كالعادة وبعد كل إخفاق يسيل الحبر ويكثر الصراخ وتنهمر التعليقات مثل «زخ المطر»، والنتيجة الحتمية قد تكون واحدة: إقالة المدرب، مهما كان اسمه وتاريخه وإنجازاته، وحتى حامل كأس العالم مع البرازيل 1994 وصاحب الإنجازات الخليجية، كارلوس ألبرتو باريرا، لم يسلم رأسه من الإقالة مع المنتخب السعودي في كأس العالم بفرنسا 1998، ولا التشيكي ماتشالا، ولا البرازيلي آنغوس، ولا الأرجنتيني بيسيرو.. ولن يكون الهولندي ريكارد استثناء، لأن رأسه مطلوب حتى قبل المشاركة في «خليجي 21»، وربما تم التغاضي عن هذا الطلب لو حقق الرجل مع تشكيلته اللقب البحريني، لكنه خرج مبكرا بفوز يتيم بشق الأنفس على اليمن وخسارتين من العراق والكويت. ومن النتائج الحتمية الحديث عن المجاملات في التشكيلة، والذي نسمعه بعد كل إخفاق، ويليه الحديث عن ضرورة رفد المنتخب بدماء جديدة أو إيفاد المواهب لدول متقدمة مثلهم مثل المبتعثين للدراسة، أو السماح لمواليد المملكة بالمشاركة وربما تجنيسهم لاحقا لأن منهم مواهب رائعة ولدت هناك ولم تتمكن من اللعب فتوجهت للدول المجاورة وحملت جنسياتها ثم دافعت عن ألوان تلك الدول أمام الأخضر السعودي نفسه.
ومن الأمور الحتمية تحميل الاتحاد ولجانه كلها المسؤولية، وقد يتم تشكيل لجنة لا تصدر نتائجها، وإن صدرت فلا نرى لها أي تنفيذ على أرض الواقع، وفي أحسن الحالات يتم استحضار مدرب محلي بديل أو مدرب عالمي شهير لامتصاص غضب الناس، أو مدرب مغمور من طينة آنغوس الذي وصل بالمنتخب لنهائي كأس أمم آسيا 2007 وخسر أمام العراق (مع فريق الأحلام حسب توصيف الأمير نواف بن فيصل)، لكن آنغوس خرج بعدها من الباب الضيق مثل سابقيه مُفنشا.
ويبقى السؤال الذي لم نجد له إجابة: بعدما تم تجريب كل هذه الوصفات وحتى الاستعانة (الروتينية) بالمدرب المحلي في حالات الطوارئ ثم سحب الثقة منه عند الحديث عن الوضع الدائم لأن المدرب الوطني لم يحظ يوما بالثقة الكاملة ولسنوات طويلة.. بعدما تم تجريب كل هذه الوصفات ألا يمكن أن تكون علل ومشاكل الكرة في أمور أخرى لم يتم التطرق إليها إعلاميا، لأن الإعلام حسب فهمي (المتواضع) هو شريك في الإخفاق كما هو شريك في الإنجاز، وفي هذا الوسط الإعلامي يعمل كل من هب ودب من المتخصصين والنجوم السابقين والإعلاميين المثقفين ومن أشباه الأميين إلى المتعصبين والباحثين عن الإثارة والمشجعين لأنديتهم ونجومهم حتى لو على حساب المنتخب، لأنهم أساسا يرون المنتخب من عيون نجومهم وأنديتهم وليس بنظرة أشمل وأعم؟! في السعودية بحر من النجوم من المواطنين والمقيمين الذين غادر بعضهم للدول المجاورة وباتوا «سوبر ستارز» فيها، وهناك مدربون عالميون في الأندية، وجماهير هي الأكثر عددا في المنطقة، وتغطية إعلامية هي الأكثف في تاريخ الكرة العربية حتى فاقت الكرة المصرية بملايينها التسعين، ومع هذا نضع كل الإخفاقات على رأس رجل واحد درب هولندا وبرشلونة اسمه فرانك ريكارد.
والأكيد أن من يتهم المدرب وحده فهو إما لا يريد أن يعترف بالحقيقة أو باختصار هو لا يراها أبدا.
[/JUSTIFY]