الشتاء القارس وأمراض القلب

الشتاء القارس وأمراض القلب
يعتبر مرض شرايين القلب التاجية من الأمراض التي ضربت الرقم القياسي في انتشارها في العالم عامة، وفي بلدنا الحبيب خاصة.. وأصبح لا يفرق بين الأعمار، حيث يمكن أن يحدث للشباب في ريعان شبابهم.
القلب مثل أي عضو في الجسم وظيفته ضخ الدم باستمرار إلى بقية اجزاء الجسم، ولكن في نفس الوقت يحتاج الى كمية من الأكسجين والتغذية لينجز عمله في ضخ الدم، والمصدر الذي يغذي عضلة القلب هو الشرايين التاجية- يحدث المرض نتيجة لضيق أو انسداد في الشرايين التاجية، وأغلب أسباب الضيق هي تصلب الشرايين، أي أن الشريان يفقد مرونته وتترسب فيه الدهون والألياف مما يعوق مجرى الدم- والكارثة أن معظم المرضى لا تظهر عليهم أي أعراض لسنوات طويلة، بينما يستمر المرض في التطور خلال هذه المدة، ويحدث في صورة مفاجئة ويطلق مصطلح مرض شرايين القلب التاجية على حالتين هما:

-الذبحة الصدرية- جلطة القلب أو احتشاء عضلة القلب

لنا أن نعلم أن جلطة القلب تختلف عن الذبحة الصدرية، لأنها تسبب تلفاً في أنسجة القلب واليكم سيناريو الذبحة الصدرية:

تحدث عندما يحدث نقص في عملية الدم والاكسجين الواصلة لعضلة القلب من الشرايين التاجية، أي أن عضلة القلب لا تكتفي بكمية الأكسجين الواصلة إليها وتحدث بعدة أسباب منها:

إذا حدث ترسب لبعض المواد التي تعمل على ضيق الشرايين التاجية (تصلب الشرايين)- إذا حدث تشنج في الشرايين التاجية- إذا حدث نقص في الدم المؤكسد الوارد لعضلة القلب في بعض الحالات مثل الأنيميا- إذا حدثت زيادة في حاجة عضلة القلب للأكسجين أثناء الحركة والنشاط، أو بعض الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم- بعض الحالات الأخرى مثل: الوجبة الدسمة-الضغوط النفسية- التعرض للبرد أو الحر الشديدين.

ما هي شكوى مريض الذبحة الصدرية:

هناك إحساس بألم قليل ضاغط خلف عظمة القص، وينتشر أحياناً في الرقبة والكفين والفكين أو الظهر أو الذراعين، ويكون المصاب عندها واضعاً قبضة يده على صدره من شدة الألم، ويوصفه مثل الرباط المضغوط حول صدره، يحدث الألم مع المجهود العضلي، وينتهي في دقائق معدودة 1-4 دقائق، ولكن لايزيد عن 30 دقيقة.. ويختفي عند الراحة أو بوضع حبوب انتروجلسرين تحت اللسان.

يشتكي بعض المصابين من صعوبة في التنفس وزيادة التعرق والغثيان والإرهاق الشديد.

قد يصاحب زوال الألم زيادة عدد مرات التبول هذه الأعراض في حالة الذبحة الصدرية المستقرة، ولكن قد تكون غير مستقرة، ويكون الألم حاداً ويحدث عندما يكون الشخص مرتاحاً ويزداد بالرغم من الراحة والعلاج وهو يشبه جلطة القلب في الأعراض والخطورة.

سيناريو احتشاء عضلة القلب أو جلطة القلب

تعتبرحالة حادة خطيرة، حيث يحدث تلف جزئي في خلايا عضلة القلب وموتها بصورة نهائية، نتيجة لانقطاع الدم عن هذا الجزء وسبب الانقطاع هو:

انسداد أحد الشرايين التاجية بجلطة (نترة) فلا يسمح للدم بالمرور، فيحدث خراب لجزء من عضلة القلب كان يُروى بهذاالشريان المسدود.. تضييق شديد في الشريان.. انسداد خلقي في الشريان التاجي.

ما هي شكوى مريض احتشاء عضلة القلب؟:

وصف الألم في احتشاء عضلة القلب يشبه الذبحة الصدرية في مكان الألم وامتداده، ولكن الألم هنا يحدث في حالة:

الراحة وعدم القيام بأي مجهود- غالباً ما يكون في الصباح الباكر، وهو ألم حاد ويستمر لوقت أطول- لا يزول مع الراحة أو العلاج- هناك ضيق في التنفس ودوخة وتعرق شديد وفي بعض الأحيان يكون:

الألم مصحوباً بقلق شديد- قد يحدث فقدان للوعي أو الموت المفاجئ- في بعض الحالات القليلة يحدث احتشاء عضلة القلب من غير ألم، وتتم معرفة المرض عن طريق الفحص الروتيني (رسم القلب)، وهذا غالباً ما يكون عند كبار السن ومرضى السكر نسبة لضعف الأعصاب الحسية لديهم.

كيف يتم تشخيص مرض شرايين القلب التاجية؟

هناك فحوصات مشتركة في الحالتين، ولكن الأهم هو التدخل السريع على حسب كل حالة واختصار الزمن في التشخيص

العلاج:

قبل ذكر العلاج يجب أن نأخذ في اعتبارنا أي ألم في الصدر بمحمل الجد وعدم تناسيه، صحيح أن أي ألم في الصدر قد لايكون ناتجاً عن مرض الشرايين التاجية مثلاً قد يكون نتيجة لشد في عضلات الصدر، أو مرض في المرئ أو المعدة أو الجهاز التنفسي..الخ- علينا أن نأخذ أيضاً الأعراض الأخرى وعوامل الخطورة لاتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لاحتشاء عضلة القلب، لأنها حالة حرجة ويجب نقلها بأسرع وقت ممكن للمستشفى وعلاجها في غرفة العناية المركزة، وبذلك نتفادى حدوث المضاعفات لأن أي دقيقة زمن تمثل خطوة مهمة في تقليل الإحتشاء وتقليل حجمه.

ويختلف العلاج باختلاف الحالة، وحسب ما يرى الطبيب المعالج، حيث هناك علاج بالأدوية وعلاج بالقسطرة – تدخل جراحي في بعض الحالات- بعد الخروج من المستشفى بإذن الله يجب اتباع ارشادات الطبيب، ومتابعة العلاجات والفحص الدوري- هنا يمكن أن نقول إن الوقاية خير من العلاج.

الوقاية:

وقبل ذكر الوقاية يجب أن نتعرف على عوامل الخطورة:

هناك عوامل لا يمكن التحكم بها مثل العمر- الجنس-الوراثة- هناك عوامل يمكن التحكم بها والسيطرة عليها مثل:

التدخين-ارتفاع الكولسترول- ارتفاع ضغط الدم..الخ..

لكي تقي نفسك يجب اتباع الإرشادات الآتية:

توقف عن التدخين- من نعم الله علينا والحمد لله أن التوقف عن التدخين بالنسبة لأمراض القلب تبدأ فوائده من اليوم الأول للاقلاع عن التدخين، وكأنه لم يدخن من قبل في حياته.

الغــــذاء الصــــحــي :
تجنب الإفراط في تناول الطعام، وذلك بتناول الغذاء الصحي المتوازن، ورفع الثقافة الغذائية، وعدم الاستسلام للأمراض النفسية التي ربما تدفع المرء الى زيادة الأكل دون النظر الى الناحية الصحية في الغذاء- اسع دائماً لتناول غذاء صحي في عملك، وذلك بتقليل الملح- أي لا تضع ملحاً اضافياً للأطعمة، يعني لا تضع ملاحة ويشمل الاقلاع عن استخدام الأطعمة المحفوظة، وذلك لاحتوائها على نسبة عالية من الصوديوم كمادة حافظة- الابتعاد عن الوجبات الخفيفة كثيرة الملح مثل الشيبس والبسكويت المملح والمكسرات والمخللات والفسيخ والساردين- يمكن استبدال ملح الطعام بعصيرالليمون.

قراءة الورقة الملصقة على الأطعمة المختلفة الموجودة بالأسواق للتأكد من نسبة الصوديوم فيها- التقليل من السكريات والحلويات، لأن ذلك يؤدي الى زيادة الوزن- تجنب تناول الدهون الثلاثية والكوليسترول التي تسبب ارتفاعاً في نسبة الكوليسترول الضار في الجسم. مثل السمن الحيواني، والزبدة، والكريمة، والقشطة، واللحوم الحمراء، وكذلك صفار البيض والكبد والمخ والكلاوي ومنتجات الألبان كاملة الدسم بأنواعها- التعود على تناول زيوت الأسماك وعلى تناول عدد 3 وجبات أو أكثر من الأسماك بانتظام كل أسبوع- استخدام زيت الذرة أو زيت الزيتون أو عباد الشمس-الإكثار من الأطعمة الغنية بالألياف مثل الخضروات والفاكهة الطازجة- الامتناع عن المشروبات الغازية والمشروبات ذات السكر العالي- التقليل من شرب الشاي والكاكاو والقهوة والامتناع عن الكافيين بصورة عامة- تناول زلال البيض (البياض) وتجنب الصفار- تناول اللحوم البيضاء مثل الدجاج ولكن بدون جلد (الكوليسترول)- تناول الألبان منزوعة الدسم والزبادي (الكالسيوم ينظم الضغط- تجنب قلي أو تحمير الأطعمة في الزيت والسمن، يفضل طهي الطعام على طريقة السلق والشي أو البخار والطهي في القدرة- الامتناع عن المشروبات الكحولية- تناول الأطعمة الغنية بالبوتاسيوم مثل البرتقال والموز والفاصوليا..الخ- ليس من الضروري الحد من السوائل لو كان تدفق البول طبيعياً- تناول طعام مطبوخ جيداً سهل المضغ والبلع والهضم- تجنب الانفعالات النفسية والتوتر بقدر الإمكان- علاج ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري- تجنب زيادة الوزن خاصة في منطقة الخصر والبطن تزيد من قابلية الاصابة بمرض شرايين القلب والسكري، ويمكن تفاديها باتباع حمية غذائية- لا للتدخين والكحوليات- الرياضة البدنية: إن ثلاثين دقيقة من النشاط يمكن أن تساعد على حماية قلبك من النوبات وتقويته (ثلاثين دقيقة ثلاث مرات في الأسبوع) حاول السير على الأقدام الى العمل، إذا كان ذلك ممكناً، أصعد عن طريق السلالم، حاول المشي الى المسجد وصلاة جميع الأوقات فيه، تجنب الحياة الخاملة، لأنها من أهم أسباب زيادة أمراض القلب.

كلمة أخيرة:

لمرضى الشرايين التاجية وأخص بها مرضى احتشاء عضلة القلب:

من رحمة الله الواسعة علينا أن هناك أملا كبيراً في الحياة بصورة أفضل، وذلك بالتحكم في عوامل الخطورة المذكورة أعلاه، ويمكن أن يعود المريض لمزاولة نشاطه تدريجياً يوماً بعد يوم.

لا مستـحـيل مع الحـــياة :
أجلس الى نفسك كل يوم ولو لوقت قصير، رتب به أولوياتك، وتذكر اخفاقك، وضع جدولاً لحلها- رسخ إيمانك بالله عز وجل، وتذكر أنه لا مستحيل مع الحياة، لا تضع عقبات في تفكيرك، ولا تقلد أحداً في الأمور التشاؤمية، وغيِّر مجرى تفكيرك حتى يتغير مجرى حياتك- كن واثقاً من نفسك ومن قدرتك على حل الأمور بصورة سليمة، وعالج أمورك ومشاكلك بنفسك قدر الإمكان، ويمكن أن تشرك البعض من من تثق بهم- لو أرغمت على عمل شئ لا ترغب فيه حاول أن تغير شعورك ونفسيتك تجاهه- نظم وقتك وعملك، فالفوضى تخلق النكد والقلق والتوتر- كن متأكداً من أن الصحة والنجاح بيدك، ولا تحمل في رأسك فكرة صعوبة الأشياء فتصبح كذلك- لا تكن مفرطاً في الحساسية خاصة لبعض الناس ولا تخف ولا تخش المجهول والغامض والمبهم- لا تنسى نفسك ولا تستعجل الأمور، فالأمر مرهون بأوقاتها- توقع الخير والأمل والتفاؤل تجدهم، ولا تتوقع الشر فيسري اليك- لاتنسى أن التفكير بالنجاح هو النجاح نفسه والعكس صحيح، ولا تجعل حياتك عبئاً لا يطاق- أكبر في عين نفسك وضع في مخيلتك بأنك أرقى من الناس جميعاً، وهذا لا يتنافى مع التواضع- لا تفعل إلا ما هو لائق بالإنسان الكامل والشخصية المتزنة، واحرص على الكمال حتى ولو في أبسط الأشياء- لا تهتم بآراء الناس ولا تكترث بنقدهم لك إلا إذا كان مفيداً، كل شخص يفوقك في ناحية واحدة على الأقل وفي هذه الناحية يمكن أن تتعلم منه-كن إيجابياً دائماً وتوكل على الله واشكره- وفي النهاية أقول لا تتصور أنك أنت الوحيد الذي يعاني..

د. عبير صالح حسن صالح
صحتك بالدنيا – صحيفة آخر لحظة
[email]lalasalih@ymail.com[/email]
Exit mobile version