الفخ الأمريكي فى مفاوضات أديس أبابا !

[JUSTIFY]بعيداً جداً عن مجريات عملية التفاوض الشاقة، ولا نقول غير المجدية بين الحكومة السودانية وقطاع شمال وما أفضت إليه أو ما قد تفضي إليه فإن من السهل في الواقع إجراء عملية مقايسة بالمقياس الزمني الأمريكي حول المدى الذي تريد واشنطن -ضمن حساباتها الخاصة- أن تستمر فيه المفاوضات قبل أن تفضي الى ما خططت أن تفضي إليه.

أولاً، من المهم جداً أن نتأمل بتركيز كامل شهادة المبعوث الخاص لدولتيّ السودان وجنوب السودان (دونالد بوث) أمام مجلس النواب الأمريكي الأسبوع قبل الماضي حيث أشار الى أن من الضروري الانتظار والمراقبة بعناية لما قد تفضي إليه مبادرة الرئيس البشير بشأن الحوار مع القوى السودانية المختلفة.

وحرص بوث على تضمين عبارة مفتاحيه خطيرة لشهادته حين أكد أن على الخرطوم ألا تنتظر أو تفكر فى أن الولايات المتحدة ستسوِّق لأي عملية سياسية لا تؤدي الى إصلاح حقيقي. ومن هنا يمكن أن نفهم أن واشنطن ستغض النظر فى الوقت الراهن عن الحراك السياسي الجاري داخل السودان بين المكونات السياسية المختلفة وتقف بعيداً وهي تراقبه بعين الصقر فإذا ما تراءى لها أن الجميع توصل الى تفاهم شامل، تسارع بالخروج على الجميع بأن ما تم غير كافٍ فهي تسعى -كما اقترح ليمان من قبل- لتأجيل الاستحقاق الانتخابي المقرر له في العام 2015 لعامين!

صحيح أن هذا لن يتم بطلب مباشر تقدمه واشنطن الى الخرطوم ولكنها وحرصاً منها على مفاوضات أديس أبابا وما تريده من ورائها سوف تعمل على تطويل هذه المفاوضات بالقدر الذي يعرقل مجرد التفكير في قيام الانتخابات العامة فى العام المقبل 2015م.
ثانياً، لن تدع واشنطن مفاوضات أديس تنقضي دون أن تضمن هذه المرة أن بداخلها (أزمة ما) على غرار العديد من الأزمات التى أودعتها بعناية فى صلب اتفاقية نيفاشا 2005 وفي مقدمتها معضلة أبيي المزمنة. وهذا ما يجعل من مجريات المفاوضات فى راهنها الحالي بالغة التعقيد وكثيرة الشد والجذب حتى تضيق بها الحكومة السودانية وتبدأ بالتفكير فى نفض يدها عنها.

ثالثاً، لن تهتم واشنطن بما قد تفضي إليه المفاوضات من إيقاف للحرب فقد أثبتت التجربة أن واشنطن حين تكون فى مسافة قريبة من حل سلمي فى السودان فإنها فى ذات الوقت تكون على مقربة من أزمة جديدة أكثر حِدة، فإذا ما ضمنت واشنطن وجود أزمة أخرى أكثر تفجُّراً فى منطقة أخرى من مناطق السودان فإنها في الغالب لا تدفع بحل ناجز فى المفاوضات الجارية، وفي نموذج نيفاشا بين الشمال والجنوب لم تعمل واشنطن بجدية لوصول الأطراف الى حل سياسي إلا حين تأكدت من أن عود الثقاب فى جيبها بشأن نزاع دارفور، فتوقفت الحرب فى الجنوب لتشتعل على دارفور.

وهكذا، فإن أزمة جنوب كردفان والنيل الأزرق ليست فقط أزمة خاصة بأهل المنطقتين ولكنها أزمة مردها الأساسي أنها أصبحت مادة حية فى يد الدول الغربية وفى مقدمتها واشنطن لكي تبيع وتشتري على أساسها باعتبارها “فيزا كارد”!

سودان سفاري
ع.ش

[/JUSTIFY]
Exit mobile version