جعفر الميرغنى: لن نسمح بتهديد مصالح الشعب المصرى

[JUSTIFY]فى حوار مثير ملىء بالتساؤلات حول نشوب أزمة مؤخرا بين مصر والسودان اصابت تلك العلاقة بحالة من الفتور فى العديد من القضايا الشائكة بين البلدين وعلى رأسها ازمة سد النهضة وموقف الشقيقة السودان منه وأزمة منطقتى حلايب وشلاتين واجهت روزاليوسف مساعد الرئيس السودانى جعفر الصادق الميرغنى فى حوار خاص لروزاليوسف عبر الهاتف من الخرطوم أجاب فيه بصدر رحب وبدبلوماسية على العديد من التساؤلات التى تدور الآن فى أروقة السياسة والعلاقة بين البلدين مؤكدا أنه سوف يزور القاهرة قريبا للقاء وزيرى الخارجية والرى لبحث العديد من القضايا المشتركة بين البلدين والى نص الحوار:

■ العلاقة بين مصر والسودان مهمة ولها بعد جغرافى وأمنى هل تسمح دولة السودان بأن تتأثر تلك العلاقة من خلال موقفها من بناء سد النهضة؟
– العلاقة بين مصر والسّودان، علاقة متينة، وتاريخية، وأنا بصفتى «اتحادى»، أستلطف عبارة رئيس الوزراء البريطانى تشرتشل الشهيرة «إن السودان كغطاس ومصر أنبوبة الأكسجين التى يستنشق منها الهواء» وأدرك أنّ مصلحة الشعبين فى أن تكون هذه العلاقة، على أتمّ وئام، رعايةً لأواصر العلاقات، فنحن أسرة واحدة هذا من جهة ومصيرنا مشترك هذا من جهة أخرى، أما حول موقف السودان من بناء سد النهضة، فنحن نعمل على تنسيق عال مع الإخوة فى مصر، والقرار فى ذلك، قرار فني، ومن المهم أن يدرك الجميع أننا لم تنقطع الاتصالات أبدًا، وما بيننا ومصر أكبر من سد النهضة وغيره، وهذا ليس تقليلاً من السد، ولكن تأكيدًا على أن علاقاتنا أزلية.وأحيلك إلى لقاء وزير خارجية البلدين فى الأسبوع الماضى وانتهى ببيان مشترك إيجابى.

■ تعامل السودان مع الازمة تؤكد أنها مع بناء السد والذى يلحق بمصر اضرارا بالغة ضد مصر بل يصيبها بحالة من الجفاف ويضر ايضا بالسودان ويحجب الطمى عنها؟
– هذا غير دقيق، نحن لسنا مع أى شىء يهدد مصالح الشعبين، وللأسف أغلب التقارير فى هذه القضية غير مهنيّة، وتعرّضت للإعلام السلبى، وكنا اتفقنا مع الأشقاء المصريين والأثيوبيين أن تكون قنوات الاتصال مفتوحة دائمًا، وهو ما سأناقشه مع وزير الخارجية نبيل فهمي، والأخ وزير الرى. خلال زيارة قريبة لمصر. كما يمكنك الرجوع لاجتماع وزيرى الخارجية الأخير، وكما أسلفت فإنه إيجابى.

■ هل رأت السودان أنها لن تتعرض لضرر مع أن تقرير اللجنة الثلاثية يقول إنها يعرض السودان لغرق بل دول عربية أخرى معرضة للغرق مثل السعودية؟
– هذه افتراضات غير دقيقة، ولكن أقول بكل ثقة أنّ السودان هو العمق الاستراتيجى للأمن القومى السعودى، ولن نسمح بأى شىء يؤثر على بلادالحرمين، هذه ثوابت واضحة، ومرتكزات أساسية فى رعاية عمقنا العربى الاستراتيجي. دعنا نتجاوز الحديث عن «المبالغات»، وللسد قضيّة فنية، ستحسم أمرها الدول المعنية بالتراضي، ونحن نعمل على التنسيق التام، لا تستجيبوا للإعلام الذى يحاول تخيل صراعات، كل ما يجرى كما قال أخى وزير الخارجية يتم بتوافق تام بين مصر والسودان.

■ هل مصر لاتسطيع التدخل لوقف بناء السد وهل وقعت على اتفاقية تعطى الحق لاثيوبيا ببنائه وهل انتم مع تدخل مصر باى طريقة كانت عسكرية أو غيرها للحفاظ على أمنها المائى؟
– من السابق لأوانه الحديث عن تصعيد لهذا الحد، الأمر دون ذلك، والقيادة السياسية فى دول «حوض النيل» كلها، أوعى من الانزلاق لحرب جديدة.

■ هل أطلعت السودان على تقرير سد النهضة وهل هى مع بنائه؟
– بعيدًا عن القطعيات الفنية، التى ستجيب عليها اللجان المعنية فى الدول ذات الاهتمام بهذه القضيّة، فإن واجبنا فى قيادة الدولتين أن نبث رسالة اطمئنان لشعوبنا جميعًا، أننا لن نمضى لأى قرار فيه ضرر محتمل بمصالح دولنا، من إثيوبيا ومرورا بالسودان ووصولاً إلى مصر.

■ هل الدولتان المصرية والسودانية تعيشان لحظات توتر وعلاقات باردة بين الجانبين؟
– الوشائج الخاصة بين مصر والسودان، لا تسمح، أن تعيش العلاقات لحظات التوتر، بطبيعة الحال، الظروف الاستثنائية تزيد من حساسية أى وضع، ويصبح استيعاب المتغيرات والتعامل معها محفوفًا بالمخاطر، لذلك من الطبيعى أن تكون هناك سحابة صيف تمر عابرة، وجزء من احترام إرادة مصر، هى التسليم لها بخصوصية شأنها الداخلى فى فترة ما. والآن الحمد لله ازداد معدل الزيارات بين المسئولين، ونرى أن العلاقات تمضى للأفضل، نعم هناك عقبات ولكننا نعوّل على حكمة قيادة البلدين، كما أن هناك مشاريع تمضى بخير مثل الطريق البرى الرابط، وبالأمس بحمد الله شهدنا توقيع اتفاقيات البريد الممتاز، وما زال هناك الكثير من الخير. فالعلاقات تتحسن وهو ما آمل أن يتحقق.

■ مؤخرا كان هناك لقاء مسئول عسكرى اثيوبى بالسودان هل هذه رسالة موجهة الى مصر؟
– هناك علاقات ومصالح مشتركة ما بين أثيوبيا والسودان، كما أن هناك مصالح وعلاقات قديمة متجذرة مع مصر، والعلاقة مع أثيوبيا ليست معناها العداء مع مصر، أرجو أن تخفف المبالغات، والتأهب، لأن ذلك ينعكس على الشارع، أنا متخوف من ثقافة الحرب التى يتم تغذيتها الآن، وكأن المنطقة تقاد لمصير يصنعه إعلام الأزمة! الأمور ليست سوداوية لهذا الحد. صدقنى وتفاءل.

■ ماموقفكم بعد قرار مصر اعتماد مدينتى حلايب وشلاتين تحت السيادة المصرية وهل تطرقت الى اتفاقية بهذا الشأن مع مصر؟
– سأحاول أن أنقذك من هذا الفخ وسأعود بك إلى التاريخ، لنذكر التصعيد الذى حدث بين السودان ومصر عام 1957 بسبب حلايب وكان قد وصل لمرحلة الاستعداد للقتال بين الجانبين، وكان ذلك إبان حكومة السيد عبدالله خليل، ولكنّ سيادة مولانا السيد على الميرغنى تدخّل بحكمته وحنكته وبصيرته لنزع فتيل الأزمة، واستخدم نفوذه ومكانته الدينية والروحية والسياسية لرعاية لمصالح الشعبين، وطلب من الحكومة السودانية منحه فرصة لاحتواء الأمر سلمياً؛ وقام باتصالاته المكوكية، وبعد أن فوضته الحكومة قام بإرسال رسالة إلى الرئيس الزعيم جمال عبدالناصر، حملها البكباشى خلف الله خالد بصفته مبعوثا شخصيًا لمولانا السيد على الميرغنى وليس بصفته وزيرا للدفاع، وتضمنت رسالة السيد على الميرغنى للرئيس عبدالناصر، طلبات بأن يتم سحب القوات المصرية من حلايب، ويتم سحب صناديق الاقتراع لانتخابات الرئاسة المصرية من حلايب، وأن يبقى الأمر على ماهو عليه، إلى تهدأ النفوس، ومن ثم يتم التوافق على حل للأزمة، وقد تجاوب الرئيس عبدالناصر مشكورًا مع المبادرة الكريمة من مولانا الميرغني، بوعى عال، وحس مسئول يدرك أهمية أمن البلدين،سعيا لاستتباب اﻷمن بينهما من ناحية أخرى، وقام خلال 48 ساعة من استلامه للرسالة بسحب القوات المصرية وصناديق الاقتراع من حلايب وعادت الامور إلى طبيعتها، وبمتابعة من مولانا الميرغنى وحكومة الخرطوم والرئيس جمال عبدالناصر وحكومة مصر وصل الطرفان إلى تفاهم بشأن حلايب ظل ساريا إلى وقت قريب فى التسعينيات،كل هذا بفضل حكمة رجال ذلك الزمان، ودورهم الهام خاصة السيد الميرغنى والرئيس عبدالناصر،وبعد نظرهم حرصًا على مصلحة البلدين.
دعنى أقول، إنّ بين كل الدول مناطق تماس، قد تتحوّل إلى نقاط خلاف، وقد تتحوّل إلى نقاط تكامل، لا نقول أن حلايب وشلاتين، نقاط تكامل، بل نقول على مصر والسودان التكامل، قبل فوات الأوان، وعلى الذين يثيرون هذا الموضوع لمجرد الفتنة، والتعبير عن عدم الرضا عن حكومة إحدى الدولتين أن يتذكروا أن الشعب هو الذى يدفع ثمن أى خلاف.

■ هل من الممكن أن تتخذ السودان خطوات لتهدئة الوضع بين الجانبين المصرى والاثيوبى؟
– لست مخوّلاً للإفصاح عن ذلك الآن، ولكن السودان لن يدخرً جهدًا للتقريب بين وجهات النظر الإقليمية وإلا سيبذله، وهذا هو الدور المطلوب دائمًا، لأن أى توتر، ينعكس على السودان، ولأن مصلحة مصر وأثيوبيا هى مصلحتنا، على المدى الاستراتيجي، فنحن شعوب متداخلة، ومصالحها متشابكة جدًا، قوتنا فى تعاوننا ووحدتنا، وهو ما نؤمن بضرورته.

■ كيف تساعد السودان مصر فى الحفاظ على أمنها القومى من ناحية حدودها معها؟
– قواتنا النظامية تقوم بالواجب، وكذلك فى الجانب المصري، وهذا ما تمّ تأكيده فى لقاء مشترك بين وزيرى الدفاع فى البلدين الشقيقين.

■ ما رأيكم فى خارطة الطريق التى تمر بها مصر وكيف ترى ماحدث فى 30 يونيو؟
– نتابعها باهتمام، ونثق فى الإدارة المصرية، وعلى رأسها المستشار عدلى منصور، والمشير عبدالفتاح السيسي، وأرجو أن تكتمل الخارطة وتصل بمصر لبر الأمان، استجابة لتطلعات الشعب المصرى الذى ملأ الشوارع والميادين فى 25 يناير و30 يونيو، وهو شعب يستحق أن تلبى مطالبه، ونحن وإن كنا نلتزم عدم التدخل فى الشأن الداخلى المصري، إلا أننا نرجو أن تصل خارطة الطريق بمصر إلى مرحلة جديدة تناسب تطلعات الشعب.

■ وما موقفكم من العمليات الارهابية وموقف جماعة الاخوان مما حدث فى مصر؟
– موقفنا من الإرهاب، موقف ثابت، وهو الإدانة الكاملة، والشجب، وأنتهز الفرصة لأعزى الشعب المصري، والجيش المصري، فى شهداء العمليات الإرهابية الغادرة، وكنت قد أدنتها جميعًا فى حينها فى تصريح صحفي، قلت إن ما تتعرض له الشقيقة مصر من هجمات إرهابيّة منظمة تستهدف أمنها ودولتها، مدان ومرفوض، فإن أمن مصر من صميم أمن السودان، بل والعالم العربي، وعلى الجميع أن يبذل المساعدة الممكنة للوصول بالسفينة المصريّة إلى برّ الأمان، ونحن على ثقة بأنّ مصر بتاريخها وقدرها قادرة على تخطى العقبات وتحقيق السلم الداخلى وتفويت الفرصة على أعدائها. أما الشق الثانى من السؤال فإننا نأمل أن يكون موقف جميع الفصائل المصرية موقفًا يتجه نحو العمل السلمى والمدنى وهذا ممكن فيما نرى.

■ ما موقفكم من تجميد عضوية مصر فى الاتحاد الافريقى وهل لديكم دور لاعادة عضوية مصر مرة أخرى؟
– كما مرّ فإن استيعاب التغيرات الفجائية قديحتاج إلى وقت، ومهما كنا سعيدين بالتطورات فى خارطة الطريق، لا يمكننا أن ننكر أن كل الأزمة بدأت تنحل بعد الاستفتاء على الدستور، وفور انتهاء «الانتخابات» فإن كل الأزمات ستنحل، لذلك فإن المساعى لإعادة العضوية تبذل فى مصر بتسريع خارطة الطريق.

■ إلى أى مرحلة وصلت المفاوضات والمباحثات مع دولة الجنوب فى الازمات مع دولة الخرطوم؟
– لا يمكن الحديث عن العلاقة مع دولة جنوب السودان، دون المرور بالحديث عن اتفاقية الميرغنى قرنق 16 نوفمبر 1988 التى تضمنت وحدة السودان ترابًا وشعبًا، وهى المنطلق الأساسى الذى نستهدى به الآن، فنحن نعتبر أن ارتباطنا بدولة جنوب السودان ارتباطا مصيريا، يجب أن نرعاه، بالطبع ضمن الأطر القانونية الدولية المناسبة، ولكننا سنظل نأمل أن يتحقق مقدارا من التوافق، وصولاً إلى اتحاد اقتصادى يلبى الأشواق الاجتماعية والسياسية، وهنا نحث الأشقاء فى مصر، لدعم هذا الاتجاه، ونأمل أن يكون دورهم كما هو العهد مثمرًا. الآن ملف العلاقات طيبة، ويتطوّر، ولكننا نتألم للخلاف الجاخلى فى دولة جنوب السودان، والاحتراب الداخلى الذى يحرق الأخضر واليابس، ونحن نواصل المساعى عبر الاتحاد الإفريقي، لنصل للم شمل بين الإخوة فى دولة جنوب السودان الحبيبة، ونتطلع إلى دور مصرى مساند، وهذا الدور لابد أن يتم عبر تمتين العلاقات بين السودان ومصر وتنسيقها على أعلى مستوى فى هذا الملف ومنه ينطلق إلى افريقيا.

صحيفة روز اليوسف – حوار – أحمد قنديل

[/JUSTIFY]
Exit mobile version