‫منه العوض وعليه العوض

‫منه العوض وعليه العوض
سبحان الله في النفس البشرية، وكيف تتغير اهتمامات الانسان بتغير مراحل عمره .. في ايام صبانا الاولى كنا نترقب بلوغ شقيقاتنا وبنات حلتنا الاكبر مبلغ الزواج، ونسعد بحساب الايام على اصابعنا انتظارا لموعد زفاف احداهن .. شوقا وخرمة لـ موضوع، يحرك سكون ايامنا وركود لياليها، ويحولها لـ صفقة ورقيص وتعليمة، وقبل ان يحل الموعد المأمول بأسابيع نمارس الانعباطة على اباءنا طمعا في كسوة العرس، بينما كان العرف المتبع في كسوتنا ايام الطفولة أن تكون من العيد للعيد، ولكن كنا نتعلل باننا كبرنا حبة ونحتج على ذلك بـ:
يعني يمة ابوي دا دايرنا نمشي العرس بهدوم العيد الـ ناس الحلة كلهم شافونا بيهم وحفظوهم ؟!!
ثم تليها الانعباطة طلبا للاذن بحضور الحفلة، وعندما نحظى بالامتيازين بفضل المثابرة وهي بالمناسبة اسم الدلع لـ اللياقة، نحرص على الاستمتاع بالمناسبة .. قشرة وعشاء وتطريب !
حينها لم نكن نهتم بشخص الفنان .. حسن شندي كان أم نجم الدين الفاضل أو حتى حنان بلو بلو شخصيا – هؤلاء كانوا نجوم الحفلات في ايام الصبا فكل ما كان يشغل التفكير هو الاستمتاع باللمة الحلوة وضرب صحون الكوكتيل ثم الالتفات لسماع المعازف والنقزي على ايقاعات البنقز .. اكاد اجزم بأنه لم يكن احد الموجودين في الحفل يشعر بالفارق ما اذا كان الفنان هو نور الجيلاني أو زيدان !
ثم كان أن مرت الـ (ايام وراء ايام .. واتكاملت اعوام) على قولة مجذوب اونسة .. كبرنا وتزوجنا فصرنا بعد الزواج نراقب ورود مناسبات الافراح مراقبة المتنبي لملاريته .. مراقبة المشوق المستهام، وما ذاك الا لما تحمله المناسبات من الهموم لحديثات الزواج، وما تمر الواحدة منهن به من كشف الهيئة الصارم، فدائما ما تقع تلك الفئة تحت طائلة النظرات النابشة الكاشفة لاي قصور في التزامهن بعوايد زينة الحريم مشمومة كانت أو مرئية أو ذات كشكشة .. ثم تعاظمت التكاليف والالتزامات وزادت المسئوليات، فبقدوم كل مولود تقل الاهتمامات بالاجتماعيات وتتحول المجاملات وحضور الحفلات الى هم وواجب ثقيل، تسعي الواحدة منا للايفاء بدينه خوفا فقط من أن ينتقل اللوم بالتقصير من القدم لـ الوجه ..
حسنا للحقيقة، لا اذكر آخر مرة جلست فيها (رايقة وفايقة) لحضور مناسبة زواج، او راودتني نفسي بـ كتل حفلتها .. بي وين عاد ؟!! ان نجحت في توفير الزمن والعافية للحضور قضيت وقتي في متابعة حركات العيال .. الناعس والجائع ومن يغير رأيه ويصر على العودة للبيت بمجرد وصولنا، ربما لذلك لم اتمكن من متابعة ما استجد من ابداعات على ساحة المناسبات، إلا من خلال الاخبار الخالعة وهي التي تسبب (الخلعة) والتي اتابعها سماعيا أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ..
قبل ايام فقط استمعت بدهشة لما كان في زواج ابنة احدى قريباتي لم اتمكن كالعادة من حضوره، فقد احي الحفل الفنان الشاب (طه سليمان) .. رغم ان عدد المدعوين من الاسرة لم يكن يتجاوز الالف، الا ان الحضور تجاوز ذلك الى اضاعف مضاعفة والسبب بكل بساطة هو اسم الفنان، الذي تسبب في اقتحام المكان بواسطة اعداد مهولة من الشماشة ومتطفلي الحفلات حتى لم يعد هناك موقع لقدم .. حلفو قالوا ليك ان شتتو الملح ما بنزل الواطة !!
لم تكن تلك الدفسيبة بالغريبة في الموضوع بل حالة كون أن الطفيلين مقتحمي الحفل كانوا من الجنسين .. اولاد وبنات !!
نعرف ان الشباب (ما عندهم قشة مرة)، ولا يستحي الواحد منهم في الذهاب لحضور حفل زواج صاحب صاحب ود جيران حبوبة خال ود جيرانه، ولكن ان تقشر شابة وتخرج وهي في كامل قواها المكياجية لحضور حفل زواج غير مدعوة له ولا تعرف احدا من اهله دي جديدة وشديدة .. لا وكمان تكابس لمن تصل للمسرح وتراودها نفسها الامارة بالصعود ومقالدة الفنان .. نظام تعبير عن الاعجاب وكدا !!
بفعل هكذا حركات تسببت احدى الشليقات في اصدار قرار بمنع اقامة حفلات التخرج خارج نطاق الجامعات، وذلك عندما راودتها رغبة عارمة في التعبير عن اعجابها بـ شريف الفحيل فقامت بعمته عمتة كاتمة .. سوتها ولم تخاف عقباها !!
اتاريهو، قبل اكثر من عام فرّغت ظروفي وتمكنت من الحضور مع نهاية حفل زواج ابنة احدى صديقاتي العزيزات، فهالتني الكبسيبة الشديدة وحسدت في سري اجتماعيات صديقتي وكراعها الواصلة التي جمعت هذه الحشود لمجاملتها، ولكن زالت الدهشة عندما صدح الفنان وقال بصوت اجش (الجاب لي اخبارو) فهاجت الجماهير الغفيرة وكأنه قد اصابها مس من الجنون .. سألت يومها (دا منو يا خياتي) قالوا لي (ياهو دا احمد الصادق البقولوهو) فحدثت نفسي (كر علي يا ود أمي عندو نزلة وللا مالو حسو مقروش) ؟!!
مخرج:
تتناقل الوسائط الاعلامية الشمارية خبر يفيد باصدار امر قبض في حق مدير اعمال احمد الصادق .. غايتو القصة المنشورة طويلة وملولة كـ لولوة النيل باليل، ولم افهم منها سوى أن الرجل بتهربه من الالتزام بالعقد تسبب في طلاق العريس لعروسه قبل الزفاف، فعندما اخبر العريس عروسته بعدم تمكنه من احضار الفنان المطلوب خايرته الفالحة بين .. (يا احمد الصادق أو تطلقني) فطلقها غير مأسوفا على كسفتها .. غايتو ان صحت الرواية بهذه التفاصيل فلا نقول في مستوى السطحية والخواء الذي اصاب البعض من بنياتنا الا (منه العوض وعليه العوض) ..‬

منى سلمان
[email]munasalman2@yahoo.com[/email]

Exit mobile version