وأشار استروفسكي إلى أن عرمان طرح العديد من التساؤلات حول اختفاء جون قرنق. وأضاف: إنه تأثر كثيراً حينما أخبرناه أنه قد سبق تهديد قرنق بالقتل عام 2003م، وعندما ترجمت له نص كتابنا الذي يحوي تحذيرات لجون قرنق بشأن محاولة اغتياله في يناير 2003م، لزم عرمان الصمت وتأكد له أن قرنق قد صُفي، وانفعل قائلاً: يجب العثور على المسئول عن موت قرنق، ومعرفة أسباب ذلك، ثم أضاف قائلاً: يجب أن نلتقي مجدداً للحديث بروية عن موت قرنق. وأجبته بأن هذا الموضوع حساس لدرجة أنه لا يجب إثارته أمام طرف ثالث، ولا يمكننا التحدث فيه إلاّ وجهاً لوجه. وبعد أيام سألني ياسر عرمان قائلاً: من قتل قرنق؟ وكان هذا السؤال يقلقه دون شك.
وأشار زقموند استروفسكي أن ياسر عرمان تحدث للمرة الثانية عن موت قرنق، وأثار بعض التفاصيل عن سفره الأخير قائلاً: بالفعل لم يكن هناك مخطط للرحلة قبل مغادرة قرنق ليوغندا. وقد كان قرنق معتاداً على إلقاء تعليماته في الدقائق الأخيرة فيما يختص بوجهة رحلته. وفي ذلك اليوم لم يرغب قرنق في مواصلة الطيران حتى نيوسايد. وقد رأى أحد الأشخاص طائرة أخرى بالقرب من مروحية قرنق اليوغندية على خط السير نفسه، فهل استطاعت تلك الطائرة إرسال أشعة ليزر في اتجاه المروحية اليوغندية التي أودى تحطمها بحياة قرنق؟
ويضيف استروفسكي أنها حسب رؤية ياسر عرمان فمن الغريب أن يكون آخر نقاش بين قرنق والرئيس اليوغندي يوري موسيفيني حول جيش الرب ووجوده في الاستوائية بجنوب السودان، وذلك لأن هذا الموضوع نوقش من قبل وتم الاتفاق حوله بين قرنق وموسفيني. وعندما سألت عن الغرض إذن من تلك الرحلة، ظل ياسر عرمان صامتاً، ثم قال إن العديد من الأسئلة تظل دون إجابة.
وذكر إستروفسكي: أنه خلال آخر جولة في مفاوضات نيفاشا نهاية ديسمبر 2004م منعنا حرس جون قرنق من لقائه بحجة أن برنامجه حافل، فهل كان في نيتهم عزل زعيمهم حتى لا يتعرض لأي تأثير؟ وعلى كل فبعد الظهر أتى جون قرنق لتحيتنا وتبادل وجهات النظر حول مستقبل السودان، وطلب منا التوجه لياسر عرمان لمعرفة المزيد من التفاصيل حول رؤيته السياسية مشيراً إلى أنه سيكون أفضل من يستطيع الحديث عن ذلك. و بعد ساعات شرح لنا عرمان رؤية قرنق التي يدافع عنها، وهي رؤية حول سودان موحد وديمقراطي، وقد بدا ياسر عرمان فخوراً بخدمة سيده، و أكد لنا أنه يلزمنا مائة عام حتى يأتي رجل مثل جون قرنق!!
وأشار استروفسكي الى ان علاقات جون قرنق ببعض جنوده كانت قد ساءت وقد حاول سلفاكير الابتعاد، ولذا وجب تنظيم اجتماع رومبيك أواخر عام 2004م لوضع حد لسوء التفاهم، وإرجاع سلفاكير للقيادة العليا للحركة الشعبية والجيش الشعبي آنذاك. وبعد التصريحات المريبة حول موت قرنق نُشر التقرير السري لاجتماع رومبيك الذي دار في 29 نوفمبر 2004م. وكما ورد في ذلك التقرير فقد أختتم الاجتماع بواسطة رياك مشار وذلك بحضور قواد الحركة الشعبية وقواد المجتمع المدني في جنوب السودان ود. جون قرنق. وكان الغرض من ذلك الاجتماع إسكات ا لشائعات والاتهامات الموجهة من الحركة الشعبية والجيش الشعبي، وبخاصة تلك التي تتعلق بطرد سلفاكير ميارديت وإستبداله بنيال دينق نيال.
وكما ذكر التقرير فقد أنكر جون قرنق قيامه بعقد اجتماع في نيروبي بتاريخ 14 نوفمبر 2004م بغرض استبدال سلفاكير بنيال دينق، كما أنكر أيضاً إعطاء الأوامر للقائد بينغ في كمبالا باعتقال سلفاكير. أو أوامر أخرى للقائد ملوال مجوك بالذهاب الى رامسفيل بحثاً عن مساندة بغرض إلقاء القبض على سلفاكير في ياي. وأكد قرنق حينها أن مجمل الأمر كان مجرد أكاذيب ومحاولات دعائية.
ويشير استروفسكي الى أن الغرض من اجتماع رومبيك المشار إليه كان هو حل المشكلات الداخلية في الحركة الشعبية، ويضيف ان جون قرنق أراد مقابلة سلفاكير من أجل إنهاء أي سوء تفاهم، ومن أجل أن يناقشه بشأن مفاوضات السلام ولكن سلفاكير لم يذهب إلى نيروبي من أجل التصالح مع جون قرنق كما تمنى كول مانيانق ودينق ألور حينها. وأكد سلفاكير من جانبه أنه لم يمتنع عن الذهاب إلى يرول بناءً على دعوة قرنق بسبب شائعات القبض عليه آنذاك.
ويشير التقرير السري لاجتماع رومبيك إلى أن سلفاكير أنكر التهم الموجهة ضده والتي تقول إنه كان يعارض عملية السلام، وفي المقابل اتهم سلفاكير جون قرنق بعدم تسليمه مقاليد الحركة في فترات غيابه، وبتدمير المجلس التنفيذي القومي في الحركة بإنشائه لمجلس الزعماء الذي أحكم سيطرته عليه، كما اتهمه أيضاً بالفساد، وبأن حركته تفتقر إلى البنية الإدارية، وكذلك اتهم سلفاكير جون قرنق بقيادة الجيش وحده، واعتبار الحركة الشعبية ملكاً خاصاً. وقد كانت قائمة الشكاوى طويلة. ولم ينشر هذا التقرير من قبل فلم نُشر بعد 22 شهراً من موت قرنق؟ وهل كان شبيهاً بالذي كتب في اجتماع رومبيك؟ وإذا كان هناك بالفعل متآمرون – فعلى من يعتمدون كدعم خارجي وعلى أي قوى عظمى؟
هذه هي النصيحة التي لم يستجب لها ياسر.
صحيفة الإنتباهة
ع.ش