جوبا ظلّت تتلكأ في الانفتاح نحو العواصم العربية.. مرحباً بـ”المراقب” الجديد

[JUSTIFY]بمشاركة دولة جنوب السودان في اجتماعات وزراء الخارجية العرب بصفة المراقب تنقل جوبا لأول مرة دائرة اهتماماتها إلى ترميم علاقاتها مع العالم العربي وذلك في ظل الصراع السياسي والحرب الدائرة في دولة جنوب السودان، إذ ظلت جوبا تتلكأ في الانفتاح نحو العواصم العربية، واكتفت بدائرة علاقاتها مع الدول الغربية التي قدمت لها المساندة والدعم السياسي خلال الفترة الانتقالية وأثناء الحرب وبعد قيام دولة الجنوب.

يذكر أن جوبا ظلت تنظر إلى الدول العربية نظرة التشكيك وعدم الحرص على تطوير العلاقات المشتركة معها وتتهمها بأنها كانت تقف إلى جانب السودان خلال فترة الحرب الأهلية، ولكن بعد انفجار الأحداث في الجنوب وتمرد رياك مشار نائب رئيس دولة الجنوب السابق استشعرت جوبا أهمية ترميم علاقتها العربية بعد أن لمست إبطاء من الدول الأفريقية في الاعتراف بالانقلاب وتقديم المساعدة الإنسانية والسياسية لحكومة جنوب السودان، هذا رغم موقف منظمة (الإيقاد) الداعم لسلفاكير، ولكن الاتحاد الأفريقي امتنع عن الاعتراف بالانقلاب في جنوب السودان.

وفي أول خطوة لتعميق وتوسيع قاعدة المصالحة المشتركة بين جنوب السودان والدول العربية التقى برنابا بنجامين وزير الخارجية الجنوبي نظيره نبيل فهمي وزير الخارجية المصري وتباحث الجانبان حول قضايا تطوير العلاقات الاقتصادية وزيادة الاستثمارات المصرية في الجنوب، بجانب الأمن الغذائي لمصر، وأكد برنابا أن جوبا تدعم مبادرة دول حوض النيل مؤكدا أهمية أن تتمتع الدول المشاركة في حوض النيل بنصيبها من المياه، بجانب تأكيده على حق مصر في نصيبها من المياه ومراعاة الاتفاقيات الدولية والقانون الدولي.

من جانبه اكد نبيل فهمي أهمية تطوير العلاقات المشتركة بين الجانبين، وأشار إلى أن مصر من حقها المحافظة على حقوقها التاريخية المكتسبة وفقا لأحكام القانون الدولي.

الأمين العام للجامعة العربية وصف زيارة وزير خارجية دولة جنوب السودان للأمانة العامة للجامعة بأنها تاريخية، باعتبار أن دولة جنوب السودان كانت عضواً في الجامعة العربية قبل الاستقلال ضمن السودان الموحد، وعبر عن أمله في أن تتوطد العلاقات مستقبلا بين الجانبين، لافتا إلى أن الجامعة العربية لها مكتب دائم في جوبا لتعزيز التشاور المستمر، وأوضح العربي للصحفيين عقب لقائة برنابا أن بنجامين أبدى رغبة بلاده في دعم العلاقات الثنائية مع الدول العربية ثم تبدأ خطوة خطوة في هذا الموضوع، مؤكدًا استعداد الجامعة لمساعدة جنوب السودان في كل ما ترغب فيه في ضوء استضافة جوبا خلال السنوات الماضية للمؤتمر العربي للمستثمرين لدراسة إقامة مشاريع استثمارية عربية في هذه الدولة، وقال: سوف نسعى لاستئناف مشاريع التعاون في الفترة المقبلة، حسبما قال. وأوضح العربي أن اللقاء بحث تطوير علاقات التعاون بين الأمانة العامة ودولة جنوب السودان، وكذلك بين جوبا والدول العربية بشكل ثنائي، خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والاستثماري والتشاور السياسي بين الجانبين.

الجدير بالذكر أن الطرفين تجنبا نقاش موضوع سد النهضة مع العلم أن مواقفهما متباينة جدا اذ تعترف جوبا في ظل علاقتها الاستراتيجية مع أديس أبابا بحق إثيوبيا في استخدام مواردها المائية لتوليد الكهرباء، وفي ذات الوقت لا تستطيع أن تعلن حق مصر في الاعتراض على المشروع الاثيوبي، وسبق وأن أعلن فليب أغوير الناطق باسم الجيش الشعبي في حوار مع (البوابة نيوز) استعداد جوبا للتوسط بين مصر وإثيوبيا في قضية سد النهضة، الأمر الذى اعترض عليه مسؤول سوداني في حديثه مع (اليوم التالي)، مؤكدا أن جوبا ليست طرفا في قضية سد النهضة لأنه يهم فقط الدول الثلاث باعتبار جريان النيل الازرق وأن جوبا من خلال مرور النيل الأبيض عبر أراضيها تساهم بنسبة (15%) فقط من جملة مياه نهر النيل، وأكد أن جوبا لن تكون بديلا لدور السودان في الوساطة بين مصر وإثيوبيا.

ووفقاً لمراقبين استنطقتهم (اليوم التالي) فإنّ مصر هدفت من خلال تقوية علاقتها الدبلوماسية مع جوبا إلى تأمين مياه النيل وإحداث التوازن السياسي المطلوب في علاقتها مع السودان نسبة للتوترات التي ظلت تعترض مسيرة البلدين خاصة بعد سقوط الرئيس مرسي، إضافة إلى ذلك تشهد العلاقات العسكرية والثقافية بين مصر وجوبا تطوراً ملحوظاً، إذ تقدم مصر منحا دراسية لطلاب جنوب السودان وتقدم تدريبا متخصصا لضباط الجيش الشعبي في الكليات والمعاهد العسكرية المصرية.

وقال المراقبون إن مصر نشطت في تقديم مساعدات إنسانية لجوبا بجانب خدمات في مجالات الكهرباء والمياه.

وشكك محللون تحدثوا لـ(اليوم التالي) في أن تكون دوافع تطوير علاقات الجنوب مع الدول العربية والتي برزت خلال مشاركة وزير خارجيتها في اجتماعات الجامعة العربية ولقاءاته مع عدد من وزراء الخارجية العرب واهتمامه بتطوير العلاقات مع مصر، هي فقط توجهات تكتيكية لتوسيع قاعدة الدعم السياسي لحكومة الرئيس سلفاكير في ظل التحديات التي تواجهها لقمع التمرد وإحكام سيطرته السياسية في جنوب السودان.

لكن محللا استراتيجيا أشار إلى أن علاقة جوبا بالعالم العربي لابد أن تمر عبر بوابة الخرطوم، وهو الأمر الذي يجب أن ينبه اليه السودان جيدا وأن يكون ذلك جزءا من رأسماله السياسي في علاقته مع الجنوب.

صحيفة اليوم التالي
ت.إ[/JUSTIFY]

Exit mobile version