وفيما يلي تورد(سونا) نص البيان :
بيان من وزارة الخارجية بشأن التقرير السنوي
الأمريكي عن أوضاع حقوق الإنسان في العالم
أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم الخميس 27/ فبراير 2014م تقريرها السنوي عن أوضاع حقوق الإنسان والحريات الدينية والإتجار بالبشر في العالم ، شمل التقرير أوضاع حقوق الإنسان في السودان ، ومما يدعو للأسف أن تقريراً صادراً من أحدى أهم مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة يكون مفتقراً للمهنية بعيداً عن الموضوعية مجافياً للحقيقة ، يعتمد مصادر مجهولة ويلوي عنق الحقائق لتتسق مع موقف سياسي ثابت ضد السودان مستمر منذ ما يزيد عن العقدين من الزمان .
إستهل التقرير تغطيته للسودان متناولاً الإنتخابات العامة التي أجريت في عام 2010م ليعيد تكرار حديث مغلوط درج عليه لثلاث سنوات سابقة مشككاً في نتائج الإنتخابات التي إعترفت بها حكومة الولايات المتحدة والأمم المتحدة والجامعة العربية والأتحاد الأفريقي. ورغم تصنيفها ضمن الإنتخابات الأكثر تعقيداً إلا أنها حُظيت بدرجة عالية من الإعتراف، وهي ذات الإنتخابات التي وصل عبرها الرئيس الحالي لجنوب السودان وحكومته للحكم فما الذي جعل مشروعية الحكومة السودانية منقوصة ومشكك بها ولا يسري ذلك على الطرف الآخر،ولكنها سياسة الكيل بمكيالين التي جعلت الولايات المتحدة تفقد كل صباحٍ صديقاً وتخسر الكثير من الإحترام الذي كانت تتمتع به .
ان الحديث عن تجاوزات لقوات الأمن والجيش في مناطق النزاعات هو مما تكرر زعمه من إتهامات أثبتت عدم مصداقيته تقارير بعثة الأمم المتحدة العاملة في السودان يوناميد ( UNAMID ) والعديد من المنظمات الدولية والوطنية العاملة في السودان، كما أن تشكيل محكمة جنائية برئاسة مدعي عام خاص بالجرائم ضد الإنسانية وجرائم حقوق الإنسان في دارفور وصدور أحكامها المعروفة والمنشورة ومحاكماتها المفتوحة ورفعها للحصانة عن عدد من الأشخاص ومحاكمتهم بأحكام وصل بعضها للإعدام. الذي نفذ بحق من أدينوا، ذلك فضلاً عن إتاحة الحصول علي المعلومات للجميع. و وزارة الخارجية الأمريكية كان يمكنها الحصول على هذه المعلومات من الصحف السودانية إن كانت متكاسلة عن الوصول إلي المحاكم والإطلاع علي صحيفة الأحكام القضائية الدورية المتاحة للراغبين.
تناول التقرير السجون السودانية ومراكز الإعتقال والإحتجاز وأورد ادعاءات بأصناف من الإساءات تمارس ضد المعتقلين. وتكفينا للإجابة على ذلك شهادة الخبير المستقل لحقوق الإنسان في السودان الذي زار البلاد مؤخراً وأشاد بأوضاع السجون السودانية. كما أن الأنتربول والمؤسسات الشرطية التابعة للجامعة العربية والأتحاد الأفريقي قد اقرت بأداء ومهنية الشرطة في السودان التي تعد من أعرق المؤسسات في أفريقيا والشرق الأوسط وقد تجاوز عمرها المائة عام، وهي مؤسسة منفتحة وتشرف علي تدريب ودعم عدد من أجهزة الشرطة في الإقليم. كل ذلك يدحض ما ورد في التقرير من إتهامات سيقت جزافاً.
ونحن إذ نعرب عن أسفنا علي المنهج المعيب في مثل هذه التقارير التي درجت الإدارة الأمريكية عبر مؤسساتها المختلفة على إصدارها .. نعلن أن السودان بلدٌ حرٌ ذو سيادة ، يعد مجتمعه من أكثر المجتمعات تماسكاً ، وهو من الدول الأقل في معدلات الجريمة حسب التقارير الموثوقة لعدد من المنظمات المحترمة والمهنية ، وهو مفتوح أمام من يرغب في الحقيقة ومن يرغب في الإستفادة من تجربته المتفردة كبلد بدأت الحرب الأهلية فيه قبل أن ينال إستقلاله وفي ظل إحتلال ثنائي ( إنجليزي / مصري ) لتستمر منذ 1956م حتى العام 2005م التي إنتهت بتوقيع إتفاقية السلام السودانية التي نالت إحترام وتقدير المنصفين في العالم ، حيث أبرمتها حكومة السودان طوعاً بحثاً عن السلام وحقناً للدماء. وحينما أختار مواطنوا جنوب السودان الإنفصال في إستفتاء حرٍ نظمته ذات الحكومة التي يشكك التقرير في مصداقيتها بادرت حكومة السودان بالإعتراف بنتائجه وبدولة جنوب السودان الجديدة. فهل كان الأولى بذل الجهد لتزوير إرادة الشعب في إنتخابات رئاسية أم تزوير إرادة الشعب للحفاظ على وحدة ترابه ؟؟؟.
اما بشأن المرأة فإنها تمثل (41%) من جملة العاملين بسلك المحاماة في السودان، وهناك ثمانون (80) قاضية ضمن قضاة المحكمة العليا، وتولت سيدة منصب رئيس محكمة الإستئناف العليا. كما أن أحد أبرز أعضاء المحكمة الدستورية سيدة وهي أعلي محكمة في السودان ، بل أن أول قاضية في أفريقيا والشرق الأوسط كانت سيدة سودانية وهي كذلك أول قاضي محكمة عليا منذ عام 1976م. كذلك تمثل النساء أكثر من (36%) من وكلاء النيابة العامة في السودان ولقد تعاقب على منصب مستشار رئيس الجمهورية للشئون القانونية لأكثر من عقدين سيدتين قانونيتين متميزتين كانت إحداهما رئيس محكمة الإستئناف العليا، و(82%) من القوة العاملة في النظام المصرفي ووزارة المالية والإقتصاد السوداني سيدات وأكثر من (60%) من طلاب التعليم العالي فتيات. وقد حصلت المرأة في السودان منذ الخمسينات علي الأجر المتساوي والمعاش المتساوي في العمل. وهي تمثل (25%) من نواب البرلمان وهناك (9) وزيرات في الحكومة الإتحادية فضلاً عن العديد من السيدات في الحكومات الولائية، فكيف يستقيم عقلاً الحديث عن عنف وتمييز ضد المرأة وهي بهذه الحيوية والفاعلية والإنتشار والمشاركة في الحياة العامة .
إن السودان ليفخر أنه وبرغم ظروف الحرب والحصار الإقتصادي والعقوبات الأحادية التي تمارسها ضده حكومة الولايات المتحدة إلا أنه الأفعل في الإقليم في محاربة الإتجار بالبشر وهو دولة عبور طوال تاريخه القديم والحديث يربط بين شمال وجنوب أفريقيا وشرقها وغربها، ولكنه يستشعر المسئولية الأخلاقية في محاربة هذه التجارة التي تستهدف الشباب والنساء والأطفال بالحد الأقصي الذي تسمح به إمكاناته المحدودة، ويواجه قوافل هذه التجارة المشينة العابرة لأراضيه التي أعادت للأذهان رحلات العبيد خلال المحيط الأطلسي في القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر، وقد أصدرت الدولة قانوناً يحرم الإتجار بالبشر وصلت العقوبة فيه للإعدام. وليس من التجار أو الضحايا سودانيون وهو أمر معلوم حتي لسفارة الولايات المتحدة بالخرطوم .
إن سجل الولايات المتحدة الملئ بالجرائم ضد الإنسانية والمتخم بإنتهاكات حقوق الإنسان من هيروشيما ونجازاكي إلى فيتنام، مروراً بالعراق الذي قتل فيه أكثر من مليون ونصف برئ، وكذلك أفغانستان وما يشهده العالم بصورة مستمرة من القصف الجوي العشوائي الذي قتل فيه وما يزال يقتل الألاف في أفغانستان وباكستان مخلفاً ألاف الأيتام من الأطفال والأرامل والدمار حيث مسحت قرى بكاملها من الوجود .
أن سجون غوانتانامو وبإغرام وأبو غريب وغيرها وماحدث فيها مما يندي له جبين الإنسانية وتنفر منه الفطرة السليمة، يجعل الولايات المتحدة غير مؤهلة للحكم علي الأخرين .
إن ضحايا الحصار الأمريكي والعقوبات الأحادية والتدخلات الأمريكية في السودان هو الشعب بأكمله، حيث يموت العديد من المرضي بسبب أدوية أمريكية ممنوعة عن السودان ، أو ضحايا سقوط الطائرات لإمتناع الشركات الأمريكية عن توفير قطع الغيار للطيران المدني أو تعطل السكك الحديدية لعقدين من الزمان لذات السبب الأمر الذي حرم الفقراء من أرخص وسيلة للتنقل، بل وأمتدت العقوبات حتى لمنع الطلاب والأكاديميين السودانيين من الإستفادة من الخدمات العلمية عبر مواقع الأنترنت. إن العقوبات الأحادية الأمريكية هي شكل من أشكال العقوبة الجماعية لأسباب غير مبررة وغير موضوعية، إذ لا يعقل أن تعبر الولايات المتحدة عن الحرص علي حقوق الإنسان في السودان وهي تنتهكها كل يوم عبر إستخدام سلاح العقوبات الجائرة ، وليس هناك أحرص علي السودان من السودانيين ولا من هو أكثر إهتماماً من الحكومة المنتخبة بشعبها .
سونا
[/JUSTIFY]