س: د. صابر حدثنا عن أهم المستجدات في خطاب رئيس الجمهورية في الشأن الاقتصادي؟
ج: خطاب السيد رئيس الجمهورية جاء شاملا و ركز علي أربعة محاور في أربعة مجالات أساسية هي مجال السلام والجبهة الداخلية والمجال الاقتصادي والهوية وذكر المجال الاقتصادي منفصلا إلا أن المجالات الأخرى أيضا هي مرتبطة بهذا الوضع الاقتصادي ففي أي دولة يتأثر بأشياء كثيرة جدا فمثلا الركيزة الأولي التي أشار إليها الرئيس السلام وهو عنصر مهم جدا ومؤثر للغاية علي الوضع الاقتصادي لأنه في غياب السلام يكون هناك حرب أو نزاعات مسلحة في أي دولة فان الموارد توجه لتمويل الحرب بدلا من توجيهها لتمويل التنمية وتمويل أوضاع الناس، حقيقة الحروب هي محرقة للموارد ولذلك أي دولة فيها نزاعات داخلية مستمرة تؤثر سلبا علي الاقتصاد في كل النواحي فمثلا سحب الموارد يؤدي إلي تضخم في الإنفاق العسكري والأمني الذي يؤثر بدوره علي معدلات التضخم ويؤدي إلي إزاحة القطاع الخاص والحكومة الشئ الذي يجعل الحكومة توجه الموارد لتمويل عمليات الحرب وتحقيق السلام لذلك نعتقد ان السلام يعتبر الركيزة الأولي والمهمة خاصة بالنسبة للنهوض بالاقتصاد.. وهكذا بقية المحاور حتى موضوع العمل السياسي وتوحيد الجبهة الداخلية أيضا أمر مهم جدا بالنسبة للاقتصاد ولأن أي برنامج للإصلاح الاقتصادي إن لم يكن له سند جماهيري ودعم جماهيري كامل يصعب تنفيذه ولذلك أن خطاب الرئيس للوضع الاقتصادي مهم جدا.
س: اشار الرئيس في خطابه لبعض المؤشرات التي يمكن أن تساهم في النهوض بالاقتصاد كتأسيس وكالة للتخطيط الاقتصادي ألي أي مدي يمكن أن تساهم؟
ج : حديث السيد رئيس الجمهورية عن وكالة تخطيط وتقوية مؤسسات الدولة مهم جدا لان تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي يحتاج لمؤسسات قوية واعية مدركة لبرنامج ومتطلبات البرنامج وتعرف العلاقات بين المكونات المختلفة للبرنامج سواء إن كانت هذه المؤسسات في مجال المالية العامة كوزارة المالية ليس فقط في الجزء المتعلق بالخزانة إنما كذلك الجزء المتعلق بالسياسات والتخطيط والموارد والموازنة وكل ذلك يحتاج لتهيئة ولبناء قدرات ومهمتها لا تقتصر فقط علي المالية العامة إنما في مجال القطاع النقدي الذي أشار اليه السيد الرئيس فهو يحتاج لتقوية و دور فعال من البنك المركزي لكى يقوم بمهمته ومسئوليته تجاه الاستقرار الاقتصادي وهذا يعني تقوية استقلالية البنك المركزي وبناء قدرات الإدارة السياسية النقدية وتوحيد سعر الصرف لان دور البنك المركزي في المقدمة خاصة في مجال إصلاح القطاع النقدي وإصلاح سياسات الصرف والاستقرار الاقتصادي .
كما ان جزءً كبيرا من سياسات البنك المركزي يتم تنفيذها عن طريق المصارف لذلك لا بد من إعادة هيكلة المصارف وتحسين مراكزها المالية ورفع كفاءتها وقدرتها علي الوساطة المالية ودورها في التمويل سواء كان تمويل النشاط الاقتصادي الجاري أو تمويل التنمية بصفة خاصة للقطاع الخاص وهذا جانب مهم من جوانب برامج الإصلاح لذلك السيد الرئيس أشار إلي أن اقتصادنا يمر بمرحلة حرجة ويجب في هذه المرحلة أن ينظر المسئولون عن الجوانب المالية لطبيعة الاختلالات والبرنامج الإصلاحي يجب أن يكون شاملا ويستهدف الاستقرار الاقتصادي ويستهدف أيضا تحقيق نمو مستدام وإعادة توزيع للدخل بما يحسن وضع الطبقات الفقيرة وأيضا بما يحسن الفوارق بين الأقاليم وبين المناطق المختلفة وهذا يتطلب جهدا داخليا مدعوما بجهد خارجي مماثل للإصلاح الاقتصادي وذلك عن طريق إعادة بناء جسور العلاقات مع الدول الأخرى والمؤسسات المالية الدولية حتى نتمكن من الاستفادة من ما هو متاح و حتى نستطيع أن ننمي قدرتنا وتحسين المقدرة التنافسية لسلعنا ونستفيد من موارد التنمية الموجودة في الأسواق المالية العالمية، من هذا المنطلق ان دعوة الرئيس للحوار حول هذه القضايا الاقتصادية دعوة هامة جدا لان المحور الاقتصادي يشكل عصب الحياة كما يقولون وبدون اقتصاد قوي لا يكون هناك جيش قوي ولا دولة قوية ولا يكون هناك استقرار.
س: ذكرعدد من المراقبين الاقتصاديين أن عدم مشاركة الاقتصاديين في صناعة القرار الاقتصادي كان له اثرا سالبا علي القطاع الاقتصادي ؟
ج: اعتقد ان كثير من الأحوال في الظروف الحالية التي نعيشها الأوضاع السياسية تفرض نفسها علي الأوضاع الاقتصادية وتحدث تطورات تجعل الأوضاع أشبه ما تكون بأوضاع استثنائية وفي الأوضاع الاستثنائية دائما القرارات تؤخذ لمعالجة استثنائية للقضايا التي يواجهها الوضع لذلك نحن في الظروف الماضية نتيجة لاستمرار الحروب والنزاعات والحظر الاقتصادي المفروض علينا وعدم توحد الجبهة الداخلية كل هذه الأشياء جعلت من الأوضاع أوضاع غير طبيعية ولذلك كان القرار السياسي هو الصوت الاعلى لأنه عندما تكون هناك نزاعات وحرب كما قال الرئيس عبد الناصر لا صوت يعلو علي صوت المعركة ولذلك يبدو كأن القرار السياسي هو الذي يسير الاقتصاد في المراحل الماضية ونتمنى بهذه الدعوة للحوار التي أطلقها الرئيس ان تختفي هذه العوامل التي أدت إلي أن السياسة تأخذ المقدمة وأن يتقدم الاقتصاد ليأخذ وضعه الطبيعي ليس في إطار الحوار فقط وإنما في إطار القرارات التفسيرية لما هو حاصل.
س: تعيين وزير المالية الجديد من القطاع النقدي استبشر به المراقبون علي انه سوف يزيل عدم المواءمة بين السياسات النقدية والمالية التي كانت سائدة سابقا ؟
ج: الشئ المعروف دائما عندما يكون الوضع يمر بظروف استثنائية يكون هناك عدم توافق بين ما هو مطلوب في السياسة المالية وما هو مطلوب في السياسة النقدية واقتصادنا جراء تعرضه لعدد من الصدمات الخارجية خاصة انفصال الجنوب وخروج موارد البترول كانت صدمة قوية جدا بحجم كبير أفقدت الاقتصاد 70% من النقد الأجنبي و50% من الموازنة العامة هذه الصدمة كفيلة بان تخلق اختلالات كثيرة في مفاصل الاقتصاد مما جعل الوضع الاقتصادي غير طبيعي. ففي مثل هذه الأوضاع وزارة المالية دائما تكون مواجهة بشح الموارد ويكون هناك عجز في المالية العامة وتكون المالية العامة هدفها أن تغطي العجز وتمول الإنفاق الضروري للحكومة في الوقت ذاته هذه الاختلالات تؤدي لعدم استقرار في سعر الصرف وتؤدي لارتفاع في الأسعار والطرف الثاني وهو البنك المركزي يكون حريصا جدا ويسعي لمعالجة التضخم واستقرار سعر الصرف وهنا تكون السياستين غير متوافقتين لأن المالية تكون في حاجة لموارد للتمويل والبنك المركزي يريد ان يسيطر علي النشاط ويحقق الاستقرار الاقتصادي في سعر الصرف لذلك كان يظهر علي السطح بان السياستين غير متوافقتين وأنا في تقديري الخاص إن اختيار واحد من القطاع النقدي لوزارة المالية يعكس اهتمام الدولة بموضوع الاستقرار الاقتصادي لأن المسئولين في القطاع النقدي هم المسئولون عن الاستقرار الاقتصادي فان اختيار وزير المالية من البنك المركزي معناه أن الدولة اعتبرت ان عدم الاستقرار الاقتصادي والتضخم وموضوع استقرار سعر الصرف هي من أولويات القضايا ولذلك أتوقع ان السيد وزير المالية الجديد يمكن أن يقوم بهذه المهمة وبالطبع المالية لوحدها أو البنك المركزي لوحده لا يستطيع فلا بد من وجود تنسيق وتوافق بين السياستين لإحداث الاستقرار الاقتصادي.
س: من أهم المؤشرات التي ذكرها الرئيس كذلك إقامة جهاز قومي للإيرادات؟
ج: الحقيقة هذه الفكرة قديمة ومتكررة لكنها لم تجد طريقها للتنفيذ… الإشكال ان الإيرادات العامة الآن موزعة علي رؤوس القبائل هنالك عشرات الجهات التي تقوم بتحصيل الإيرادات العامة وهذا يؤدي إلي إرهاق الناس ويؤدي لتزمر ولا يوجد تنسيق واضح بين هذه الجهات التي تقوم بالتحصيل كالضرائب والجمارك والمحليات والمؤسسات والوزارات والولايات لذلك لا يوجد توحيد ولا تنسيق ولا إشراف أو جهة واحدة مشرفة علي جهات التحصيل وبالتالي قيام جهاز قومي للإيرادات فكرة جيدة وممتازة وتساعد في تنظيم الإيرادات وتمنع الضرائب العشوائية لأكثر من جهة ولقد كانت هناك توصية سابقة بان يكون في وزارة المالية وزير دولة للإيرادات يشرف علي هذا الجهاز القومي الذي يتولي الإشراف علي أجهزة الإيرادات والعمل علي توحيدها وهذا في الحقيقة يأتي في إطار ما يسمي بوحدة الموازنة ووحدة المالية العامة ويمنع التجنيب فهي فكرة جيدة تؤدي لتكامل الجهود لتحقيق الإيرادات و نحن نري في هذا الوقت هناك احتجاجات من فرض هذه الضرائب العالية بالرغم من انخفاض الجهد الضريبي في السودان وذلك بسبب تضارب التشريعات بين المركز والولايات.
س:هل يحتاج موضوع تضارب التشريعات بين المركز والولايات لمراجعة وفقا لدستور 2005؟.
ج: حقيقة إن كثير من المراقبين والممارسين بعد دستور 2005 – خاصة فيما تضمنه الدستور من أشياء اقتصادية واتفاقية السلام – يعتقدون أن الدستور بعد الانفصال يحتاج لمراجعة في كثير من مواده بالذات موضوع قسمة الموارد والسلطات لمنع التضارب وضمان العدالة و الكفاءة الاقتصادية في الإنفاق وجميع الإيرادات ولذلك اعتقد أهمية مراجعة الدستور بوضعه الحالي حتى يساعد في تحسين الوضع الاقتصادي وتحقيق التنمية والاستقرار الاقتصادي واستقرار سعر الصرف الذي يساهم بدوره في تحقيق إنتاجية عالية ورفع المستوي الإنتاجي في الدولة باعتباره الطريقة الوحيدة لتحقيق الرفاهية لأي شعب، صحيح أن إنتاجنا المحلي مكبل لا يستطيع المنافسة والسبب الرئيسي هو جملة من المشاكل والتحديات أولها الاختناقات الهيكلية التي تمنع نمو قطاعنا الرئيسي الزراعة وهو أكبر قطاع ولكن نجده متدني ومتدهور وذلك لأسباب كثيرة أسباب قانونية تشريعية تتمثل في علاقات الإنتاج، أسباب إدارية تتعلق بالإدارة و إدارة الإنتاج نفسه و أشياء فنية تتعلق بالخدمة التقنية المتعلقة بالبذور ونوع التقنية وسبل الري والتمويل، ووفرته،وشروطه وتوقيته، والتسويق، والضرائب ، كل هذه الأشياء يجب معالجتها حتي نستطيع إن نحقق إنتاجية عالية.
س: أشار الرئيس في خطابه لأهمية مشاركة القطاع الخاص في السودان وتقويته؟
ج. الحقيقة بصورة عامة القطاع الخاص في أي دولة هو أساس النمو الاقتصادي، الحكومة ليس لها دور كبير في الاقتصاد غير أنها تخلق المناخ المناسب وتضع قوانين اللعبة وتهيئ المعلب الاقتصادي للاعبين لكن الحكومة نفسها يجب ألا تكون من ضمن اللاعبين، تخرج من الميدان وتبقى حكم ومراقب كضبط القوانين وتراقب الناس وتدخل لفض النزاعات، لكن اللعب الحقيقي المفروض يترك للقطاع الخاص وهو الشيء المهم الذي ننادي به يومياً لكن إلى الآن لم نستطع تحقيقه وأنا اعتقد ان القطاع الخاص في السودان يحتاج إلى دعم الحكومة ليقوم بهذا الدور، دعم بمعنى تهيئة المناخ وتوفير التمويل وإصلاح التشريعات والقوانين وإصلاح البنيات الأساسية والتحتية وتوفير المناخ العام للعلاقات الخارجية والداخلية كل ذلك يجعل القطاع الخاص ينطلق بروح، كثير من الناس يعتقد أن 70% من النشاط الاقتصادي مسئولية القطاع الخاص. الحكومة تري أن هنالك أشياء مسئولية الدولة وتحتاج لتدخل كبير مثل البترول أو الاشياء ذات الطبيعة الاحتكارية فهذه يمكن للدولة ان يكون عندها دور لكن بقية النشاط الاقتصادي مسئولية القطاع الخاص، الحكومة محتاجة تعمل لدعم القطاع الخاص والقطاع الخاص نفسه محتاج للقيام بأشياء كثيرة لتحسين أوضاعه ومعظم القطاع الخاص في السودان بصفة خاصة في هذا الوقت لم يأخذ الشكل المؤسس دائماً يأخذ طبيعة النشاط الأسرى لأن الطبيعة المؤسسية تقتضي الملكية تنفصل عن الإدارة والإدارة يكون فيها إداريين ذوي كفاءة عالية مؤهلة كنوع من طبيعة الحوكمة بين المالكين والعاملين ولكن السودان معظم النشاط نشاط أسرى لايوجد فصل بين الملكية والإدارة ولذلك قطاعنا الخاص غير قادر ان ينطلق انطلاقة طبيعية.
س: ماهي المعالجات الاقتصادية التي يمكن أن تحد من ارتفاع التضخم؟
ج:التضخم أخطر مرض اقتصادي يمكن أن يصيب الاقتصاد وناتج عن الاختلالات التي ذكرتها في تدهور الاقتصاد وجاءت بسبب مؤثرات خارجية والتضخم لايمكن معالجته بطريقة منعزلة عن معالجة بقية القضايا. ولذلك معالجته تقتضي معالجة الاختلالات وإزالة أسبابها وأنا أرى أن التضخم يحتاج لبرنامج إصلاح شامل في المدى القصير يركز على الإصلاحات المالية والنقدية وفي المدى المتوسط يركز على قضايا الإنتاج والإنتاجية والعدالة الاجتماعية والمديين غير مفصولين بالتزامن ولكنها بالتتابع تسير مع بعض واحدة نتائجها في المدى القريب والثانية نواصل فيها العمل حتى تظهر نتائجها.
ثانيا سعر الصرف وهو الوجه الثاني للتضخم وهو أيضا ناتج من اختلالات وتوحيد سعر الصرف واستقراره يأتي بمعالجة المسببات على مستوى سعر الصرف وهي نفس مسببات التضخم كل واحد يؤثر في الآخر ولذلك الاصلاح المالي والنقدي وإصلاح المالية العامة من ناحية الإنفاق وناحية الإيرادات وإدارة سياسات سعر الصرف بطريقة مرنة هي الإجراءات الآنية المفروض نتخذها لخلق نوع من المناخ الذي يساعد في الاستقرار الاقتصادي مع الاستمرار ومواصلة الإصلاحات الهيكلية لأن أسباب التضخم منها نقدية ومنها هيكلية وأخرى نفسيه، كل هذه الأشياء تتم معالجتها في شكل حزمة ولا تتم معالجتها منفردة ونحن نأمل أن سياسات البنك المركزي في المرحلة القادمة إن شاء الله تساعد، مع دعم وزارة المالية، في معالجة هذه المشاكل.
س: لجأت وزارة المالية في الفترة الماضية للاستدانة من الدين الداخلي الي أي مدي يمكن أن يساهم في حل الضايقة المالية؟
ج: لجوء الدولة أو الحكومة للاستدانة والاقتراض داخلياً من الجمهور شيء طبيعي معروف في كل دول العالم تلجا الدولة للاستدانة محليا من الجمهور وهذا بديل أفضل من الاستدانة من النظام المصرفي أو التمويل بالعجز لكن من المهم جداً أن نراعي أشياء محددة في موضوع الدين الداخلي يجب ألا يكون هو وسيلة لتمويل الإنفاق الجاري يجب أن يوجه الدين الداخلي لمجالات غير الإنفاق الجاري.
وإذا كان سيوجه للإنفاق الجاري لأي سبب من الأسباب لا بد ان تكون الحكومة حريصة جداً على أن تؤمن المصادر التي تساعدها في السداد لأن الدين الداخلي بقدر ماهو مساعد للحكومة في تمويل الإنفاق إذا لم تستطع تسديده يمكن أن يصبح مهددا أمنيا كما هو حاصل في شهادات شهامة، فالحكومة إذا لم تحرص على السداد في مواعيده وتصفية حقوق الناس في مواعيدها يمكن أن تصبح مشكلة، كذلك موضوع الدين الداخلي وتمويل موازنة الدولة من الاقتراض الداخلي أمر يحتاج إلى إعادة نظر وإصلاح حتى نستطيع أن نستفيد فعلاً من الدين الداخلي كمصدر هام من مصادر التمويل.
س: موجهات الرئيس لجذب الاستثمار الأجنبي؟
ج: صحيح أن وضع الاستثمار الداخلي في ركود عما كان عليه قبل 4-5 سنوات كنا نصنف الدولة الثانية والثالثة لعدد من السنوات في الدول العربية والأفريقية لجذب الاستثمار الخارجي وكنا في مقدمة الدول التي تجذب الاستثمار، الحقيقة ان الاستثمار الخارجي لا يحدث بالإعفاءات… الاستثمار الخارجي في تقديري يجئ بعاملين: الأول مناخ الاستثمار الجاذب والثاني فرص تحقيق الأرباح وهما عنصران هامان لجذب الاستثمار وعنصر المناخ الجاذب تنضوي تحته عناصر كثيرة البنك الدولي يسميها سهولة أداء الأعمال أي اقل زمن يمكن المستثمر الخارجي أن يؤدي عمله في البلد المعني، ويتعلق بسهولة إجراءات تسجيل الشركة والحصول على التمويل وسهولة تحويلاته والأسعار والتكلفة وقوانين العمل وكل هذه الأشياء لابد من توفرها لجذب المستثمر الخارجي، والعنصر الثاني فرص تحقيق الأرباح وهذا العنصر بلدنا موفقة فيه فهناك فرص كبيرة لتحقيق الأرباح العالية فبلادنا مازالت دولة بكر فيما يختص بتوظيف الموارد ولذلك المستثمر في السودان يحقق أرباح عالية جداً لذلك إذا نجحنا في معالجة العنصر الأول وهوة المناخ الاستثماري اعتقد يمكن أن نعود مرة أخرى للصدارة في جذب الاستثمار الخارجي والاستثمار الخارجي هو العنصر والبديل الأفضل المتاح لدينا في ظل عدم توفر تمويل خارجي.
س: ما هي أهم التحديات التي تواجه الدولة في إعفاء الدين الخارجي؟
ج: الدين الخارجي للسودان مشكلة كبيرة السودان ليس استثناء من الدول النامية فمعظم الدول النامية كانت عندها مشاكل الدين الخارجي لكن الاستثناء الوحيد بالنسبة للسودان هو أن هذه الدول استطاعت أن تستفيد من المبادرات الدولية كاتفاقية نادي باريس وتخفض جزء كبيرا من ديونها وتتحصل على إعفاءات نحن للأسف الشديد حتى الآن لم نستفد وتراكم معظم الدين هو عبارة عن متأخرات لأنها ديون قديمة ترتفع سنوياً حتى إذا لم نقترض ترتفع بارتفاع أسعار الفائدة والجزاءات نحن لم تستفيد من المبادرات الدولية مثل الدول الأخرى لأسباب سياسية من ضمنها موضوع الحظر الأمريكي وعدم توفر الدعم الكبير من الدائنين الرئيسيين بالذات الدائنين في دول نادي باريس بالرغم من ان السودان استوفى كل هذه الشروط المطلوبة للاستفادة من مبادرات إلغاء الديون لكن الأسباب السياسية جعلتنا لم نتحصل عليها.. اتفاقية الجنوب كنا دولة واحدة وبعد ذلك انفصلنا شيء طبيعي في كل الدول التي حصل فيها انفصال أن الطرفين كل طرف يتحمل جزء من الدين ولذلك في المفاوضات الدين كان أحد القضايا وحدث فيه اتفاق بما يعرف بالخيار الصفري والخيار الصفري هو أن الدولتين تسعى للحصول على إعفاء من المجتمع الدولي في خلال سنتين وإذا ما تم ذلك يعود للخيار الثاني وهو تقسيم الديون بين الدولتين، الدولتين اتفقا على ماعرف بالتحرك المشترك تحرك تشترك فيه الدولتان بمعاونة الاتحاد الأفريقي للتحرك الخارجي والاتصال مع المجتمع الدولي والاتصال مع الدائنين في تحقيق إعفاء الديون ورفع الحظر عن السودان والحصول على موارد للدولتين للجنوب والشمال وحاليا الموضوع يتقدم ولكن ببطء كما حدث تأخير أيضا بعد الأحداث الأخيرة في الجنوب ونحن نأمل أن التحرك المشترك يسهم في معالجة الديون إن شاء الله.
حوار: علوية الخليفة
الخرطوم-11-3-2014( سونا)