نحن الجيل الذي بدا تعليمه ب(ابوكم مين ؟ نميييري) ثم اختتمناه (لن يحكمنا طيش حنتوب) فعلى ايامنا انت طالب جامعي معناه انت معارض الا واصبحت مشكوكا في امرك . فثورة اكتوبر اعطت الطلاب السودانيين وظيفة سياسية محددة وهي معارضة الحكومات الى الاطاحة بها لان تلك الثورة انطلقت شرارتها من جامعة الخرطوم ثم لم يخيب الطلاب الظن بهم فكانت شرارة ثورة ابريل 1985 من الجامعة الاسلامية . طوال سنوات دراستنا كنا عندما نعود من الجامعة لقرانا نسأل (في اجازة ولا الجامعة مكركبة ؟)
خلونا نقفز مباشرة من ذلك التاريخ الي ايامنا هذه ففي الايام الماضية شهدت بلادنا احداثا طالبية مأساوية ففي جامعة الجزيرة مات اربعة طلاب في ظروف لم تنجل بعد وفي جامعة ام درمان الاسلامية اختطف طلاب اربعة زملاء لهم كرهائن ورد على ما حدث في مدني فقام رهط المخطوفين بحرق الداخلية لاخراج الرهائن ثم وقعت الصدامات التي جرح فيها مائة طالب وفي جامعة الامام المهدي قام طلاب كلية الاداب بصب البنزين على عميدهم واشعلوا النار فنجى باعجوبة وبين هذه الثلاثة احداث وقبلها وبعدها وقعت المئات من الحرائق والجراح فالسؤال الذي يفرض نفسه ماذا دها الحياة الطالبية لتخرج من التظاهر والمواكب المنادية بسقوط الانظمة الى الحرب الداخلية الطالبية ؟
ان الاجابة على ذلك السؤال تفترض بحثا وتقصيا علميا موضوعيا ولكن هذا لايمنع من ابداء بعض الملاحظات عسى ولعل ان تسهم في تعبيد الطريق نحو الاجابة الموضوعية فقد لحظت بحكم عملي في الجامعات ان معظم الطلاب منصرفون عن السياسة وان اركان النقاش اصبحت قليلة الحضور رغم الساوند سيستم واشعار الحماسة من الجانبين وهذا قد يرجع لظروف موضوعية منها ان طلاب القبول الخاص يريدون اكمال سنواتهم باعجل ما تيسر ومغادرة الجامعة لا بل طلاب القبول العام ونتيجة لتكلفة الدراسة المرهقة مع رقة الحال اصبحوا هم الاخرون على عجلة من امر التخرج . الجامعات الخاصة تمنع ممارسة السياسة داخلها . اغلاق الداخليات اصبح عقوبة قاسية للطلاب لذلك يتحاشى الطلاب الاضرابات
الطلاب الذين يمارسون انشطة سياسية على قلتهم يظهرون وكانهم محترفون لهذا النشاط ولايمارسونه كهواية او ان حزابهم تعتبر ان هذا النشاط تدريب لهم . عليه اصبحت الفئة السياسية من الطلاب منعزلة عن القاعدة التي ادمنت التفرج على الصراع بين الطلاب المسيسين . هؤلاء الطلاب المسيسون يعرفون بعضهم البعض وبالتالي كثر الاحتكاك بينهم فكان لابد من ان يتصاعد ويصل تلك المراحل الدامية لقد اصبحوا عقارب مقفولة داخل زجاجة تتصارع في يأس عن القاعدة المنصرفة عنهم لذلك تحدث لعبة الموت
اذا صح ما ذهبنا اليه من تشخيص يصبح العلاج في السياسة نفسها اذ لابد من اشاعة الوعي السياسي بين الطلاب لابد لهم من الانشغال بالسياسة كهم عام وهواية مضافة لتحصيلهم الاكاديمي لان هذه تربية وطنية في غاية الاهمية فاذا اتسعت القاعدة السياسية في الجامعات فسوف تحتوي التطرف لانها سوف تصبح هي المرجعية للناشطين السياسيين . لابد للاحزاب ان تعطي طلابها حرية اتخاذ سياسات داخل الجامعات تنبع من قدراتهم وقناعاتهم وليس بالضرورة ان يكونوا اصداء لصوت الحزب الخارجي .وهذا يمكن ان يبدا بتغيير طريقة انتخابات الاتحادات وللبروفسير عبد الملك محمد عبد الرحمن مدير جامعة الخرطوم السابق دراسة بها مقترحات قيمة في هذا الشأن يمكن تبنيها . على العموم الشغلانة محتاجة لوقفة.
حاطب ليل- السوداني
[email] aalbony@yahoo.com[/email]