حينما طرح الرئيس الحوار لأجل حل شامل،لم تكن المسألة هي نتاج طبيعي مبني على يقين داخلي أن الوقت قد حان لحل نهائي،بل كان ذلك مضافاً إليه تغييرات كبيرة تشهدها المنطقة تحتم على كل الأطراف التحرك من المربع التي تقف عنده ورغم أن هذه المتغيرات والضغوط الإقليمية لا تزال قائمة وبل متزايدة مع تطور الأوضاع وبروز بوادر أزمة بمنطقة الخليج إلا أن الوضع داخل السودان ارتد بشكل كبير،وعلى عكس تجاه المطلوب،ولا يُمكن استقراء الوضع الداخلي على أساس أنه شأن سوداني خاص،كما لا يُمكن استقراء ما يجري الآن في المنطقة باعتباره شأن داخلي يخص كل دولة،المنطقة كلها تتحرك وتقترب من تحول كبير،بروز تحالفات عربية جديدة كلياً في وجه أخرى قد يغيّر المعادلة التي تسير بها المنطقة الآن،إن سارت إلى نهاياتها أو توقفت،اتجاه السعودية والإمارات الذي بات واضحاً ضد الإخوان المسلمين يقود إلى عدد من السيناريوهات لن تكن في صالح السودان بأي حال،قطعاً ليس لتميّز العلاقات بين السودان والسعودية والإمارات لأن هذه باتت على مقربة من التوتر المعلن،وعملياً العلاقات السودانية السعودية أصبحت في طريقها إلى أن تكون لا علاقات،لكن ما ترجوه السعودية والإمارات من حربها الآن السودان سوف يكون عائقاً حقيقياً أمامه،إن واصل على طريقه،هذا إن لم يكن هو ذاته هدفاً بعد،وسط كل هذا الاحتقان يتراجع الرئيس عن مواقفه الأخيرة،لكن حينما أطلق الرئيس مبادرته كان الظرف خاصاً بالنظر لما يدور إقليمياً،والآن ينهي الرئيس مبادرته في ظرف استثنائي ومختلف،ويبدو أن المصير الداخلي يحدده المصير الخارجي بشكل جلي.
صحيفة الجريدة
ع.ش