حركة مناوي ودرس بليغ في جنوب دارفور !

[JUSTIFY]فى السابق كانت الحركات الدارفورية المسلحة تخطط بعناية لمهاجمة أي منطقة من مناطق إقليم دارفور للحصول على تشوين ودعم لوجستي من ممتلكات المواطنين والخاصة؛ وفى الغالب كانت خططها فى هذا الصدد تقتضي ضمان المداخل والمخارج، وسرعة الحركة لتفادي أي اصطدام غير مطلوب بالقوات الحكومية، وفى العادة كانت تنجح لأنها تنتهج نهجاً لصوصياً فى التخفي، وسرعة الهجوم، وخفة اليد والمسارعة بالهروب.

الأمر هذه المرة لم يكن كما تعودت، فقد هاجمت حركة “مناوي” و”على كاربينو” مناطقاً بجنوب دارفور مؤخراً هي مناطق (السيل قسا) و (حجيرات) و (دونكي دريسة) و (أم قلجا) ومن سوء حظ هذه الحركات أنها لم تستوثق جيداً من مخارج الهروب فاصطدمت بقوات التدخل السريع فى مواجهة كانت كفتها الراجحة محسومة تماماً.

ليس ذلك فحسب ولكن كانت النتيجة الصاعقة التى ظلت هذه الحركات تتحاشاها منذ سنوات طويلة أنها اضطرت لخوض معركة هي أصلاً غير معدة لها ولا مستعدة لها، وليست من بين تكتيكات خوض المعارك فى مواجهة القوات الحكومية، ولهذا كانت الصدمة كبيرة للغاية فقد اضطرت للتخلي عن المسروقات والأموال التى نهبتها من هذه المناطق لأن الخيار أمامها انحصر ما بين الفناء الكامل وعن بكرة أبي القوات، وما بين التخلي عن الحمولة الثقيلة التى جلبت لها كل تلك اللعنة وذلك الامتحان الرهيب.

الأمر الثاني أن الحركات -لسوء الحظ- أدركت أن من الآن فصاعداً إن تجربة الضرب والنهب والهرب لم تعد مأمونة العواقب مهما خططت لها بعناية ومن ثم بدأت خياراتها فى هذا الصدد تضيق وبدأ السؤال يلح عليها حول الطريقة المثلى لحصولها على العتاد والإمداد فى ظل هذه الصعوبات المتزايدة.

وقد سبق فى تحليلات سابقة أن اشرنا الى أن واحدة من أهم عناصر إفناء الحركات الدارفورية المسلحة إفناءاً كاملاً فى المستقبل القريب فقدانها للدعم اللوجستي بعد أن نجحت الحكومة السودانية بدأب ومثابرة فى تجفيف منابع دعمها سواء من جيران السودان أو عبر المنظمات الأجنبية التى عاثت فساداً لسنوات ماضية فى دارفور وتكفلت خلالها بإنشاء خطوط إمداد وجسور تموين قوية أعطت تلك الحركات عمراً إضافياً فى ذلك الحين.

الأمر الثالث أن هذه الحركات المسلحة بطبيعة تكوينها لا تشبع ولا يكفيها القليل ولا وقت لديها بحكم مخاوفها من مباغتات القوات الحكومية لها لكي تدير شئونها التموينية انطلاقاً من معسكرات ثابتة، فهي تعتمد على الطعام الجاهز وشبه الجاهز مثل الدقيق واللحوم المتمثلة فى الماشية بأنواعها المختلفة وهذه بدون شك نقطة ضعف كبيرة؛ يبدو أن الحكومة السودانية تستغلها فى الوقت الراهن بذكاء ومهارة بحيث لن يعود بإمكان هذه الحركات أن تؤِّمن لنفسها تمويناً غذائياً فى المستقبل القريب وحينها فإن الخيار صفر سيصبح هو الخيار الوحيد المتاح أمامها.

وعلى كل فإن تجربة ولاية جنوب دارفور الأخيرة هذه يمكن اعتبارها بمثابة مسمار حاد يتم دقه فى نعش مستقبل هذه الحركات المسلحة إذ أنها فقدت آخر وسائلها لتمول نفسها بعدما لعقت جراحها ودمها ينزف وتخلت عن حمولتها من المنهوبات وفرّت بجلدها وهي راضية من الغنيمة بالإياب ويا له من إياب مهين ومذل غاية الإذلال.

سودان سفاري
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version