الإنتباهة
محمد سيد أحمد المطيب
ع.ش