داخل القاعة قطع صمتها طرقات بعض الطلاب الفارين من صحن كلية الآداب وشارع «المين» ليحتموا بالقاعة معنا وسط دموع الطلاب أخبرونا أن هناك شاباً يتجول وهو يحمل «كلاش» أطلق منه الرصاصات التي قتلت طالباً وجرحت آخر واحتشدت قوات الاحتياطي المركزي أمام الجامعة وساد جو الرعب الذي يصاحب أعمال الشغب حيث استقبلتنا قوة تصدر صيحات وهي تتجه نحو الجامعة.
بالعودة لأجواء الجامعة قبل أن تبدأ الندوة السياسية لأبناء دارفور في شارع «المين» عاشت جامعة الخرطوم صباحاً هادئاً صادف نهاية امتحانات كلية الآداب وانطلقت زغاريد الفرح من داخل استراحات الطالبات احتفاءً بانتهاء الامتحانات وبدء إجازة نصف السنة وفي تلك الأثناء كانت روابط طلاب دارفور تحتشد في شارع «المين» وسط حضور طلابي كبير ولم يكن هناك أثر لأي تأمين خارجي ولا وجود لقوات الاحتياطي المركزي خارج أسوار الجامعة كان يوماً عادياً يمكن أن يمر بهدوء داخل الجامعة لولا الرصاص الذي انطلق متزامناً مع اتجاه الطلاب لنقل الحشد المتظاهر احتجاجاً على الأوضاع في دارفور للشارع وسط هتافات كانت تتحدث عن دارفور «بالروح بالدم نفديك يا دارفور» ولكن خمس أو ست رصاصات انطلقت متتابعة لتردي الطالب علي أبكر موسى قتيلاً وهو في المستوى الثالث كلية الاقتصاد مع إصابة آخر بجروح وصفها الطلاب الذين هرعوا إلى داخل القاعة بالخطيرة وأكد شهود عيان أن الطالب الذي لم تحدد هويته السياسية وكان يحمل سلاحاً هو من أطلق الرصاص ولاذ بالفرار لتصل قوات الاحتياطي المركزي وتطوّق المكان وأُمهل الطلاب داخل الجامعة فرصة محدودة لإخلاء القاعات والحرم الجامعي فوراً قبل أن تتعطل الحركة وتطوّق قوات الاحتياطي المركزي كل المكان بالكامل وتغطي كل الطرق المؤدية للجامعة. وعم غضب كبير وسط الطلاب مع حال الاضطراب التي سادت لمقتل الطالب دون تحديد هوية من القاتل ما عدا الرواية التي تؤكد أن طالباً يحمل سلاحاً هو القاتل.
تاريخ المظاهرات الطلابية في جامعة الخرطوم زاخر ومليء بالكر والفر والمطالبات المشروعة لعل أهمها كان اتحاد طلاب جامعة الخرطوم في فترة أواخر التسعينات بداية الألفية لم تحدث فيها أعمال قتل أو إطلاق نار بل ضرب واعتقالات ومناوشات ما يجعل الوضع متأزماً، ارتباط أحداث الجامعة بالوضع في دارفور والمفاوضات الحالية في أديس يطرح السؤال من يصطاد في المياه العكرة؟ من يستخدم الطلاب كدروع بشرية لتمرير أجندته؟ من الذي حوّل ركن نقاش في شارع «المين» لمجزرة دموية؟ من هو الطالب الذي كان يحمل سلاحاً وقتل زملاءه وما هو لونه السياسي؟ هذه الأسئلة تدور في الفضاء على أمل أن تجد إجابات حاسمة في فترة وجيزة بدل أن تسود العتمة من من جديد في أجواء جامعة الخرطوم بعد احتواء أزمة الرسوم في وقت سابق فهل يتدخل بروفسور حياتي مرة أخرى ليضع حداً للعنف الذي وصل أقصاه هذه المرة؟!
صحيفة الإنتباهة
سارة شرف الدين
ع.ش