والملاحظ علي ابواب المدارس والجامعات هذا الأيام والأيام التي سبقتها – تلك الظاهرة التي انتشرت انتشار النار في الهشيم .. وهي (استقرار) الباعة المتجولين بكل اصناف (اللغاويس) يبيعونها للطلاب بجميع مراحلهم (علي عينك يا صحة) والطلاب يشترون ويلتهمون ويجغمون (علي عينك يا ولي الأمر) ولا حد سائل في هؤلاء ولا اولئك.
بدأ الأمر سابقا بنوعين من اللغاويس وفي المدارس فقط ، وهي سندوتشات الطعمية المصنوعة بـ (زيت الراجع) والمجهزة داخل رغيفة الساندويتش بأيدي هؤلاء الباعة (والتي لا يمكن ان تخلو من قذارة بأي حال من الأحوال) والمكمودة بالشطة والليمون والتبش والمايونيز والكاتشب وهلم لغوسة، والمقدمة في (كيس نايلون) جديد او مستعمل (ما فارقة)، أما النوع الثاني فكان اكياس الايسكريم الذي لا يعلم الا الله كيف ومتي صنع، لأنه يأتي (جاهزا) من (جهة ما) ليتخاطفه التلاميذ خطفا، يعود بعدها البائع إلي (مكان ما) ليعود غدا بالجديد، دون ان يسأله أحد من أين أتيت بهذا ولا كيف صنعته.
ثم تطور الأمر فظهرت (لغاويس نُصَّة نهار) الفشار والتسالي ودُقَّة الدوم وغيرها .. والتي تكون في بعض الأحيان (البديل الشرعي) لوجبة الفطور إذا كان التلميذ من النوع الذي لا يملك الا (حق الفطور) فيضحي بفطوره ويوفر مبلغه للغاويس نصة نهار هذه .
ومع انتقال (الجهل الصحي) مع الطلاب اينما ذهبوا، انتقلت هذه الظواهر إلي ابواب الجامعات حيث لا فرق في هذه الأيام بين طالب الجامعة وطالب الأساس لا في الحجم ولا في الفهم العام .. وآخر ما رأيت من (موضة اللغاويس) تلك اللغوسة الجديدة التي استنكرتها قطاعات عديدة إلا وهي (المنقة النية بالملح والشطة والليمون) والتي انتشرت حتي جعلتني أظن أنني (أنا المتخلف) وليس الذين يلتهمونها.. فأخصائيو الغذاء قالوا أن الفواكه غير الناضجة تحتوي علي مركبات كيميائية غير مكتملة التكوين تؤثر علي اعضاء الجسم تأثيرا بالغا ولا يظهر تأثيرها الا بالتراكم وعلي مر السنين (يعني الأولاد والبنات ديل يتذكروا كلامنا ده بعد عشرة عشرين سنة كدة). وأخصائيو الذوق السليم أكدوا بأن هذه الحركة (ما ظريفة) ولا تمت للذوق العام بصلة .. حركة أن يحمل طالب الجامعة (وبالأخص الطالبة) سريحة المنقاية ويلتهم فيها في الطريق (مادَّاً بوزه وجسمه للأمام حتي لا تلغوس المنقة ملابسه الظريفة). أما أنصار المنقة انفسهم فقد احتجوا بأن هذه اللغوسة الجديدة تعتبر (إهانة بالغة للمنقة نفسها) التي يتغني الشعراء بلونها (الأصفر وليس الأخضر) والتي تؤكل حلوة زي العسل من أمها أو تعصر عصيرا حلوا دون سكر لأنو ربنا خلقها كدة لا تحتاج لأي (تدخل خارجي) لتحليتها.
وأغرب ما في الأمر أنني في فترة من الفترات أكثرتُ علي ابني الكلام فيما يخص اللغاويس .. ونصحته بأنها تضر به وبصحته وهو يستمع دون ان يبدو عليه اعتراض أو اقتناع .. وذات يوم قال لي بعد ان اعطيته حق الفطور (يا ابوي انا داير لي جنيهين زيادة) قلت له (داير تسوي بيهم شنو؟) قال لي بكل براءة وبرود (داير اشتري بيهم لغاويس) !!!!!
ومن هنا وما دام الأمر كله ملغوس وما دامت الحكاية جابت ليها منقة بالشطة والليمون أقدم عددا من المقترحات باعتبارها (لغاويس المستقبل) هدية لهذا الجيل الجديد الذي لا يأكل إلا اللغاويس ولا يجغم إلا اللغاويس ولا يلبس إلا السيستم اللغاويس ولا يسمع من الغناء إلا اللغاويس (فهو جيل قمة في اللغوسة)
المقترح الأول (لحمة مبوَّخَة في موية سكر مضاف إليها قليل من عسل النحل) المقترح الثاني (بطيخة منخور جزء من وسطها الأحمر ليحل محله جردقة وفلفل مسحونين مع قليل من زيت السمسم بدل موية البطيخ المنزوعة) المقترح الثالث (كاستر مغلي في سليقة لحمة ضان وعليها شوية بقدونس وعجوة منزوعة الحصاة) لسة ما طرشتو؟ طيب هاكم المقترح الأخير ده (خدرة مفروكة بايته معاها شوية زبيب وجبنه تتختي كلها وش- لي تورتة عيد ميلاد أبو أهلكم ذاتو) .. لغاويس تطمم البطن !!!!!
صحيفة الإنتباهة
حوامة الكدرابي
ع.ش