الخرطوم: 48.4% من المتزوجات دون سن الـ 18

طالبت منظمات المجتمع المدني والناشطون في طرح قضايا المرأة السودانية بالدفع في اتجاه انهاء تزويج القاصرات الذي بلغت نسبته (48.4%) من النساء المتزوجات، وذلك بسن او تعديل المادة المتعلقة بتحديد سن الزواج للبنات في قانون الاحوال الشخصية للمسلمين لعام 1991م، لتصل الى سن الثامنة عشرة كحد ادنى لزواجهن، وفيما كشف أطباء ان (23%) من حالات الدخول لمستشفى الذرة بالخرطوم أسبابها سرطان عنق الرحم الذي يحدث نتيجة الزواج المبكر، أكدت الدراسات ارتفاع نسبة العنف المنزلي الموجه للأم والاطفال في حالة صغر الوالدين.
وتنص الماده (40) من قانون الاحوال الشخصية على لا (يعقد زواج المعتوه او المعتوهة او المميز إلا من وليه بعد ظهور مصلحة راجحة). ونص البند (2) من نفس المادة على ان (يكون التمييز ببلوغ سن العاشرة). وقد نص البند (3) على ان (لا يعقد ولي المميزة عقد زواجها إلا باذن القاضي ولمصلحة راجحة بشرط كفاءة الزوج ومهر المثل). واشتراط زواج الصغيرة إلا بموافقة القاضي غالبا لا يتم في الريف، واهمل القانون حق الصغيرة في فسخ العقد عند البلوغ, بجانب المطالبة بتعديله ليتواءم مع المعايير والمواثيق الدولية لحقوق الانسان والدستور الانتقالي، فيما بلغت نسبة زواج الاطفال في السودان (48.4%) تفاصيلها دون سن الخامسة عشرة (12.4%), ودون الثامنة عشرة (36%) وفقا لآخر احصاء سكاني في عام 2006م. ويعد زواج الطفلات انتهاكا لاتفاقية حقوق الطفل المعتمدة في العام 1989م ومن قبلها اعلان جنيف الوثيقة الدولية الاولى الخاصة بحقوق الطفل 1924 والسودان طرف في الاتفاقية والبروتوكولين.
مشاكل قانونية
واكدت المحامية سامية رباح ان زواج الصغيرات تترتب عليه مشاكل قانونية مختلفة في حالة الطلاق وما يترتب عليه من حقوق التي يصعب حصول الطفلة المطلقة عليها. واستند المتحدثون في المنتدى التشاوري الذي عقدته المنظمة السودانية للبحث والتنمية (سودر) أمس بمركز الخاتم عدلان على ان الدراسات أكدت ارتفاع نسبة النساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية وسط المتزوجات في سن صغيرة عن المتزوجات في عمر اكبر. كما بينت الدراسات حصول تعقيدات اثناء الحمل والولادة، ويعتبر زواج صغيرات السن من الاسباب الرئيسية لمرض الناسور البولي وسرطان عنق الرحم, كما ان الصبية المطلوبة للزواج في هذا العمر مهما كان ذكاؤها او عبقريتها فإنها عبر اقتلاعها من سلم التعليم تكون مكافئة لأي كان وضعه التعليمي وخبراته المعرفية، واعتبره المتحدثون جانبا آخر من جوانب انتهاك الحقوق وهو حرمانها من الانتقائية العالية والمبنية على الوعي، ويترتب على ذلك عجزها المالي.
المضار الصحية
وأكد اختصاصي امراض النساء والتوليد الدكتور محمود الزين النيل ان سرطان عنق الرحم ينتشر بنسبة عالية جدا في افريقيا والسودان، وقال ان (23%) من حالات الدخول لمستشفى الذرة بالخرطوم أسبابها سرطان عنق الرحم الذي يحدث نتيجة الزواج المبكر ويترتب عليه ايضا نزيف ما بعد الولادة بسبب ولادة متعثرة نسبة لعدم اكتمال حوض الأم وتعثر ولادة اكتاف الجنين، وتهتك عنق الرحم، بجانب الاصابة بمرض الناسور البولي. واعتبر الزين ان هذا المرض يؤثر على النساء وعلى مسيرتهن في الحياة بما يسببه لهن من حرج وهجر ازواجهن لهن، كما يعد الموت الناجم عن الحمل المبكر السبب الرئيس لوفيات الفتيات في سن صغيرة, ويسهم زواج الاقارب في الزواج المبكر في نقل كثير من الامراض الوراثية.
الآثار النفسية
واعتبرت الاختصاصية النفسية الدكتورة ناهد محمد الحسن ان الانحياز لزواج القصر يصدر من موقف تقليدي تجاه الزواج قائم على التبعية المطلقة للرجل وان الاطار الثقافي هو الذي يحدد انماط الزواج وشروطه، وبالتالي يفقد الزوجان في المجتمعات التقليدية المتخلفة قدرتهما على تحديد المصير، اذ يتم تحديد الزواج وفقا لرغبات العشيرة لخلق أحلاف ومصاهرات، وتعزيز العلاقات الاسرية بين الاهل، وبالتالي لا يوجد مجال اختيار حر وواعٍ مبني على العاطفة. واوضحت ناهد ان من شروط الزواج الناجح العمر والكفاءة والنضج، وتعد جاهزية الزوجين للدخول في الزواج عن دراية مسبقة وادراك تام أمرا مهما. وما يحدث للطفلة التي تقتلع من سلم تطورها الطبيعي وترحل الى مراحل لاحقة دون ان تكون مستعد نفسيا لهذه النقلة يتسبب في ان تمنح الفتاة لاي شئ معنى إلا وجودها نفسها. وقالت ناهد ان هذه الطفلة تعتبر ضحية مثالية خانعه لرجل يشعر بعدم الثقة في نفسه ويريد ان يصب قلقه وشكوكه خارجه في شخص يكون أكثر “ضعفا وجهلا”، منه وبالتالي يمكنه عبر قهره واسكاته تفريغ قلق الابعاد والهجر عليه، مشيرة الى ان الدراسات تؤكد ان ارتفاع نسبة العنف المنزلي الموجه للأم والاطفال في حالة صغر الوالدين يحدث نتيجة لعدة اسباب، على رأسها الخنوع الذي تشعر به المرأة ويجعلها عرضة للاعتداء.

صحيفة السوداني

Exit mobile version