المسيرية والجيش الشعبي .. مرحلة ما قبل الانفجار

[JUSTIFY]تظل قضية ابيى بمثابة العقدة التى صعب على البلدين حلها منذ انفصال دولة الجنوب، على الرغم من الاحداث التى ظلت تشهدها ادارية ابيى من ممارسات من قبل الجيش الشعبى وأدت الى مقتل اكثر من «13» من ابناء المسيرية جراء الهجوم على مراعى المسيرية مما اثار استهجان قيادات وابناء المسيرية خاصة موقف الحكومة والصمت الواضح وعدم التعليق على هذه الاحداث، مما جعل ردة فعل ابناء المسيرية ان تخرج كالعادة بتهديدات وتحذيرات كان آخرها ان المسيرية سيخرجون الجيش الشعبى بالقوة، على الرغم من تحفظ بعض قياداتها، وما يخرج من تصريحات من قيادات ابناء المسيرية ربما لا يجد قبولاً من بعض ابناء المسيرية انفسهم ويختلفون مع بعض فى عدد من المواقف والتصريحات. فآخر تصريح ادلى به محمد عمر الانصارى لـ «إس. ام. سي» حول تهديدهم باخراج الجيش الشعبى بالقوة واتهام قوات حفظ السلام بالتقاعس عن حماية المواطنين من هجمات الجيش الشعبى، فالقيادى البارز عبد الرسول النور انتقد مثل هذه التصريحات التى تخرج من اشخاص لا يعرفهم بحسب تعبيره خلال افادته للصحيفة، مؤكداً ان ما يحدث بابيى نتيجة للأحداث بدولة الجنوب التى ليست لديها السيطرة التامة على قواتها، فالقوات التى دخلت ابيى هى قوات متفلتة والحديث لعبد الرسول الذى يضيف انها تريد ان تنتهز فرصة الأحداث بدولة الجنوب بالسيطرة وحسم قضية ابيى عسكرياً، مستغلة ظروف التراخى، وهى بذلك تخرق الاتفاق، لذلك اصبحت قوات حفظ السلام بحكم عملها وتفويضها غير قادرة على ادارة المنطقة فى ظل هذه الظروف الملتهبة، خاصة ان جوبا تعنتت وعرقلت تكوين المؤسسات الادارية «ادراية ابيى، الشرطة، الامن، الخدمة المدنية وغيرها».
بسط سيطرة الجيش ويضيف عبد الرسول قائلاً: لا توجد فى المنطقة قوات امن او شرطة، لذلك هناك فراغ كامل، ولا تستطيع قوات اليونسفا أن تملأ هذا الفراغ الادارى والامنى خاصة ان المنطقة تقع شمال خط 1/1/56م. لذلك على الجيش السودانى ان يبسط سيطرته الكاملة على جميع الاراضى الواقعة شمال هذا الخط، وان يكون معلوماً للاتحاد الافريقى وللمجتمع الدولى، وهذا الاجراء الذي يبسط هيبة ووجود الدولة السودانية املته ضرورة غياب دولة الجنوب وانشغالها بحروب داخلية». ولكن الناظر الى جل التصريحات التى تخرج من قيادات المسيرية تتفق على عدم حيادية قوات اليونسفا منحازة الى الجيش الشعبى، وبحسب القيادى بالمسيرية مهدى بابو نمرخلال تصريحات لشبكة الشروق الاخبارية انه لا يحق لدينكا نقوك الدخول الى شمال ابيى، وقال: «مثلما نحن ممنوعون منطقتهم» واوضح ان القوات الاثيوبية سمحت لدينكا نقوك بالدخول الى شمال ابيى، مشيراً الى ان المسيرية كانوا فى طريقهم لابلاغ اليونسفا بما قام به دينكا نقوك، فتم الاعتداء عليهم في منتصف الطريق. ويضيف نمر ان ما حدث يؤكد ان اليونسفا كانت على علم بتحركات دينكا نقوك وتعاطفت مع الجيش الشعبى.
ترحيل الجيش الشعبى امين عام اتحاد المسيرية محمد خاطر جمعة اكد فى حديثه لـ «الإنتباهة» ان الجيش الشعبى دخل أبيى بكميات كبيرة جداً ولا يتم منعهم من قبل قوات حفظ السلام بابيى بعكس ما يحدث لابناء المسيرية الذين يتم منعهم من التحرك فى شتى الاماكن. ويضيف جمعة قائلاً: «نحن بوصفنا اتحاد عام المسيرية نؤيد اخراج الجيش الشعبى بالقوة اذا لم تسحب الحركة الشعبية جيشها، فاستمرار وجودهم يشكل خطراً كبيراً على عرب المسيرية وعلى ابقارهم التى تم الاعتداء عليها الاسبوع المنصرم، وقتل «13» من ابناء المسيرية بعد مهاجمة الجيش الشعبى لأبقار المسيرية، فالجنوبيون الآن شمال ابيى ويشكل وجودهم خطراً على ابقار المسيرية الذين لا يملكون اسلحة كالتى بحوزة الجيش الشعبى، فهم عرب رحل لا يملكون سوى اسلحة بيضاء عادية. وطالب جمعة الحكومة واجهزة الدولة بترحيل جيش الحركة الشعبية من ابيى ووضع جيش شمال وجنوب بحر العرب ليكون فاصلاً بين العرب ودينكا نقوك لمنع الاعتداء على عرب المسيرية». لكن القيادي بالمسيرية يختلف مع جمعة فهو يرى ان المسيرية مواطنون يعيشون فى ارض سودانية تقع حمايتها على الدولة السودانية، فالمسيرية لا جيش لهم ولديهم اسلحة خفيفة لحماية مواشيهم، وبالتالى ليسوا هم الجهة المسؤولة عن حماية الاراضى السودانية، فقط عليهم حماية انفسهم واموالهم من اى هجوم عليهم، لذلك فحمايتها واجب على القوات المسلحة وادراتها واجب على الحكومة.
تدويل القضية ويرى مراقبون أن قضية ابيى اذا لم تحسمها الحكومتان فإن الاوضاع ستأخذ منحى آخر، وربما سيكون تدخل المجتمع الدولى هو الخيار المفروض، الا ان البعد الدولى من شأنه تعقيد الموقف وزيادة حجم الهوة بين الشمال والجنوب. خاصة ان المجتمع الدولى تدخل فى قضايا سابقة ولم تكن التدخلات الخارجية ايجابية، لأن النظرة العامة للمجتمع الدولى بعدم وجود ثقة، فهناك افتراض دائم بان المجتمع الدولي غالباً ما يناصر طرفاً على حساب آخر، ومن شأن ذلك تأجيج الصراع. وترى قيادات بالقبيلة ان اكثر النقاط المعقدة في تناول قضية ابيي ان عدداً من أبناء المنطقة من دينكا نقوك هم قيادات في الحركة الشعبية ويتفاوضون باسمها، وان هناك تياراً داخل الحركة يرفض حتى التفاوض على المنطقة، وان الحل العسكرى هو الامثل، فى حين ان ابناء المسيرية معظمهم يؤديون الحل العسكرى بعد ان يئسوا من الحكومة، وانها لم تتخذ قرارت حاسمة بشأن القضية، خاصة ان الجيش الشعبى انتشر بكميات كبيرة على الحدود الشمالية لادراية ابيى بحسب قيادات بالمنطقة.

اذن تبقى قضية ابيى كما يرى عدد من ابنائها مسألة تستحق الحسم من قبل الحكومة، خاصة فى ظل الظروف التى تعيشها دولة الجنوب، وحديث عبد الرسول عما تقوم به قوات متفلتة لحسم قضية ابيى عسكرياً، وان صح حديث عبد الرسول فإن على الحكومة ان تتخذ قرارات وخطوات ربما ستهدئ الاوضاع فى ابيى التى تشير تصريحاتهم الى انفجار بركان غضب فيها من ابناء المسيرية ربما يصعب على الحكومة السيطرة عليه.

صحيفة الإنتباهة
هنادي عبد اللطيف
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version