فيل و الشاب الذي مضى ..!!

فيل و الشاب الذي مضى ..!!
** سماء المدينة ملبدة بالسحب، والفجر يُخرج الناس إلى الفلاح، ونسائمه تبث في الطرقات روح الحياة، وأزيز أبواب المطاعم والمقاهي ينبئ بميلاد يوم جديد، وهو آخر أيام (2012)..وعربة تسقي أشجار شارعنا، وعمال النظافة بالزي الموحد يفرغون ما في براميل في عربتهم، ويتابعهم المشرف بزي مختلف، ربما ليبدوا مشرفاً أو متميزاً، الله أعلم..وإمرأة تمسك بيد يافعها وتعبر مساراً، وعربة المدرسة تنتظرهما في المسار الموازي..وطائر يختار نافذة الغرفة مقاماً ثم يغادرها سريعاً، وكأنه تذكر موعدا غرامياً..وشابا في العقد الثالث يفرش سجاداً أمام مشتل المدينة، ويذهب.. ماذا يفعل؟، ولماذا فرش سجاده على قارعة الطريق ..؟؟

** وأعود إلى الكتاب، والفجرفي ثغر البلاد يزداد إتساعاً.. قوانين دكتور فيل، الطبيب النفسي وأعظم مقدم برامج، تجذبني عن تفاصيل الصباح، وعن سر السجاد والشاب الذي مضى ..اما ان تحقق هدفك في الحياة أولا تحققه، وليس هناك خيار حسب رأي فيل وكل الناس تقريباً..وفيل يشرح القانون، قائلاً : يمكن ببساطة معرفة الذين يستطيعون تحقيق اهدافهم، إذ هم الذين يملكون استراتيجية الحصول على النتائج التي يرغبونها..فيل لم يشرح (معنى الإستراتيجية) بمظان أن كل العقول تعرفها، وليتها شرح، لتعلم العقول التي لاتعلم، وما أكثرها في الكون، وفي بلادنا ..!!

** شروق الفجر يزداد إتساعاً، ماذا يحدث بالخارج؟، وما سر السجاد المفروش أمام مشتل المدينة؟ وما سر الشاب الذي مضى ؟.. العودة إلى النافذة لمعرفة الإجابة تستدعي تجاهل دروس فيل، وهذا ما لا إستطيع إليه سبيلاً.. فلنسمع فيل : أما اولئك الذين لا يستطيعون تحقيق شيء من أهدافهم، فتراهم يتعثرون في كل خطوة، وينظرون الى الحياة بدون تفكير، وببهاتة وقتامة تامة، و(يمكنهم التذمر على كل شيء تقريبا)، حتى قبل ان يتحركو باتجاه أهدافهم..هل يتحدث فيل عن المزاج السوداني، أم عن قوانين الحياة..؟

** ليس مهما، فمزاجنا جزء من الكل الذي يخاطبه فيل.. فالمهم أن يسكت فيل، لأعرف سر السجاد والشاب الذي مضى؟..ولايسكت، إذ يقدم القانون الثاني، والشمس زادت دائرة الفجر إتساعاً لحد سماع أصوات الباعة، ويقول فيل متحدياً فضولي لمعرف سر السجاد والشاب الذي مضى : أ نت تصنع خبرتك بنفسك، و لايمكنك التهرب من المسؤولية عن سبب سير حياتك بالوضع الراهن.. ان كنت لا تحب وظيفتك أو تعاني من وزن زائد أو تشعر ان الناس تنفر منك أو لم تكن سعيداً في حياتك، فالشخص الوحيد الذي يمكن محاسبته هو( انت فقط)..!!

** كيف أكون – وحدي – مسؤولاً عن سعادتي، حزني، حاضري، مستقبلي؟، ولماذا؟، أسئلة لاتقل ثقلاً عن ثقل سؤال ( م اسر ذاك السجاد؟، والشاب الذي مضى؟)..يسترسل فيل، وكأنه سمع تلك الأسئلة الحائرة : أنت الذي تصنع المواقف التي تؤدي بك الى ما (أنت عليه)، وانت الذي تصدر الانفعالات والمشاعر خلال مواقف الحياة.. وعليه : دائما ضع نفسك تحت المحاسبة، ولاتلعب دور الضحية – أو تتحجج – بمواقف قديمة حدثت معك قبل وقت مضى..حياتك لايصنعها محض موقف، ولا لحظة صدفة أو فرصة عابرة.. بل، كل ساعات عمرك هي تصنع حياتك، وعقارب تلك الساعات بيدك، أي تلك العقارب هي ( عزيمتك أو خمولك).. و..و..!!

** عدت إلى النافذة، تاركاً دكتور فيل يحاضر فراغ الغرفة والمنضدة التي عليها أكوام الورق ..لقد عاد الشاب الذي مضى، وإمتلأ سجاده بشيوخ وشباب آخرين، يحتسون الشاي والقهوة، ويدفعون المال..لم يكن إلا شاباً إختار حياته.. ليس مهماً شكل الحياة، فالمهم : هل يملك إستراتيجية يُطور بها بعض تفاصيل حياته؟.. أن يستبدل قارعة الطريق بالمقهى، على سبيل المثال، ليستبدل الآخرين السجاد بالمقاعد..أو هذا ما يعنيه فيل بإمتلاك الإستراتيجية والرؤى الصائبة، وعليه : فليكن – في مخيلتك – ذاك الشاب نظاماً والآخرين شعباً.. لتعم الفائدة ..!!

إليكم – السوداني
[email]tahersati@hotmail.com[/email]

Exit mobile version