سفير اليابان في السودان: *اليابان تؤكد قناعتها التامة وثقتها في مستقبل السودان

السودان واليابان بينهما علاقات متينة ومستمرة ورغم البعد الجغرافي بين الدولتين ما تزال الجهود الرسمية والشعبية بالبلدين تسعى في تعاون وثيق للمضي قدما بهذه العلاقة المتميزة.
ومن هنا أجرت وكالة السودان للأنباء حوارا مع السيد ريويتشى هوريى سفير اليابان فى السودان لتسليط الضوء على مستجدات العلاقة بين الدولتين ودور اليابان في إرساء قواعد السلام والاستقرار فى المنطقة فالى مضابط الحوار:-

ِس: سعادة السفير هوريى …هل لكم أن تحدثنا عن مستقبل العلاقات بين الدولتين؟
ج: العلاقات بين البلدين جيدة ومتطورة. احتفل السودان في يناير الماضي بالذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال وان كانت تواجهه بعض التحديات فاليابان تؤكد قناعتها التامة وثقتها في مستقبل السودان و عدد مقدر من اليابانيين يؤمنون بان المستقبل لأفريقيا والسودان وهو كفء لذلك بما لديه من أراضى خصبة شاسعة وموارد طبيعية غنية.. لنعمل معا من اجل سودان يتميز بالازدهار و لكي نخطو نحو علاقة تعود بالنفع على الدولتين اليابان و السودان عبر تناول مختلف المواضيع التي تواجه السودان ولن تدخر اليابان وسعا أمام تحقيق ذلك.
اليابانيون يحترمون الجهود الشخصية التي تنبع من الفرد نفسه لا المال أو الأشياء ويقدرون كذلك التعاليم التي تشجع الفرد ليؤدى دوره دون تعليمات وتلك هي الموارد الثمينة. ووفقا لهذه الفلسفة نحن نؤمن أن مفتاح النجاح وتحقيق المزيد من التنمية الاجتماعية والاقتصادية هو بناء القدرات وتقوية الأفراد في كل الدول بما فيها السودان. ولذلك تبذل اليابان قصارى جهدها لتشرك شعب ودولة السودان في المعرفة والتكنولوجيا والخبرة اليابانية خاصة الشباب والنساء عبر مختلف البرامج والمشاريع. وأتمنى أن تمضى العلاقة بين اليابان والسودان قدما من ” صديق وشريك متساو” إلى ” شريك حقيقي” وتكون مثال يحتذى في أفريقيا.

س: ما حجم المساهمة التي تقدمها اليابان للسودان فى مجال المساعدات الإنسانية؟ وما هي آليات التعاون مع القطاع الحكومي؟
ج: الأوضاع من حولنا في العالم تتغير كل يوم ونحن وسط هذه التحولات الدراماتيكية نوظف برنامج مساعدات التنمية الرسمية اليابانية” ODA ” وهى احدي قنواتنا الدبلوماسية التي يدعمها دافعو الضرائب من شعب اليابان لمعالجة المشاكل التي تواجه الدول النامية، ومن بينها السودان، بشكل استراتيجي وفعال وفقا لاحتياجات كل دولة.
الالتزام القوى لليابان تجاه السودان يبرز بصورة جلية فى المساعدات المتواصلة عبر برامج ومشاريع “ODA ” والتي تقدر قيمتها بأكثر من 1.2 مليار دولار أمريكي منذ العام 2005 عبر قنوات ثنائية وأخرى متعددة الاطراف. وهذا يتضمن 56 منحة مساعدة ، 53 مشروع عبر مساعدات فنية( (GGP ) برنامج المنح المقدمة لمشاريع الأمن البشري الأهلية ، مساعدات مالية، إرسال أكثر من 600 خبير ياباني و32 متطوع من المنظمة اليابانية للمتطوعين عبر البحار الى السودان و قبول حوالي 1.450 من السودانيين للتدريب في اليابان. بالإضافة إلى ما يوفره برنامج مساعدات التنمية الرسمية فان شراكتنا تمتد إلى مجالات الثقافة، الرياضة، التعليم ، التجارة والاستثمار مع كل من القطاع الخاص والحكومي.

س: سعادة السفير … حدثنا عن الدعم الذي تقدمه اليابان لمنظمات ومؤسسات المجتمع المدني؟
ج: للتصدي بفاعلية للقضايا إلتى تواجه الدولة المستقلة، من المهم أن تلتقي كل الجهات على اختلافها وان تتحمل مسئولية تناول هذه القضايا وهذا لا يعنى الحكومة المركزية فقط بل يشمل كذلك الحكومات في الولايات، المنظمات غير الحكومية، الشركات الخاصة والافراد. اليابان تدرك الدور الريادي للمنظمات الغير حكومية فى البلاد للنهوض بالتمنية المستدامة لذلك نوفر مساعدات مختلفة تشمل منح المساعدات اليابانية للقواعد المجتمعية والأمن البشرى للمنظمات غير الحكومية المحلية والعالمية التي تعمل بفاعلية في أنشطة تستهدف التنمية الاقتصادية والاجتماعية في السودان.
برنامج اليابان للمنح المقدمة لمشاريع الأمن البشرى الأهلية” GGP ” مصمم أساسا للمنظمات غير الحكومية ولدعم المشاريع الاقتصادية- الاجتماعية للقواعد المجتمعية والتي تعالج الاحتياجات الأساسية للفرد على سبيل المثال الصحة، مياه الشرب و الصرف الصحي، التعليم ،مهارات التنمية ، ووسائل أخرى لزيادة الفرص للافراد. سفارة اليابان في السودان توافق وتمول بعض المشاريع التي تقدمها منظمات المجتمع المدني كل عام ووفقا للشروط التي يضعها عقد المنحة بالتفاهم المشترك بين السفارة والمنظمة المستفيدة. عقد المنحة يشترط على المنظمة المستفيدة التأكيد على استدامة المشروع من خلال المتابعة المستمرة والالتزام بالإجراءات المالية المحددة للوفاء بالمسئولية والشفافية للمال للشعبين في السودان واليابان وكذلك للرصد والإشراف على عمل القائمين بهذه الخدمات عبر التمويل الياباني لضمان الجودة في العمل. الان هناك ثلاث منظمات يابانية غير حكومية تعمل الى جانب حكومة السودان والجمعيات غير الحكومية الوطنية. وحكومة اليابان تدعم أنشطتهم لتحقيق مستقبل أفضل لشعب السودان.

س: ما هي المشاريع التي تمولها اليابان في الوقت الحالي بالسودان؟
ج: في البدء أود التوضيح أن هناك قناة ثنائية وقناة متعددة الأطراف لتقديم المساعدات.لاالأولى توجه في الغالب من حكومة اليابان إلى حكومة السودان مباشرة و الثانية المساعدات المتعددة الأطراف تتوفر عبر المنظمات العالمية. اليابان تقدم مساهمات كبيرة ومقدرة لهذه لمنظمات بما فيها اليوناميد والاتحاد الأفريقي إلى جانب ذلك نحن نجدد دعمنا عبر المساعدات الطوعية للسودان تحديدا كل عام.
وفى إطار المساعدات الثنائية تم الشهر الماضي تبادل وتوقيع مذكرة منحة بحوالي1.540 مليار ين ياباني( حوالي 15 مليون دولار أمريكي) مع السيد بدر الدين محمود عباس وزير المالية لتمويل مشروع “إدارة النفايات الصلبة في ولاية الخرطوم”. ويشمل المشروع توفير 80 شاحنة لجمع النفايات، 3 جرا فات ، 2 حفارة آلية وتشييد عدد من الورش المجهزة تجهيزا كاملا. والمشروع يحتاج إلى قدر من المسئولية والمبادرة والهمة العالية من الشعب السوداني. وهذا بسبب أن العديد من المشاكل البيئية التي تحيط بولاية الخرطوم، مثل التخلص أو الحرق غير القانوني والصحي للنفايات وكذلك نقص وسائل التدوير الأمثل لهذه النفايات، يجب أن تحل عبر السودانيين بأنفسهم.
وفى ما يتعلق بالمساعدات متعددة الأطراف فقد وفرت اليابان 25.2 مليون دولار أمريكي في فبراير الماضي لدعم 10 منظمات دولية تعمل في المجالات الإنسانية والتنمية واليابان لديه عدد من المنظمات الدولية لدعم المنظمات والتي يمكنها أن تعكس بدقة سياسة اليابان في المساعدات بالتعاون مع حكومة السودان. وبالتالي يمكن القول “إننا نستطيع أن نحقق الكثير من الانجازات مع بعضنا البعض” بالإضافة إلى أن اليابان تعمل من اجل أن تساهم المصادر المختلفة للقنوات الثنائية والمتعددة في تنمية السودان جنبا إلى جنب مع البرامج الإنسانية.

س: ختاما سعادة السفير … على الصعيد السياسي كيف تنظرون الى الصراع الحالي في دولة جنوب السودان وأثره على السودان والدول المجاورة في المنطقة؟
ج: نحن قلقون جدا لما يحدث هناك. من المؤلم جدا أن ترى من كانوا يسعون بكل جهد للحصول على الاستقلال يقاتل بعضهم البعض. وهذا سيجلب المزيد من الدمار للدولة الجديدة في الوقت الذي كان يفترض فيه أن يكرسوا كل هذا الجهد لتطوير وتنمية البلاد. اليابان قدمت مساعدات لبناء هذه الدولة من اجل أبناء جنوب السودان ولا أود أن ” أرى تلك الجهود وهى تهدم “.
” الحل العسكري لا يحل هذا الصراع” بل يجب أن يكون هناك “حل سلمى” نحن شجعنا اتفاق وقف العدائيات في يناير الماضي واليابان تؤيد جهود وساطة الإيقاد الحالية والسودان عضو هام في هذه الوساطة ويسعدني أن أرى جهود السودان الكبيرة في هذا الإطار.
كذلك نحن قلقون للآثار السلبية التي نجمت من هذا الصراع على الدول المجاورة فى المنطقة وخاصة السودان. هناك الكثير من الأمور المشتركة بين السودان وجنوب السودان فالبلدين يمكنهما الاستفادة من المصادر الطبيعية والتجارة ” وأنا أؤمن بعلاقة سلام وازدهار بين البلدين” ، اليابان قدمت وسعت من اجل هذه العلاقة ومستعدون للعمل من اجل تحقيق ذلك الهدف. نحن نلحظ ان هناك بعض الجهود في إطار اتفاق التعاون ونأمل في استكمال هذه العملية.لا احد ينكر أن السودان هو اقرب الدول إلى دولة جنوب السودان والدولتان لهما تاريخ واحد والشعبان يعرفان بعضهم جيدا. وأنا اجزم أن السودانيين هم أفضل من يستطيعون أن ينصحوا أخوتهم الجنوبيين للخروج من هذه الأزمة. السودان يمكن ان يكون مصدر استقرار للمنطقة والسودان يحتاج أن تكون له علاقة طيبة مع جنوب السودان كما له مصالح مشتركة هامة في الموارد الطبيعية والتجارة واليابان مستعدة لتطوير هذه العلاقة إلى الأمام.
حوار : بلقيس عثمان فقير
الخرطوم، 3-3-2014-(سونا)

Exit mobile version