الطيب مصطفى : لماذا أحيينا عرمان من جديد

[JUSTIFY]قلنا بالأمس إن عرمان قد عاد جراء غفلتنا إلى مسرح الأحداث ليملا الدنيا ضجيجاً وزعيقاً كعادته، وتمكن من نقل الصراع مع قطاع الشمال إلى مجلس السلم والأمن الإفريقي عبر أمبيكي ذلك العدو الذي ما يزال بعض الغافلين من ساستنا يحسنون به الظن، رغم كل ما فعله وما يزال بنا ورغم نقله الصراع من قبل إلى ذلك المجلس الإفريقي، ومن ثم إلى مجلس الأمن الذي لم يدن بلداً في تاريخه الطويل كما أدان السودان، وهل القرار 2046 الصادر في 2/5/2012م إلا دليل دامغ على تواطؤ الرجل الذي ظل يحشر أنفه في شؤوننا منذ أن غادر منصب رئاسة جنوب إفريقيا ليجد مرتعاً ومنصباً رفيعاً في بلادنا دون غيرها من بلدان العالم، وهل (خازوق) اتفاق نافع عقار المؤرخ في (28/6/2011) الذي ضمن في قرار مجلس الأمن رقم 2046 إلا من صنيعه؟!
حسب اطلاعي على الوثائق، فإن رئيس وفد السودان إبراهيم غندور أجاد التفاوض خلال الجولة الأخيرة، وكان قوياً لم يتنازل لـ(الرويبضة) قيد أنملة. لكن الخطأ ليس في مسار التفاوض خلال الجلسة الأخيرة، وإنما في مجرد إحياء قطاع الشمال مرة أخرى، وهو الذي أخذ يعاني من سكرات الموت بعد الحرب التي استعرت في جنوب السودان وأحدثت تغييراً هائلاً في الموقف السياسي والعسكري في تلك الدولة الوليدة، وبالتالي في تحالفاتها خاصة تحالفها مع قطاع الشمال.

لم يكن هناك أي مبرر لإحياء التفاوض مع قطاع الشمال بينما العالم أو قل المجتمع الدولي مشغول بأكبر مأساة إنسانية تذكر بمذابح الهوتو والتوتسي التي مات جراءها الملايين.

لقد انشغلت أمريكا وأوربا بالمذابح الوحشية التي روعت العالم أجمع وامتلأت فضائيات الغرب وصحفه بصور مروعة للحرب الأهلية التي خربت كبرى المدن الجنوبية التي دمر بعضها بالكامل.

وها هو تقرير مجلة (الايكونوميست) البريطانية الذائعة الصيت وذات المصداقية العالية يكشف جانباً من الحقيقة، فقد ذكرت في عدد 22 يناير 2014م أن معارك الجنوب الأخيرة حصدت خلال شهر واحد من 15/12/2013م حتى منتصف يناير 2014 من أرواح الجنوبيين أكثر مما فعلت الحرب بين الشمال والجنوب خلال (264) شهراً أي من عام 1983م حتى 2005م.

لذلك كان مدهشاً، وقد انصرف المجتمع الدولي عن الشأن السوداني إلى مذابح جنوب السودان، أن نهرول نحو أديس أبابا رغم علمنا بما يضمره عرمان الذي كنت أوقن أنه لن يطرح غير (خازوق) اتفاق نافع عقار خاصة أن قرار مجلس الأمن قد ضمنه في منطوقه.

لن استفيض الآن في هذا الأمر لكني أخشي من مجلس السلم والأمن الإفريقي ومن يقفون خلفه سيما وأن معظم أعضائه يتعاطفون مع قطاع الشمال كما كانوا يفعلون حينما ورطونا في نيفاشا التي دعموا فيها قرنق بغير حدود.

بل إننا سنكون غائبين بينما ستحضر راعية وزعيمة الأفارقة (أمريكا) المبغضة والمقاطعة والمجرمة لنا على الدوام والمتآمرة علينا أناء الليل وأطراف النهار، فمن المسؤول عن توريطنا في هذا الملف من جديد وهل سيخضع الأمر للمساءلة عن حدثت الإدانة أو انتقل الملف إلى مجلس الأمن ليزيد من أوجاعنا أم أن الأمر سيمر بدون محابة على غرار الملفات السابقة التي دفع الوطن والشعب ثمناً باهظاً جراء كوارث ارتكبت في حقهما بينما ظل مقترفوها ينعمون بالتقدير والتعظيم والاحترام؟

أرجع لأقول إن عرمان ما كان جديراً بأن نمد له أنبوب الأوكسجين بينما قطاعه العميل يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة جراء التغيير الذي أحدثته حرب الجنوب سيما ونحن نعلم علم اليقين بما ينكوى عليه الرجل من نوايا ليس من بينها قضايا منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، ذلك أن الرجل ورفاقه من أولاد قرنق لم يفكروا في يوم من الأيام إلا في حلم حياتهم الإستراتيجي المتمثل في مشروع السودان الجديد.

دعونا بربكم نسأل ونحن نطلع على وثائق التفاوض بين وفد حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان شمال ما الذي تعنيه عبارة (شمال)؟!

إنها تعني أن مفاوضي قطاع الشمال جزء وفصيل من أصل هو الحركة الشعبية التي ظلت تحكم دولة الجنوب منذ أن انفصلت تلك الدولة!!

بالله عليكم هل من مضحكة مبكية أكثر من هذه العجيبة من عجائب الزمان؟!
نحن يا أهلي الكرام نفاوض فصيلاً من حزب يحكم دولة أجنبية أي أننا نتفاوض مع فصيل يقر ويعترف بأنه جزء من الحزب الحاكم في تلك الدولة أي أنه عميل (عديل) لذلك الحزب الأجنبي!!

وما ذنب د. نافع؟
انهالت علي الاتصالات مستغربة ومنتقدة الربط بين د. نافع وشقيقه المتهم في قضية جنائية، فقلت لهم إن موقفي الشخصي لا يختلف عنهم البتة فقد سبق أن أعتذرت في (الانتباهة) للدكتور عبد الحليم المتعافي في شان مماثل ذلك بأنه لا تزر وازرة وزر أخرى فهل حوسب نبي الله نوح عليه السلام بذنب أبنه المشرك كنعان أم أن الله تعالي حكم بأنه ليس من أهله بل إنه

عمل غير صالح؟
لا أملك غير أن أعتذر للدكتور نافع مبرئاً إياه من جريرة لم يقترفها، فالرجل نفي السريرة ولا علاقة له من قريب أو بعيد بما حدث.

صحيفة الصيحة
الطيب مصطفي

[/JUSTIFY]
Exit mobile version